Translate

السبت، 28 أبريل 2012

هل يقود دحلان التيار الثالث؟ نظرة تحليلية للواقع الفلسطيني

التاريخ: 2012-04-28 01:04:41

سميح خلف

أصبحت الساحة الفلسطينية، بل الكينونة الفلسطينية برمتها تمر في حالة عدم تمثيل حقيقي لمطالب الشعب الفلسطيني الذي مازال هو تحت الإحتلال.

هناك قوتين تستحكمان بالواقع الفلسطيني وبالتحديد عن طريق المال السياسي المدعوم من قوتين متناقضتين على ساحة الشرق الأوسط، الغرب وإسرائيل من ناحية، وإيران وبعض من دول الخليج ذات العلاقة من ناحية أخرى، ولكلا الطرفين آثارهما المدمرة.

هناك مماحكات بين طرفي الصراع في الساحة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وغزة، أما الجزء المجمد في الخارج فللآن لا هوية سياسية له بعد وأد منظمة التحرير ومؤسساتها ولم يبقى لها إلا المنشيت التذكاري.

إذا ما قبلنا فكرة الإنتخابات وفكرة السلطة التي قال عنها الرئيس الفلسطيني عباس بأنه لا وجود لها نتيجة ممارسات حكومة نانتنياهو وبعض من اليسر أبان حكم كاديما، فكلا الطرفين يعلم أنه إذا ما حدثت إنتخابات فإن كلا الطرفين هم في تراجع في الشارع الفلسطيني لمعطيات سياسية واقتصادية وأمنية وبشكل محدد أيضا قصة الحريات العامة في كل من الضفة وغزة.

بعد أن فشلت المعارضة الفلسطينية على توسيع رقعتها في تحقيق أهداف وجود تيار ثالث يدخل الساحة الفلسطينية بمنطقها وببرنامج مرحلي للخروج من الأزمة الفلسطينية، هذا الفشل لقوى المعارضة الفلسطينية لم يأتي من قصور في طاقاتها وطاقات كادرها أو تجربته أو تاريخه النضالي، بل كان الفشل لأسباب موضوعية انعكست على الوضع الذاتي لكينونة الشعب الفلسطيني وقواه.

وإذا ما أخذنا في الحكم المؤثر كينونة المال السياسي الذي يتحكم في الساحة الفلسطينية وفي قواها فإن المعارضة الفلسطينية هي يتيمة ولا أب لها إلا الوطن والشعب، هذا الشعب الذي يبحث عن قوت يومه وعن راتبه آخر الشهر المعروف المصدر، ولذلك فشلت المعارضة الفلسطينية في بلورة وعاء شامل من خلاله يستطيع مخاطبة القوى الدولية والإقليمية وليخلق واقع جديد متكافئ أو فوق المتكافئ مع قوى سئم منها الشعب الفلسطيني في كل من الضفة وغزة.

الحال الفلسطيني بوضعيته الحالية حال جامد الأفق متعثر الخطوات مبتكر الرغبات في اتجاه تكريس هذا الجمود وهذا الواقع على الشعب الفلسطيني.

تمخض عن الصراع في داخل حركة فتح قديماً كان يتجه بين اتجاهين، اتجاه يسلخ حركة فتح من هويتها النضالية والتحررية ويتجه إلى ذوبانها في حزب وسلطة ومؤسسات وتيار آخر استطاعت إسرائيل وقوى أخرى فلسطينية تصفيته وهو المتمسك بجذور حركة فتح وأهداف ومبادئ انطلاقتها، بقي هذا الحال إلى عقد اتفاق أوسلو في أوائل التسعينات وجذوره من أواخر الثمانينات وبالتالي اتجهت الساحة الفلسطينية وحركة فتح بالذات للدفاع عن نفسها وعن كينونتها أمام مصادرة هويتها النضالية عن طريق اتفاق منح إسرائيل 82% من أراضي فلسطين وأعطاها الأمن والأمان على حدودها ومستوطناتها من خلال برنامج معروف للجميع، لا قتال، لا كفاح مسلح، لا عمليات عسكرية ضد المستوطنات، حتى الخاضعة للتقسيم الجغرافي للضفة الغربية.

وكان اللقاء بين تيار الكفاح المسلح وبين التيار المقتنع بالحل المرحلي في السبعينات الذي كان يطمح لإقامة دولة محررة على أرض فلسطين بعد أن أكل الطعم ومضت منظمة التحرير وقيادتها من تنازل إلى تنازل إلى أن غطت مستوطنات العدو الصهيوني مساحات شاسعة في الضفة والغور وقطاع غزة محاصر لا يمتلك الإرادة سوى الإرتباط الجذري مع الإقتصاد الصهيوني في كل من غزة والضفة أيضاً.

حاول تيار رام الله إقصاء التيار الموحد في حركة فتح ضد نهجها ومن خلال كوادر وقيادات بارزة كانت تختلف في السلوك والممارسة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو سلوكية مع ما تمخض عنه ما يسمى المؤتمر السادس لحركة فتح، ووصول قيادة فئوية حاولت أن تصفي قيادات حركة فتح في غزة من خلال برنامج سلمت فيه غزة لقوة سياسية إسلامية تمنع الحريات والشعائر التنظيمية إلى تصفيات تنظيمية من خلال قرارات أعدت وبرامج أعدت لإنهاء وجود قيادات فاعلى في الاطار الفتحاوي الموحد، ولأن إطار غزة سيؤثر في المعادلة بل سيقلب المعادلة ان توفرت له شروط العمل الحركي الحر نحو المتجهات الوطنية سواء كانت مرحلية أو استراتيجية.

حاولت اللجنة المركزية عن طريق التدوير والتحوير والفصل والإبعاد الحفاظ على ذاتها وعلى برنامجها في توافق غير مباشر مع قوى حماس في داخل قطاع غزة للقضاء على تيار حركة فتح الواعد والصاعد، وأخيراً كان القرار بتشكيل قيادة عليا بعيدة كل البعد عن القاعدة الفتحاوية وقيادة تمتزج توجهاتها مع ترسيخ وجود حماس السياسي والسلطوي على قطاع غزة.

بلا شك أن اللجنة المركزية لحركة فتح في رام الله تعاني من الضعف الشديد وهذا يبرز من خلال ما أقره مؤتمرها من مقاومة شعبية محسوبة تثير فيها الشارع الفلسطيني لاسترداد جزء من كرامتها المهدورة، وهذا لم يتحقق ولأن مركزية فتح في رام الله لا تمتلك الشجاعة ولا الكفاءة ولا التأثير على الشارع الفلسطيني وخاصة الفتحاوي.

اللجنة المركزية تغمض عينيها على الواقع بأن هناك تيار ثالث يبحث عن من يحقق له طموحاته بقدرة واقتدار للمضي قدماً في منهجية التغيير الرافضة لكل ما هو واقع على الساحة الفلسطينية من قوتين أعتقد أنهما مغتصبتين للطموح الفلسطيني والواقع الفلسطيني.

لا نتدخل كثيراً، لا من قريب ولا من بعيد في هوية عمل القيادي وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح إلا من خلال البحث المنطقي في طبيعة الصراع والتناحر في الساحة الفلسطينية وإلى أين يتجه، ولكن نقول هل بإمكان القيادي محمد دحلان أن يبلور التيار الثالث لحركة فتح والشعب الفلسطيني الذي فقد الثقة في القوتين المستحكمتين في الساحة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وغزة، أم يكتفي القيادي محمد دحلان بما لديه من مصفقين ومناصرين لتياره وهل هذا يكفي ليؤدي المفهوم الشمولي لطبيعة التغيير المنشود على خطى إيجاد رافعة حقيقية لكل القوى الناشطة والفاعلة في الساحة الفلسطينية على طريق برنامج حركة فتح الحقيقي مع إقرار المرحلية الغير تنازلية في تلبية الأهداف الوطنية وخلق توازن ورعب أمني بيننا وبين إسرائيل لإجبارها على الرحيل بمستوطناتها إلى الخلف؟، هل سيحقق دحلان شروط المعادلة الجديدة التي يطلبها الشعب الفلسطيني وأبناء حركة فتح؟

نتمنى ذلك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة