Translate

الأربعاء، 16 مارس 2011

الشبيبة الفتحاوية بالضفة تستقبل وفدا من شبيبة المانيا

الشبيبة الفتحاوية بالضفة تستقبل وفدا من شبيبة المانيا



الإثنين 14-03-2011

القدس-نابلس-دائرة الاعلام

استقبلت حركة الشبيبة الفتحاوية في الضفة الغربية وفدا من شبيبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني " JUSOS " ضم عددا من قيادات شبيبة الحزب
في المانيا الاتحادية ومنسقة مركز " Willy Brandt " الألماني " Britta lenz ".

وكان في استقبال الوفد الزائر في مقر مفوضية التعبئة والتنظيم سكرتير عام الشبيبة حسن فرج وسكرتير العلاقات الدولية للشبيبة رائد الدبعي وخافيير أبو عيد احد النشطاء الشباب والخبير في موضوع العلاقات الدولية، حيث رحب فرج بالوفد الزائر وثمن الدور الكبير الذي تلعبه شبيبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في دعم مسيرة التنمية في فلسطين من خلال دعمها ومساندتها لعدد من المشاريع الشبابية الهادفة الى تمكين الشباب الفتحاوي في قضايا الإدارة الحكيمة والإعلام الاجتماعي.

فيما تحدث خافيير أبو عيد حول الوضع السياسي الراهن وجهود حركة فتح من اجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية داعيا إلى إقامة تحالف دولي عريض يدعم الحرية والتحرر الوطني ويضع حدا لأقسى وأطول احتلال في التاريخ الحديث.

فيما نظمت الشبيبة للوفد الزائر زيارة لمفوضية العلاقات الدولية حيث كان في استقبالهم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور نبيل شعث الذي استعرض الوضع السياسي العام وأكد على استمرار حركة فتح في جهودها الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وأشار إلى الجهود التي تبذلها الحركة لإنهاء الانقسام بين جناحي الوطن، وأكد على عدم شرعية الاستيطان وان لا عودة للمفاوضات في ظل الاستيطان الذي يسرق الأرض الفلسطينية، وفي سياق رده على احد الأسئلة حول موقف الحركة من الثورات الشبابية في تونس ومصر، أكد شعث بان حركة فتح تؤيد كل الثورات الشعبية التي تؤدي إلى تحسين حياة المواطن وتوفر له حياة كريمة وحرة وتحفظ حقه بالتعبير عن رأيه بحرية.

فيما قام الوفد بزيارة الدكتورة ليلى غنام محافظ رام الله والبيرة والتي رحبت بالوفد الزائر وثمنت حضوره لمشاهدة الحقائق على الأرض قائلة " أن الإعلام الغربي في الكثير من الأحيان يخفي العديد من حقائق الوجه القبيح للاحتلال وان حضور الوفود المناصرة والصديقة لشعبنا يعتبر فرصة لمشاهدة الحقائق دون تزوير أو تغيير أو تحريف ".

فيما قامت الدكتورة غنام باستعراض عمل المحافظة باعتبارها مؤسسة وطنية تهدف إلى الحفاظ على امن المواطن وسلمه الأهلي والتأكد من وصول الخدمات للمواطنين بالشكل المطلوب، مستعرضة العقبات التي تواجه عمل السلطة الوطنية بسبب الاحتلال والحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة.

فيما أجابت الدكتورة غنام عن أسئلة الحضور حيث أشارت في إطار إجابتها على سؤال عن مدى تقبل المجتمع المحيط لكونها أول امرأة فلسطينية تشغل منصب محافظ بأن كونها ناشطة اجتماعية على تواصل مع المجتمع قد سهل مهامها، مؤكدة بان المرأة الفلسطينية أثبتت قدرتها على تقلد المناصب القيادة بكفاءة وقدرة، ودعت الدكتورة غنام الوفد الزائر إلى نقل الحقائق التي شاهدها على الأرض إلى الشباب الألماني وقدمت للوفد الزائر درعا تقديريا.

فيما قام " Richard Kaniewski" رئيس الوفد الزائر بتقديم هدية للدكتورة غنام نيابة عن شبيبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني.

وقدم رائد الدبعي عرضا حول شبيبة فتح استعرض فيه ظروف تأسيسها ودورها في الانتفاضتين الأولى والثانية وأهدافها واستراتيجياتها وبرنامجها السياسي والاجتماعي، مستعرضا واقع الأسرى في سجون الاحتلال والسياسات الإسرائيلية في مواضيع الاستيطان والجدار والحواجز الإسرائيلية مؤكدا بان الشبيبة تتبنى الأهداف السياسية واستراتيجيات العمل للحركة الأم.

واشار إلى دور الشبيبة في إعادة الوحدة لشقي الوطن وتبنيها لأسلوب المقاومة الشعبية السلمية لإنهاء الاحتلال داعيا الوفد الزائر إلى دعم حملات مقاطعة إسرائيل في مختلف الصعد للضعط على القوة المحتلة لإنهاء احتلالها.

فيما قدم منسق لجنة الشبيبة الثانوية في اقليم نابلس احمد جاروشة عرضا حول مشروع " شباب من اجل التغيير الديمقراطي " الذي تنفذه الشبيبة بالتعاون مع شبيبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني عبر مركز " Willy Brandt "، ونظمت الشبيبة زيارة للوفد الزائر لقبر الشهيد الراحل ياسر عرفات وجولة تعريفية في مدينة رام الله، فيما نظمت الدكتورة غنام للوفد الزائر وليمة غداء بحضور مستشار المحافظ محمد ابو مشرف وعدد من طاقم المحافظة.

وأكد الناطق الإعلامي باسم الشبيبة الفتحاوية عوض مسحل بأن الشبيبة بهدف استقبال المزيد من الوفود الدولية لوضعهم في صورة الأوضاع على الأرض مع اقتراب استحقاق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في أيلول.

الاثنين، 14 مارس 2011

عباس: قتل أسرة المستوطنين "عمل حقير ومدان بكل أساليب الإدانة"

عباس: قتل أسرة المستوطنين "عمل حقير ومدان بكل أساليب الإدانة"

١٤ اذار ٢٠١١

جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إدانته للهجوم الذي أسفر ليل الجمعة السبت عن مقتل أسرة من المستوطنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وقال إن العملية "غير انسانية وغير أخلاقية، وبلا شك إن الذي حصل مدان بكل أساليب الإدانة، وهو عمل حقير، نعتبره بكل المقاييس غير إنساني وغير حضاري، ولا يمكن أن يقوم إنسان بمثل هذا العمل".

وأضاف عباس في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية العامة بثت اليوم "أنا لا أستطيع أن أرى طفلاً عمره 4 اشهر يُقتل. لو قالوا لي أن هذه المشاهد يبثها التلفزيون لا اشاهدها، لا يمكنني أن اشاهدها، وخصوصاً منظر الاطفال. لا يمكن لأي انسان يتحلى بالانسانية، أن يرى منظراً كهذا ولا يتألم ولا يبكي على ما يرى".

وأكد أن السلطة الفلسطينية كانت ستمنع هذا الهجوم لو توفرت لديها معلومات مسبقة عنه، مشيراً إلى أنه اتفق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إجراء تحقيق مشترك في هذا الحادث. وقال "لو كنا نعرف لمنعنا، لمنعنا بكل اساليبنا، كنا منعنا. لكن من المسؤول؟ لا نعرف. نريد أن نعرف من الذي ارتكب العملية. نتمنى أن نصل إلى نتيجة ونعرف ونضع يدنا على الفاعل لنقدمه للعدالة"، مستبعداً وقوع موجة هجمات فلسطينية خلال الفترة القريبة، ومشدداً على انه لن يسمح بذلك.

ورفض الرئيس الفلسطيني أيضاً إدعاءات إسرائيل بشأن وجود تحريض داخل المساجد في الضفة الغربية. وقال "نحن البلد الوحيد في العالم العربي والإسلامي، وهذا قلته أمس لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، عندنا خطبة جمعة موحدة في جميع المساجد، نجلس ونضع مفهوماً موحدا لنقول: هذا اسمه تحريض – يتوقف، هذا اسمه غير تحريض – يمشي"، داعياً إلى تشكيل لجنة اسرائيلية – فلسطينية - اميركية مشتركة لدراسة الإدعاءات بشأن تضمن الكتب المدرسية الفلسطينية عبارات تحريضية.

"مجموعة مغنية" في "كتائب الأقصى" تعلن مسؤوليتها عن قتل خمسة إسرائيليين

"مجموعة مغنية" في "كتائب الأقصى" تعلن مسؤوليتها عن قتل خمسة إسرائيليين




١٢ اذار ٢٠١١

أعلنت "كتائب شهداء الأقصى ـ مجموعة الشهيد عماد مغنية" مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في مستوطنة ايتمار الإسرائيلية قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية، وقالت إن "مجموعة من افرادها قامت بالعملية". وأكدت أن الهجوم الذي قُتل فيه خمسة اسرائيليين في مستوطنة في الضفة الغربية هو "ردّ طبيعي" على العدوان الاسرائيلي ضد الفلسطينيين.

في المقابل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أنه أصدر تعليماته الى الجهات المختصة للعمل بسرعة "لإلقاء القبض على مرتكبي الاعتداء التخريبي البشع"، مشيراً إلى أنه يُجري مشاورات منذ ساعات الليل مع رؤساء الدوائر الامنية والعسكرية لتقييم ودراسة الخطوات الواجب اتخاذها.

هذا وأصدر وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان تعليماته الى البعثة الاسرائيلية في الامم المتحدة لتقدم شكوى "شديدة اللهجة" الى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس الدوري لمجلس الامن الدولي، قائلاً إن "حقيقة عدم اصدار السلطة الفلسطينية اي بيان مستنكر لعملية القتل تدل على طابعها الحقيقي لمن ينبغي ان يكون شريك اسرائيل في عملية التفاوض".

فيما صرّح قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي الجنرال آفي ميزراحي بأن "يد اسرائيل ستطال القتلة الجبناء الذين قتلوا عائلة بريئة تحت جنح الظلام، وستصفي الحساب معهم". هذا وقال النائب الليكودي كرمل شامة كوهين إن "الرد الاسرائيلي يجب الا يقتصر على النشاط العسكري، وإنما على مواصلة البناء".

معارك الزنقة زنقة

معارك الزنقة زنقة

كاظم فنجان الحمامي

استمتع العالم كله بصوت بطل أبطال النينج، ومكتشف غازات الفلسفة الخضراء، وهو يطل بعمامته من زاوية من زوايا قصره المهجور، ليرفع صوته بالزعيق والنقيق، ويبدأ خطابه المتشنج بكلمات مقتبسة من قاموس الذئاب الهائجة، كلمات حفظها الأطفال، ورددها الباعة في الأسواق وعلى الأرصفة في عموم أقطار الأرض، وذاع صيتها عبر مكبرات الصوت في المدن الترفيهية والملاهي الليلية، بعد أن تحولت إلى أغنية بصوت القذافي نفسه، صنعها الظرفاء الذين استعانوا بتقنيات (التكنو ميوزك)، وأعادوا توزيعها موسيقيا على طريقة أغاني (الهيب هوب)، ثم نشروها في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، (الفيس بوك، واليوتيوب، والبلاك بيري)، أغنية مثيرة للسخرية تقول كلماتها: (زنقة زنقة، شبر شبر، بيت بيت، دار دار، قطعة قطعة... إلى الأمام، إلى الأمام، قاتلوهم قاتلوهم، قاتلوا الجرذان، قاتلوا الجرذان)، وصارت (الزنقة) من أشهر نغمات الهواتف النقالة، وتحولت على الفور إلى مفردة من مفردات النكات اليومية المتداولة بين الناس في المقاهي وأماكن العمل، فالزنقة من دون أن يدري القذافي تعني (الورطة الخانقة)، وهي كلمة عربية فصحى مشتقة من الجذر (الزِنّاق)، وهو ما يلي الحنك من الرقبة، إذا قبض باليد كاد الإنسان أن يختنق، وقالت الإعراب: (زنقهُ فلان زنقة قاتلة، أي قبض عليه من بلعومه وكاد أن يقتله)، ويقولون في هذا السياق: (فلان تجرع الموت غصة بعد غصة)، والغصة هي (الشرقة)، أو التوقف المؤلم في عملية التنفس، والمعنى العام للزنقة والغصة مرتبط بالضيق والتضييق على المجاري التنفسية، وربما كان تخوف الناس من السير في الأزقة الضيقة والسكك المزدحمة هو الذي دفعهم إلى استعارة كلمة (زنقة)، وتوظيفها في التعبير عن الدروب المخنوقة المزدحمة، ومن أشهر أسواق الإسكندرية بمصر (زنقة الستات) المعروفة ببيع المستلزمات النسائية، والتي اكتسبت اسمها من ضيق شوارعها وازدحامها الشديد.

اما زنقة القذافي فما بعدها زنقة، فهي من اشد الزنقات والأزمات الخانقة، التي يمر بها اليوم النظام الليبي المزنوق، في خضم تلاطم التيارات الثورية العنيفة الجارفة. وربما كان القذافي صائبا عندما أفصح عن زنقته وورطته، ما اضطره إلى الإعلان عن خططه الإستراتيجية لخوض حرب الشوارع، ومطاردة أبناء الشعب الليبي الثائر، وملاحقتهم من دار إلى دار، ومن زقاق إلى زقاق، ومن حارة إلى حارة، ومن زنقة إلى زنقة، معتمدا على أسلوبه التعبوي المقتبس من مناهج المستنقعات الخضراء، التي انطلق منها في التنفيس عن شطحاته المجنونة على مدى نصف قرن،

فجاءت معارك (الزنقة زنقة) لترسم معالم الخاتمة الكوميدية لحياة هذا الزعيم المعتوه، الذي حكم الشعب الليبي بالحديد والنار، ولتعطي للعالم تصورا واضحا للخطط التعبوية الزنقوية والزنكلونية، التي سينفذها العقيد المختل عقليا في الفضاءات الليبية المفتوحة:

- الإصرار على إنكار المظاهرات الثورية الليبية العارمة.

- الإصرار على التقليل من شأن المتظاهرين، والاستخفاف بهم، وتسفيه مطالبهم العادلة.

- تسميتهم بالجرذان والفئران والخارجين والمارقين.

- تجنيد المرتزقة والمجرمين ونشرهم في المدن لإطلاق النار على المتظاهرين، والقيام بحملات برية وجوية مسعورة لقتل الناس وترويعهم.

- الاستعانة بالطيران الحربي في قصف المعسكرات الواقعة في قبضة الثوار.

- إعدام عناصر الوحدات العسكرية المتضامنة مع الثوار.

- جمع الناس في طرابلس، وإجبارهم بالقوة للخروج في مظاهرات مؤيدة لنظامه المتخلف، أو استخدامهم كدروع بشرية في مواجهة زحف الثوار.

- حجب الحقائق عن الشعب الليبي، عن طريق التشويش على البث التلفزيوني للفضائيات العربية.

- تعطيل شبكات الهواتف النقالة، وتعطيل شبكة الانترنت.

- عزل المدن الليبية، وفرض الحصار عليه، وقطع الإمدادات عنها.

- التهديد بإشعال فتيل النزاعات القبلية، وتأجيج الفتن القومية، وبالاتجاه الذي يجول ليبيا إلى صومال البحر المتوسط.

- فتح مخازن العتاد وتسليح عامة الناس لإثارة الفوضى والاضطرابات، وإراقة المزيد من الدماء على الأرض الليبية.

- غلق الصيدليات والمستشفيات العامة، وتعطيل مراكز الرعاية الطبية.

- قطع التيار الكهربائية، وإيقاف تقديم الخدمات العامة، وشل الحياة المعيشية.

- تهديد أوربا بحرق آبار النفط وتدميرها تدميرا كاملا.

- تهديد أوربا بتحول ليبيا إلى ملاذ متقدم لفلول القاعدة، أو تحولها إلى أوكار لإيواء الجيوب الإرهابية.

- تهديد أوربا بفتح موجات التسلل البشري، والسماح بتدفق الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى دول الأبيض المتوسط، والمباشرة بإرسال دفعات من المتسللين باتجاه السواحل الايطالية.

- اللجوء للتلميح في خطاباته، والإفصاح عن استعداده التام لخدمة المصالح الأوربية والأمريكية في القارة الأفريقية.

- تهديد العالم كله باللجوء إلى استخدام سياسة الأرض المحروقة، والتلويح باستخدام الأسلحة الكيماوية لضرب المدن والضواحي الليبية.



شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/آذار/2011 - 6/ربيع الثاني/1432

ليبيا والرهانات الدولية...الثوار أم القذافي؟

ليبيا والرهانات الدولية...الثوار أم القذافي؟



شبكة النبأ: على عكس ما حدث في مصر وتونس من انتفاضات يبدو ان الأوضاع في ليبيا تختلف تماما من حيث التحول السياسي والأمني فقد أثارت المواجهات بين الثوار وانصار القذافي مخاوف الثوار الذين يصرون على مواصلة الثورة من تحول الانتفاضة إلى حرب أهلية قد تساعد القذافي على البقاء في السلطة وربما الانتصار. وبالتالي سيكون الانتقام اشد، إذا ما تمكن القذافي من الاحتفاظ بالسلطة فأن لديه المليارات المخبأة - رغم التجميد الدولي للأصول الليبية- لتمويل المعركة بشكل كبير. فإن ما يكنزه القذافي من أموال ضخمة، بما يكفيه لأن يدفع لقواته والمرتزقة الذين استأجرهم والبلغ عددهم نحو 4000 افريقي ويدفع للفرد 1000 دولار يوميا لقاء دفاعهم عنه فضلا عن تغذية انصاره السياسيين بشكل مريح.

أما قوى المعارضة التي شكلت المجلس الوطني الانتقالي فتواجه عراقيل كبيرة. ومن بين هذه العراقيل التناقض العلني بين قادة المجلس، فدعوة المعارضة إلى المساعدة الخارجية ساهمت في تعميق الانقسام بشأن التدخل الأجنبي في ليبيا.

وينقسم قادة المعارضة بشأن الإعلان الرسمي عن الحكومة المؤقتة، وهو ما يوضح المخاوف من أن ذلك قد يؤدي إلى شرذمة البلاد.

ويشكل إعادة تزويد الجبهة القتالية ضمن ما تسمى بالمساعدات اللوجستية تحديا آخر للثوار وكذلك لقيادتهم، كما أن معظم هؤلاء الثوار هم من الموظفين ورجال الشرطة والعاطلين عن العمل الذين لا يملكون من الخبرة سوى الحماس.

ويرى محللون سياسيون أن التدخل العسكري عبر فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لا يخدم سوى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. فالحظر الجوي لن يشمل المروحيات العسكرية الأشد فتكا، كما لن يعيق حركة الآليات العسكرية الثقيلة من قبيل المدفعية والدبابات، أضف إلى ذلك أن اقامة منطقة حظر جوي سيتطلب وقتا، وقد لا تصبح جاهزة إلا في منتصف نيسان، أي عندما سيكون الوضع الميداني قد تغير.

إن قوة المعارضة الليبية في قضيتها وفي المفارقة الناجمة عن استخدام القوة المفرط الذي يضعف القذافي. لكن مراقبون قالوا أن السلام لن يحل بليبيا، ما دام القذافي يبسط سلطته على سمائها. ولذا على الغرب أن يفرض منطقة حظر جوي علي ليبيا على وجه السرعة.

ويعتقد خبراء أن الوضع سيبقى غامضا مع حدوث تقدم للقوات الحكومية في راس لانوف وسط قصف جوي وبحري وبري مكثف واسترجاعها بعض المواقع، رغم استمرار مقاومة الثوار، الذين قالوا إن قوات القذافي ارتكبت مجازر فظيعة في الزاوية.

هذا الكر والفر دفع جيمس كلابر رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية إلى القول إن القذافي يراهن على الوقت، فالزاوية القريبة من طرابلس بدت هامة جدا في صراعه للحفاظ على سلطته.

ويرى مراقبون إنه لا جدوى من البحث في تفكير ودوافع شخص مثل القذافي الذي فقد مناطق واسعة من ليبيا، لكن هجومه المضاد يتركز على الحفاظ على مدينتين إستراتيجيتين وهما سرت والعاصمة طرابلس، وخسارة الزاوية تمنع الثوار من تهديد طرابلس سواء بالزحف عليها أو مساعدة سكانها على الثورة على نظام القذافي.

يقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس جون كيري إن الوضع في ليبيا مستوحى مما جرى في تونس ومصر، لكن النموذج يبقى قائما، وهو وجود مدنيين بدون سلاح يواجهون جيشا مدججا بالسلاح والطائرات، ويعتمدون على المجتمع الدولي لحمايتهم.

فقي حين يرى خبراء، يجب اتخاذ خطوات ملموسة لفرض منطقة حظر جوي إذا بدأ القذافي استخدام طائراته لقتل المدنيين بأعداد كبيرة.

حيث هناك اشارات مشجعة في هذا الاتجاه، وتتمثل في دعوة دول مجلس التعاون الخليجي مجلس الأمن لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، كما أن الجامعة العربية قد تسير في هذا الاتجاه في اجتماعها بالقاهرة السبت، ودعا الدول الإسلامية إلى دعم التحرك لوقف العنف المتزايد.

أن المزاج العام في الشارع الليبي بدأ يتغير، فبينما كان يعتقد في الأيام الأولى من الثورة بأن سقوط القذافي سيكون خلال أيام، فإن الشكوك بذلك باتت هي السائدة. وإن الآثار المترتبة على تلك الشكوك تنطوي على ثلاثة أمور:

- تضاؤل فرص المزيد من الانشقاق عن النظام الليبي.

- التقسيم المحتمل لليبيا إلى ثلاث مجموعات، وهي الموالون للقذافي، والثوار والوصوليون الذين يركبون الموجة.

- خفوت حماس الدعوات للحظر الجوي.

وأما القذافي وأعوانه فإنه لم تتح لهم تلك الخيارات، وأن أمامهم خيارين اثنين، إما الاستسلام للعدالة الدولية أو القتال في طرابلس، ويبدو واضحا أنهم غير راغبين بالاستسلام، مما يعني أن ليبيا مقبلة على حرب أهلية تبقى مستمرة حتى ينتصر أحد الطرفين المتنازعين.

والقذافي أيضا لا يمكنه التفكير الآن في التنحي سلميا دون أن يضمن عدم ملاحقه المحكمة الجنائية الدولية، ذلك أن ميثاق المحكمة لا يسمح لمجلس الأمن الدولي سحب الطلب بعد تفعيله، ولكن يجوز للمجلس تأجيل التحقيق والمقاضاة لعام واحد.

وإذا أرادت إدارة أوباما تصويب اعوجاج سياستها بحق الشعب الليبي أمام التاريخ، فعليها أن تقوم فورا بتصحيح أخطائها، وإذا كانت واشنطن عاجزة عن استثناء الثورة الشعبية الليبية من حظر بيع السلاح، فعليها إيجاد أشكال أخرى من المساعدة، مثل تقديمها المساعدات الإنسانية وفرض حظر طيران فوق ليبيا وتقديم الدعم الاستخباري للثوار الليبيين.

وأما إذا أرادت واشنطن من القذافي أن يتنحى عن السلطة سلميا، فعليها البحث عن خيارات في مجلس الأمن يكون من شأنها التمحيص في ثنايا ميثاق المحكمة الجنائية الدولية لإيجاد مخرج مناسب.

يرى مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق بول وولفويتز أن للولايات المتحدة مصالح إستراتيجية وأخلاقية في دعم المعارضة الليبية كي تقاتل العقيد الليبي معمر القذافي وتسقطه بنفسها، وتمنعه وأبناءه من إعادة بسط سلطتهم المرعبة.

حيث هناك عما عمى أخلاقي يكمن وراء عدم التحرك لمنع القذافي من استخدام دباباته ومرتزقته. لكنه استدرك يقول إن هناك قصر نظر وراء التدخل باندفاع غير محسوب مما قد يعرض حياة الأميركيين للخطر، وعليه ينبغي الإجابة على أسئلة هامة قبل اتخاذ أي خطوة.

ويعتقد خبراء أن هناك خطوات أساسية حتى يمكن لأميركا الإسراع في إرغام القذافي على التنحي ووقف قتل المدنيين في ليبيا، وهي:

- الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي حكومة في ليبيا.

- تقديم المساعدة للسلطات الجديدة.

- دعم جهود فرض منطقة حظر جوي. إن أقرب احتمال إذا نجح القذافي في البقاء هو أن ليبيا ستعاني عزلة شاملة طويلة، مع تجميد الأموال وحظر السلاح والملاحقة الجنائية، كما أنها ستكون هزيمة قاسية للولايات المتحدة في عيون العرب والعالم.

ويرى محللون سياسيون وجوب مساعدة من يريدون القتال بأنفسهم قبل إرسال الجنود الأميركيين للقتال من أجلهم. فإذا اعترفت الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الانتقالي، فكيف نقدم له المساعدة؟ ومن يجب أن نساعد وكيف؟ وهل يمكننا التحكم في حجم المساعدات؟

إن الإجابة على السؤال الأول لن تتوفر إلا بعد بناء قنوات اتصال مع السلطات الجديدة، كما أن تقديم المساعدات لن يكون مشكلة، فهو سيتم إما عبر الموانئ الشرقية أو الحدود المصرية.

أن الدبلوماسية مع قادة المعارضة الليبية ربما لا تكون الخيار الأسرع والدراماتيكي، ولكنها تبقى أفضل خيار يفضي إلى نتائج دائمة.

وتبدي الحكومات الغربية قلقا من عواقب أي تدخل جديد في دولة إسلامية، فشلت المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي في تسلم زمام الأمور، وأبقت الدول الصاعدة مثل الصين رأسها في الرمال.

ويرى محللون سياسيون بأن التدخل المتزايد ربما يرجح الكفة لصالح الثوار، ولكنه -إذا ما أسيء استخدامه- قد يعزز العقيد معمر القذافي ويستعدي الرأي العام الإسلامي ويقوض مصداقية الثورة، إذاً ما العمل؟

ان خيار منطقة الحظر الجوي كأحد الخيارات العسكرية المطروحة وإن مثل هذه المنطقة ربما تغطي جميع البلاد أو المدن الساحلية الرئيسية فقط أو الممرات الافتراضية لنقل الإمدادات الإغاثية.

فبينما تدفع بريطانيا وفرنسا والجامعة العربية في هذا الاتجاه، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها بالناتو يبدون أكثر حذرا، لا سيما وأن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قال إن ذلك يتطلب ضربة عسكرية، وهذا سيكون بمثابة إعلان حرب.

ويرى خبراء أن هذا الخيار يبقى صعبا وخطيرا، وقد لا يكون أفضل من الخطط التي تم تطبيقها في البوسنة والعراق.

وتعليقا على الأصوات الأميركية –معظمهم من الجمهوريين- التي تدعو إلى التدخل العسكري في ليبيا، هناك عدة أسئلة، منها:

- إذا كان العالم سيكون في أفضل حال بدون القذافي، فهل هذا يصب في مصلحة أميركا؟ وإذا كان كذلك، منذ متى أصبح ذلك؟ قبل شهر، لم يفكر أحد بذلك.

- وما هو مقدار عنف القذافي الذي يأتي من الجو؟ وإذا ما تم منع الطيران من التحليق، فهل هذا سيحسم المعركة؟

- هل هناك استعداد لمأساة الرهائن إذا ما تمكنت ليبيا بما تملكه من صورايخ روسية الصنع من إسقاط طيارين أميركيين أو غربيين وأخذهم رهائن؟

- وهل من الحكمة أن تشارك القوات الأميركية في ثلاث دول إسلامية في آن واحد؟

ويرى خبراء عسكريون ان الدبلوماسية مع ثوار ليبيا تعتبر الخيار الأسهل والأفضل، وتتضمن الجهود الدولية المنسقة للحوار مع قادة المعارضة، وبناء صلات شخصية وسياسية مع المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي، وتقديم المشورة بشأن التنظيم والتوعية مع اتساع نطاق المناطق التي يسيطر عليها الثوار.

كما يشتمل هذا الخيار على البحث عن خارطة طريق لمرحلة ما بعد القذافي والمستقبل الديمقراطي.

وإن خيار القوة الناعمة ينطوي أيضا على تعجيل عمليات المساعدات الإغاثية وتطوير خطط لتقديم المساعدة التنموية على المدى الطويل

ومن الخطوات التي يمكن للولايات المتحدة وحلفائها القيام بها البحث عن سبل لمشاركة الثوار في المعلومات الاستخبارية، والقيام بالتشويش على اتصالات النظام الليبي دون إطلاق رصاصة واحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/آذار/2011 - 8/ربيع الثاني/1432

الأحد، 13 مارس 2011

عقائد وجماعات الجزء الثاني

عقائد وجماعات الجزء الثاني

• لا قيمة عندهم للتاريخ الإسلامي لأن التاريخ هو أحسن القصص الوارد في القرآن الكريم فقط .

• لا قيمة أيضاَ لأقوال العلماء المحققين وأمهات كتب التفسير والعقائد لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث - بزعمهم - مرتدون عن الإسلام .

• قالوا بحجية الكتاب والسنة فقط ولكن كغيرهم من أصحاب البدع الذي اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته .

• دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث ( نحن أمة أمية …) فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد إسلامية أو غير إسلامية لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن مساجد الضرار .

- أطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام ، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة .

• قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار إلا أربعة مساجد : المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم .

• يزعمون أن أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته ما لم يحقق عل يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور الإسلام على جميع الأديان .

- وعليه فإن دور الجماعة يبدأ بعد تدمر الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي تنقرض بسببها الأسلحة الحديثة كالصواريخ والطائرات وغيرها ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب . ..

• ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة ، والاجتهاد المطلق ، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً .

- وأهم كتاب كشف عن أسرار دعوتهم وعقيدتهم هو - ذكريات مع جماعة المسلمين - التكفير والهجرة - لأحد أعضاء الجماعة عبد الرحمن أبو الخير الذي تركهم فيما بعد .

الجذور الفكرية والعقائدية

إن قضية تكفير المسلم قديمة ، ولها جذورها في تاريخ الفكر الإسلامي منذ عهد الخوارج . وقد تركت آثاراً علمية لعدة أجيال . وقد استيقظت هذه الظاهرة لأسباب عدة ذكرها العلماء ويمكن إجمالها فيما يلي :

- انتشار الفساد والفسق والإلحاد في المجمعات الإسلامية دونما محاسبة من أحد لا من قبل الحكام ولا من المجتمعات الإسلامية المسحوقة تحت أقدام الطغاة والظالمين .

- محاربة الحركات الإسلامية الإصلاحية من قبل حكام المسلمين ، وامتلاء السجون بدعاة الإسلام واستخدام أقسى أنواع التعذيب ، مع التلفظ بألفاظ لكفر من قبل المعذبين والسجانين .

- ظهور وانتشار بعض الكتب الإسلامية التي ألفت في هذه الظروف القاسية وكانت تحمل بذور هذا الفكر ، واحتضان هذا الفكر من هذه الجماعة - التكفير والهجرة - وطبعه بطابع الغلو والعنف .

- ويعد أساس جميع ما تقدم : ضعف البصيرة بحقيقية الدين والاتجاه الظاهري في فهم النصوص والإسراف في التحريم والتباس المفاهيم وتميع عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة لدى بعض قادة الحركة الإسلامية بالإضافة إلى اتباع المتشابهات وترك المحكمات وضعف المعرفة بالتاريخ والواقع وسنن الكون والحياة ومنهج أهل السنة والجماعة .

أماكن الانتشار

انتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة الصعيد على الخصوص ، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل اليمن والأردن والجزائر … وغيرها .

يتضح مما سبق

أن هذه الجماعة هي جماعة غالية أحيت فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها وتكفير الحكام بإطلاق ودون تفصيل لأنهم لا يحمون بشرع الله وتكفير المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل وتكفر العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام . كما أن الهجرة هي العنصر الثاني في تفكير هذه الجماعة ، ويقصد بها اعتزال المجتمع الجاهلي عزلة مكانية وعزلة شعورية ، وتتمثل في اعتزال معابد الجاهلية ( ويقصد بها المساجد ) ووجوب التوقف والتبين بالنسبة لأحاد المسلمين بالإضافة إلى إشاعة مفهوم الحد الأدنى من الإسلام . ولا يخفى مدى مخالفة أفكار ومنهج هذه الجماعة لمنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي والإستدلال وقضايا الكفر والإيمان وغير ذلك مما سبق بيانه .


الإباضية

التعريف :

الإباضية إحدى فرق الخوارج ، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي ، ويدعي أصحابها أنهم ليسوا خوارج ، وينفون عن أنفسهم هذه النسبة ، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة مثلاً ، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها : أن عبد الله بن إباض يعتبر نفسه امتداداً للمحكمة الأولى من الخوارج ، كما يتفقون مع الخوارج في تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز الخروج على أئمة الجور .

أبرز الشخصيات :

¨ مؤسسها الأول عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد بن تميم ، ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة ، وعبد الله عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان .

¨ يذكر الإباضية أن أبرز شخصياتهم جابر بن زيد (22-93ه‍) الذي يعد من أوائل المشتغلين بتدوين الحديث آخذاً العلم عن عبد الله بن عباس وعائشة و أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهم من كبار الصحابة ، مع أن جابر قد تبرأ منهم .

¨ أبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة : من أشهر تلاميذ جابر بن زيد ، وقد أصبح مرجع الإباضية بعده مشتهراً بلقب القفاف توفي في ولاية أبي جعفر المنصور 158ه‍.

¨ الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة وينسبون له مسنداً خاصاً به مسند الربيع بن حبيب وهو مطبوع ومتداول .

¨ من أئمتهم في الشمال الإفريقي أيام الدولة العباسية : الإمام الحارث بن تليد ، ثم أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري ، ثم أبو حاتم بعقوب بن حبيب ثم حاتم الملزوزي .

¨ ومنهم الأئمة الذين تعاقبوا على الدولة الرستمية في تاهرت بالمغرب : عبد الرحمن ، عبد الوهاب ، أفلح ، أبو بكر ، أبو اليقظان ، أبو حاتم .

¨ من علمائهم :

- سلمة ين سعد : قام بنشر مذهبهم في أفريقيا في أوائل القرن الثاني .

- ابن مقطير الجناوني : تلقى علومه في البصرة وعاد إلى موطنه في جبل نفوسه بليبيا ليسهم في نشر المذهب الإباضي .

- عبد الجبار بن قيس المرادي : كان قاضياً أيام إمامهم الحارث بن تليد .

- السمح أبو طالب : من علمائهم في النصف الثاني في القرن الثاني للهجرة ، كان وزيراً للإمام عبد الوهاب بن رستم ثم عاملاً له على جبل نفوسه ونواحيه بليبيا .

- أبو ذر أبان بن وسيم : من علمائهم في النصف الأول من القرن الثالث للهجرة ، وكان عاملاً للإمام أفلح بن عبد الوهاب على حيز طرابلس .



أهم العقائد :

• يظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات الإلهية ، وهم يلتقون إلى حد بعيد مع المعتزلة في تأويل الصفات ، ولكنهم يدعون أنهم ينطلقون في ذلك من منطلق عقدي ، حيث يذهبون إلى تأويل الصفة تأويلاً مجازياً بما يفيد المعنى دون أن يؤدي ذلك إلى التشبيه ، ولكن كلمة الحق في هذا الصدد تبقى دائماً مع أهل السنة والجماعة المتبعين للدليل ، من حيث إثبات الأسماء والصفات العليا لله تعالى كما أثبتها لنفسه ، بلا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل .

• ينكرون رؤية الله تعالى في الآخرة .

• يؤولون بعض مسائل الآخرة تأويلاً مجازياً كالميزان والصراط .

• أفعال الإنسان خلق من الله واكتساب من الإنسان ، وهم بذلك يقفون موقفاً وسطاً بين القدرية والجبرية .

• صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنها هي عين ذاته .

• القرآن لديهم مخلوق ، وقد وافقوا الخوارج في ذلك ، يقول الأشعري في مقالات الإسلاميين (والخوارج جميعاً يقولون بخلق القرآن) .

• مرتكب الكبيرة عندهم كافر كفر نعمة أو كفر نفاق .

• الناس في نظرهم ثلاثة أصناف :

- مؤمنون أوفياء بإيمانهم .

- مشركون واضحون في شركهم .

- قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد ، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان ، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك .

• للدار وحكمها عند محدثي الإباضية صور متعددة ، ولكن محدثيهم يتفقون مع القدامى في أن دار مخالفيهم من أهل الإسلام هي دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي .

• يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من قوة الحرب حلال وما سواه حرام .

• مرتكب الكبيرة كافر ولا يمكن في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب منها ، فإن الله لا يغفر الكبائر لمرتكبيها إلا إذا تابوا منها قبل الموت .

• الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يطلقون عليه لفظة (كافر) زاعمين بأن هذا كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملة ، بينما يطلق عليه أهل السنة والجماعة كلمة العصيان أو الفسوق ، ومن مات على ذلك – في اعتقاد أهل السنة – فهو في مشيئة الله ، إن شاء غفر له بكرمه وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهُر من عصيانه ثم ينتقل إلى الجنة ، أما الإباضية فيقولون بأن العاصي مخلد في النار . وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم .

• ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين ، لأن العصاة – عندهم – مخلدون في النار فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار .

• ينفون شرط القرشية في الإمام إذ أن كل مسلم صالح لها، إذا ما توفرت فيه الشروط، والإمام الذي ينحرف ينبغي خلعه وتولية غيره .

• يتهجم بعضهم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعلى معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم .

• الإمامة بالوصية باطلة في مذهبهم ، ولا يكون اختيار الإمام إلا عن طريق البيعة ، كما يجوز تعدد الأئمة في أكثر من مكان .

• لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر ولا يمنعونه ، وإنما يجيزونه ، فإذا كانت الظروف مواتية والمضار فيه قليلة فإن هذا الجواز يميل إلى الوجوب ، وإذا كانت الظروف غير مواتية والمضار المتوقعة كثيرة والنتائج غير مؤكدة فإن هذا الجواز يميل إلى المنع . ومع كل هذا فإن الخروج لا يمنع في أي حال ، والشراء (أي الكتمان) مرغوب فيه على جميع الأحوال ما دام الحاكم ظالماً .

• يرون أن الجد للأب أولي بالحضانة من الجدة للأم خلافاً لأكثر المذاهب ، ويرون أن الجد يمنع الإخوة من الميراث بينما ترى بعض المذاهب الأخرى أن يقتسموا معه .

• لا يجوز لديهم أن يدعوا شخص لآخر بخير الجنة وما يتعلق بها إلا إذا كان مسلماً موفياً بدينه مستحقاً الولاية بسبب طاعته ، أما الدعاء بخير الدنيا وبما يحول الإنسان من أهل الدنيا إلى أهل الآخرة فهو جائزٌ لكل أحد من المسلمين تقاة وعصاة .

• لديهم نظام أسمه (حلقة العزابة) وهي هيئة محدودة العدد تمثل خيرة أهل البلد علماً وصلاحاً وتقوم بالإشراف الكامل على شؤون المجتمع الإباضي الدينية والتعليمية والإجتماعية والسياسية كما تمثل مجلس الشورى في زمن الظهور الدفاع ، أما في زمن الشراء والكتمان فإنها تقوم بعمل الإمام وتمثله في مهامه .

• لديهم منظمة اسمها (ايروان) تمثل المجلس الإستشاري المساعد للعزابة وهي القوة الثانية في البلد بعدها .

• يشكلون من بينهم لجاناً تقوم على جمع الزكاة وتوزيعها على الفقراء ، كما تمنع منعاً باتاً طلب الزكاة أو الإستجداء وما إلى ذلك من صور إنتظار العطاء .

- انشق عن الإباضية عدد من الفرق التي اندثرت وهي :

- الحفصية : أصحاب حفص بن أبي المقدام .

- الحارثية : أصحاب الحارث الإباضي .

- اليزيدية : أصحاب يزيد بن أنيسة : الذي زعم أن الله سيبعث رسولاً من العجم ، وينـزل عليه كتاباً من السماء ، ومن ثم ترك شريعة محمد صلى الله عليه وسلم .

الجذور العقائدية :

• الإباضيون يعتمدون على القرآن والسنة – مسند الربيع بن حبيب – والرأي والإجماع.

• ولقد تأثروا بمذهب أهل الظاهر ، إذا أنهم يقفون عند بعض النصوص الدينية موقفاً حرفياً ويفسرونها تفسيراً ظاهرياً .

• وتأثروا كذلك بالمعتزلة في قولهم بخلق القرآن .

• ولكن منهم من استند في كتاباته الفقهية إلى آراء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة دون تحامل.

• ويعتبر كتاب النيل وشفاء العليل – الذي شرحه الشيخ محمد بن يوسف إطفيش المتوفي سنة 1332ه‍من أشهر مراجعهم . جمع فيه فقه المذهب الإباضي وعقائده .

أماكن الانتشار :

• كانت لهم صولة وجولة في جنوبي الجزيرة العربية حتى وصلوا إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ، أما في الشمال الإفريقي فقد انتشر مذهبهم بين البربر وكانت لهم دولة عرفت باسم الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت .

• حكموا الشمال الإفريقي حكماً متصلاً مستقلاً زهاء مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الفاطميون (العبيديون) .

• قامت للإباضية دولة مستقلة في عُمان وتعاقب على الحكم فيها إلى العصر الحديث أئمة إباضيون .

• من حواضرهم التاريخية جبل نفوسة بليبيا ، إذ كان معقلاً لهم ينشرون منه المذهب الإباضي ، ومنه يديرون شؤون الفرقة الإباضية .

ما زال لهم تواجد إلى وقتنا الحاضر في كل من عُمان بنسبة مرتفعة وليبيا وتونس والجزائر وفي واحات الصحراء الغربية وفي زنجبار التي ضمت إلى تانجانيقا تحت اسم تنـزانيا.


الــزيـديـة

التعريف :
تعتبر الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة حيث يتصف مذهبهم بالإبتعاد عن غلو الإثنا عشرية وباقي الشيعة ، كما أن نسبتها ترجع إلى مؤسسها زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعية متميزة في السياسة والحكم ، وقد جاهد من أجلها وقتل في سبيلها ، وكان يرى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً ولم يقل أحد منهم بتكفير أحد من الصحابة ومن مذهبهم جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• ترجع الزيدية إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما ( 80-122هـ/698-740م ) ، قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك ، فقد دفعه أهل الكوفة لهذا الخروج ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما ، بل يترضى عنهما ، فاضطر لمقابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فارس حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته عام 122هـ .

- تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثاً عن العلم أولاً وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانياً ، فقد كان تقياً ورعاً عالماً فاضلاً مخلصاً شجاعاً وسيماً مهيباً ملماً بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- تلقى العلم والرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يعد أحد الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية .

- اتصل بواصل بن عطاء رأس المعتزلة وتدارس معه العلوم ، فتأثر به وبأفكاره التي نقل بعضها إلى الفكر الزيدي ، وإن كان هناك من ينكر وقوع هذا التتلمذ ، وهناك من يؤكد وقوع الإتصال دون التأثر .

- تتلمذ عليه أبو حنيفة النعمان وأخذ عنه العلم .

- بصرف النظر عن رأي يشكك ، فإن من مؤلفاته كتاب المجموع في الحديث ، و كتاب المجموع في الفقه ، وهما كتاب واحد اسمه المجموع الكبير ، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمر خالد الواسطي الهاشمي الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة .

• أما ابنه يحيى بن زيد فقد خاض المعارك مع والده ، لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث لاحقته سيوف الأمويين فقتل هناك سنة 125هـ .

• فوض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم .

- خرج محمد بن عبد الله الحسن بن علي ( المعروف بالنفس الزكية ) بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان .

- وخرج من بعده أخوه إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور .

• أحمد بن عيسى بن زيد - حفيد مؤسس الزيدية - أقام بالعراق ، وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان ممن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره .

• من علماء الزيدية القاسم بن إبراهيم المرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ( 170-242هـ ) تشكلت له طائفة زيدية عرفت باسم القاسمية .

• جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم ( 245-298هـ ) الذي عقدت له الإمامة باليمن فكان ممن حارب القرامطة فيها ، كما تشكلت له فرقة زيدية عرفت باسم الهادوية منتشرة في اليمن والحجاز وما والاها .

• ظهر للزيدية في بلاد الديلم وجيلان إمام حسيني هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر باسم الأطروش ، فقد هاجر هذا الإمام إلى هناك داعياً إلى الإسلام على مقتضى المذهب الزيدي فدخل فيه خلق كثير صاروا زيديين ابتداء .

• ومنهم الداعي الآخر صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهما والذي تكونت له دولة زيدية جنوب بحر الخزر سنة 250هـ

• وقد عرف من أئمتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا ، الذي بعث بدعاته إلى الحجاز ومصر واليمن والبصرة . ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان ، ومحمد بن نصر . منهم أبو الفضل بن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بويه .

• استطاعت الزيدية في اليمن استرداد السلطة من الأتراك إذ قاد الإمام يحيى بن منصور بن حميد الدين ثورة ضد الأتراك عام 1322هـ وأسس دولة زيدية استمرت حتى سبتمبر عام 1962م حيث قامت الثورة اليمنية وانتهى بذلك حكم الزيود ولكن لا زال اليمن معقل الزيود ومركز ثقلهم .

• خرجت عن الزيدية ثلاث فرق طعن بعضها في الشيخين ، كما مال بعضها عن القول بإمامة المفضول ، وهذه الفرق هي :

- الجارودية : أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد .

- الصالحية : أصحاب الحسن بن صالح بن حي .

- البترية : أصحاب كثير النوي الأبتر .

- الفرقتان الصالحية والبترية متفقتان ومتماثلتان في الآراء .

- هذه الفرق بجملتها لم يعد لها مكانة بارزة عند الزيدية المعاصرة .

الأفكار والمعتقدات :

• يجيزون الإمامة في كل أولاد فاطمة ، سواء أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين - رضي الله عنهما .

- الإمامة لديهم ليست بالنص ، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق ، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة ، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها .

- يجوز لديهم وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين .

- تقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل إذ لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعاً بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها .

• معظم الزيدية المعاصرين يقرون خلافة أبي بكر وعمر ، ولا يلعنونهما كما تفعل فرق الشيعة ، بل يترضون عنهما ويقرون بصحة خلافة عثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور .

• يميلون إلى الإعتزال فيما يتعلق بذات الله ، والإختيار في الأعمال . ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منـزلة بين المنـزلتين كما تقول المعتزلة .

• يرفضون التصوف رفضاً قاطعاً .

• يخالفون الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه .

• يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر .

• هم متفقون مع أهل السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض سوى اختلافات قليلة في الفروع مثل :

- قولهم " حي على خير العمل " في الأذان على الطريقة الشيعية .

- صلاة الجنازة لديهم خمس تكبيرات .

- يرسلون أيديهم في الصلاة .

- صلاة العيد تصح فرادى وجماعة .

- يعدون صلاة التروايح جماعة بدعة .

- يرفضون الصلاة خلف الفاجر .

- فروض الوضوء عشرة بدلاً من أربعة عند أهل السنة .

• باب الإجتهاد مفتوح لكل من يريد الإجتهاد ، ومن عجز عن ذلك قلد ، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم .

• يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم الجائر ولا تجب طاعته .

• لا يقولون بعصمة الأئمة عن الأخطاء , كما لا يغالون في رفع أئمتهم علىغرار ما تفعله معظم فرق الشيعة الأخرى .

- لكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين - رضي الله نهم جميعاً .

• لا يوجد عندهم مهدي منتظر .

• يستنكرون نظرية البداء التي قال بها المختار الثقفي ، حيث إن الزيدية تقرر أن علم الله أزلي قديم غير متغير وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ .

• قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حراً مختاراً في طاعة الله أو عصيانه ، ففصلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة .

• مصادر الاستدلال عندهم كتاب الله ، ثم سنة رسول الله ، ثم القياس ومنه الاستحسان والمصالح المرسلة ، ثم يجيء بعد ذلك العقل ، فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهياً عنه .

وقد ظهر من بينهم علماء فطاحل أصبحوا من أهل السنة ، سلفيو المنهج والعقيدة أمثال : ابن الوزير وابن الأمير الشوكاني .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• يتمسكون بالعديد من القضايا التي يتمسك بها الشيعة كأحقية أهل البيت في الخلافة وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها ، وتقليدهم ، وزكاة الخمس ، فالملامح الشيعية واضحة في مذهبهم على الرغم من اعتدالهم عن بقية فرق الشيعة .

• تأثر الزيدية بالمعتزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جلياً في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية كبرى في الاستدلال ، إذ يجعلون له نصيباً وافراً في فهم العقائد وفي تطبيق أحكام الشريعة وفي الحكم بحسن الأشياء وقبحها فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار .

• أخذ أبو حنيفة عن زيد ، كما أن حفيداً لزيد وهو أحمد بن عيسى بن زيد قد أخذ عن تلاميذ أبي حينفة في العراق ، وقد تلاقي المذهبان الحنفي السني والزيدي الشيعي في العراق أولاً ، وفي بلاد ما وراء النهر ثانياً مما جعل التأثر والتأثير متبادلاً بين الطرفين .

الانتشار وموقع النفوذ:ــ

• قامت دولة للزيدية أسسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الديلم وطبرستان .

• كما أن الهادي إلى الحق أقام دولة ثانية لها في اليمن في القرن الثالث الهجري .

• انتشرت الزيدية في سواحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقاً وامتدت إلى الحجاز ومصر غرباً وتركزت في أرض اليمن .

ويتضح مما سبق :

أن الزيدية من أكثر فرق الشيعة اعتدالاً بالنسبة لغيرهم من فرق الشيعة ، ولصلاتهم القديمة بالمعتزلة تأثروا بكثير من أفكارهم ومعتقداتهم إلا أن المذهب الزيدي في الفروع لا يخرج عن إطار مدارس الفقه الإسلامي ومذاهبه ، ومواطن الاختلاف بين الزيدية والسنة في مسائل الفروع لا تكاد تذكر .


الشيعة الإمامية

التعريف :

الشيعة الامامية الإثنا عشرية هم تلك الفرقة من المسلمين الذين زعموا أن علياً هو الأحق في وراثة الخلافة دون الشيخين وعثمان رضي الله عنهم أجمعين . وقد أطلق عليهم الإمامية لأنهم جعلوا من الإمامة القضية الأساسية التي تشغلهم وسُمُّوا بالاثني عشرية لأنهم قالوا باثني عشر إماماً دخل آخرهم السرداب بسامراء على حد زعمهم . كما أنهم القسم المقابل لأهل السنة والجماعة في فكرهم وآرائهم المتميزة ، وهم يعملون لنشر مذهبهم ليعم العالم الإسلامي .

أبرز الشخصيات :

• الاثنا عشر إماماً الذين يتخذهم الشيعة الإمامية أئمة لهم يتسلسلون على النحو التالي :

_ علي بن أبي طالب –رضي الله عنه – الذي يلقبونه بالمرتضى رابع الخلفاء الراشدين ، وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد مات غيلةً حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40 ه‍.

_ الحسن بن علي رضي الله عنهما ، ويلقبونه بالمجتبى( 3-50 ه‍).

_ الحسين بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالشهيد ( 4- 61 ه‍) .

_ علي زين العابدين بن الحسين ( 38 _ 95ه‍) ويلقبونه بالسجاد .

_ محمد الباقر بن علي زين العابدين ( 57 _ 114ه‍) ويلقبونه بالباقر .

_ جعفر الصادق بن محمد الباقر ( 83 _ 148 ه‍) ويلقبونه بالصادق .

_ موسى الكاظم بن جعفر الصادق ( 128 _ 183 ه‍) ويلقبونه بالكاظم .

_ علي الرضا بن موسى الكاظم ( 148 _ 203 ه‍) ويلقبونه بالرضي .

_ محمد الجواد بن علي الرضا ( 195 _ 220 ه‍) ويلقبونه بالتقي .

_ علي الهادي بن محمد الجواد ( 212 ـ 254 ه‍) ويلقبونه بالنقي .

_ الحسن العسكري بن علي عبد الهادي ( 232 ـ 260 ه‍) ويلقبونه بالزكي

_ محمد المهدي بن الحسن العسكري ( 256 ـ … ) ويلقبونه بالحجة القائم المنتظر .

يزعمون بأن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بِسُرَّ من رأى ولم يعد ، وقد اختلفوا في سنه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات ، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى انه غير موجود أصلاً وأنه من اختراعات الشيعة ويطلقون عليه لقب ( المعدوم أو الموهوم ) .

• من شخصياتهم البارزة تاريخياً عبد الله بن سبأ ، وهو يهودي من اليمن . أظهر الإسلام ونقل ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة ، وعدم الموت وملك الرض ، والقدرة على أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق ، والعلم بما لا يعلمه أحد ، وإثبات البداء والنسيان على الله عز وجل – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً . وقد كان يقول في يهوديته بأن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام ، فقال في الإسلام بأن علياً وصي محمد صلى الله عليه وسلم . تنقل من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة وقال لعلي : (أنت أنت) أي أنت الله مما دفع علياً إلى أن يهم بقتله لكن عبد الله بن عباس نصحه بأن لا يفعل . فنفاه إلى المدائن .

• منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفي سنة 588 ه‍صاحب كتاب الاحتجاج طبع في إيران سنة 1302 ه‍.

• الكُليني صاحب كتاب الكافي المطبوع في إيران سنة 1278 ه‍وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة ويزعمون بأن فيه 16199 حديثاً . الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 ه‍والمدفون في المشهد المرتضوي بالنجف ، وهو صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب يزعم فيه بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه . ومن ذلك ادعاؤهم في سورة الإنشراح نقص عبارة ( وجعلنا علياً صهرك )،معاذ الله أن يكون ادعاؤهم هذا صحيحاً . وقد طبع هذا الكتاب في إيران سنة 1289 ه‍.

• آية الله المامقامي صاحب كتاب تنقيح المقال في أحوال الرجال وهو لديهم إمام الجرح والتعديل ، وفيه يطلق على أبي بكر وعمر لقب الجبت والطاغوت ، انظر 1/ 207 – طبع 1352ه‍بالمطبعة المرتضوية بالنجف .

• أبو جعفر الطوسي صاحب كتاب تهذيب الأحكام ، ومحمد بن مرتضى المدعو ملا محسن الكاشي صاحب كتاب الوافي ومحمد بن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة ومحمد باقر بن الشيخ محمد تقي المعروف بالمجلسي صاحب كتاب بحار النوار في أحاديث النبي والأئمة الأطهار وفتح الله الكاشاني صاحب كتاب منهج الصادقين وابن أبي الحديد صاحب شرح نهج البلاغة .

• آية الله الخميني : من رجالات الشيعة المعاصرين ، قاد ثورة شيعية في إيران تسلمت زمام الحكم ، وله كتاب كشف الأسرار وكتاب الحكومة الإسلامية . وقد قال بفكرة ولاية الفقيه . وبالرغم من انه رفع شعارات إسلامية عامة في بداية الثورة إلا انه ما لبث أن كشف عن نزعة شيعية متعصبة ضيقة ورغبة في تصدير ثورته إلى بقية العالم الإسلامي فقد اتخذ إجراءات أدى بعضها مع أسباب أخرى إلى قيام حرب استمرت ثماني سنوات مع العراق .

أهم العقائد :

• الإمامة : وتكون بالنص ، إذ يجب أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق بالعين لا بالوصف ، وان الإمامة من الأمور الهامة التي لا يجوز أن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ويتركها هملاً يرى كل واحد منهم رأياً . بل يجب أن يعين شخصاً هو المرجوع إليه والمعول عليه .

_ يستدلون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على إمامة على من بعده نصاً ظاهراً يوم غدير خم ، وهي حادثة لا يثبتها محدثو أهل السنة ولا مؤرخوهم .

_ ويزعمون أن علياً قد نص على ولديه الحسن والحسين .. وهكذا فكل إمام يعين الأمام الذي يليه بوصية منه . ويسمونهم الأوصياء .

• العصمة : كل الأئمة معصومون عن الخطأ والنسيان ، وعن اقتراف الكبائر والصغائر .

• العلم اللدني : كل إمام من الأئمة أُودع العلم من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم بما يكمل الشريعة ، وهو يملك علماً لدنياً ولا يوجد بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم من فرق سوى انه لا يوحى إليه ، وقد استودعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرار الشريعة ليبينوا للناس ما يقتضيه زمانهم .

• خوارق العادات : يجوز أن تجري هذه الخوارق على يد الإمام ، ويسمون ذلك معجزة وإذا لم يكن هناك نص على إمام من الإمام السابق عليه وجب أن يكون غياث الإمامة في هذه الحالة بالخارقة .

• الغيبة : يرون أن الزمان لا يخلو من حجة لله عقلاً وشرعاً، ويترتب على ذلك أن الإمام الثاني عشر قد غاب في سردابه، كما زعموا وأن له غيبة صغرى وغيبة كبرى، وهذا من أساطيرهم .

• الرجعة : يعتقدون أن الحسن العسكري سيعود في آخر الزمان عندما يأذن الله له بالخروج ، وكان بعضهم يقف بعد صلاة المغرب بباب السرداب وقد قدموا مركباً ، فيهتفون باسمه ، ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم ، ثم ينصرفون ويرجئون الأمر إلى الليلة التالية . ويقولون بأنه حين عودته سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً وسيقتص من خصوم الشيعة على مدار التاريخ ، ولقد قالت الإمامية قاطبة بالرجعة ، وقالت بعض فرقهم الأخرى برجعة بعض الموات .

• التقية : وهم يعدونها أصلاً من أصول الدين ، ومن تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة ، وهي واجبة لا يجوز رفعها حتى يخرج القائم ، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية ، كما يستدلون على ذلك بقوله تعالى : (( إلا أن تتقوا منهم تقاة )) وينسبون إلى أبي جعفر الإمام الخامس قوله : (( التقية ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له )) وهم يتوسعون في مفهوم التقية إلى حد كبير .

• المتعة : يرون بأن متعة النساء خير العادات وأفضل القربات مستدلين على ذلك بقوله تعالى : (( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة )) . وقد حرم الإسلام هذا الزواج الذي تشترط فيه مدة محدودة فيما يشترط معظم أهل السنة وجوب استحضار نية التأبيد ، ولزواج المتعة آثار سلبية كثيرة على المجتمع تبرر تحريمه .

• يعتقدون بوجود مصحف لديهم اسمه مصحف فاطمة : ويروي الكليني في كتابه الكافي في صفحة 57 طبعة 1278 ه‍عن أبي بصير ( أي جعفر الصادق ) : ( إن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام ، قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه حرف واحد من قرآنكم )

• البراءة : إنهم يتبرؤون من الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان وينعتونهم بأقبح الصفات لأنهم – كما يزعمون – اغتصبوا الخلافة دون علي الذي هو أحق منهم بها كما يبدؤون بلعن أبي بكر وعمر بدل التسمية في كل أمر ذي بال ، وهم ينالون كذلك من كثير من الصحابة باللعن ، ولا يتورعون عن النيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .

• المغالاة : بعضهم غالى في شخصية علي رضي الله عنه ، والمغالون من الشيعة رفعوه إلى مرتبة الألوهية كالسبئية ، وبعضهم قالوا بأن جبريل قد أخطأ في الرسالة فنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، بدلاً من أن ينزل على علي لأن علياً يشبه النبي صلى الله عليه وسلم كما يشبه الغراب الغراب ولذلك سموا بالغرابية .

• عيد غدير خم : وهو عيد لهم يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة ويفضلونه على عيدي الأضحى والفطر ويسمونه بالعيد الأكبر وصيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة ، وهو اليوم الذي يدعون فيه بأن النبي قد أوصى فيه بالخلافة لعلي من بعده .

• يعظمون عيد النيروز وهو من أعياد الفرس ، وبعضهم يقول غسل يوم النيروز سنة .

• لهم عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول وهو عيد أبيهم ( بابا شجاع الدين ) وهو لقب لقبوا به ( ابو لؤلؤة المجوسي ) الذي أقدم على قتل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .

• يقيمون حفلات العزاء والنياحة والجزع وتصوير الصور وضرب الصدور وكثير من الأفعال المحرمة التي تصدر عنهم في العشر الأول من شهر محرم معتقدين بأن ذلك قربة إلى الله تعالى وأن ذلك يكفر سيئاتهم وذنوبهم ، ومن يزورهم في المشاهد المقدسة في كربلاء والنجف وقم فسيرى من ذلك العجب العجاب .

الجذور العقائدية :

• انعكست في التشيع معتقدات الفرس الذين يدينون لهم بالملك والوراثة وقد ساهم الفرس فيه لينتقموا من الإسلام – الذي كسر شوكتهم – باسم الإسلام ذاته.
• اختلط الفكر الشيعي بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية والمانوية والبرهمية ، وقالوا بالتناسخ وبالحلول .
• استمد التشيع أفكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية آشورية وبابلية .
• أقوالهم في على بن أبي طالب وفي الأئمة من آل البيت تلتقي مع أقوال النصارى في عيسى عليه السلام ولقد شابهوهم في كثرة الأعياد وكثرة الصور واختلاق خوارق العادات وإسنادها إلى الأئمة .

أماكن الإنتشار :
تنتشر فرقة الأثنا عشرية من الإمامية الشيعية الآن في إيران وتتركز فيها ومنهم عدد كبير في العراق ، ويمتد وجودهم إلى الباكستان كما أن لهم طائفة في لبنان ، أما في سوريا فهناك طائفة قليلة منهم ولكنهم على صلة وثيقة بالنصيرية الذين هم من غلاة الشيعة .


الدروز

التعريف :

هي فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ، أخذت جل عقائدها من الإسماعيلية، وهي تنتسب إلى نشتكين الدرزي، نشأت في مصر لكنها لم تلبث أن هاجرت إلى الشام، عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين .

أبرز الشخصيات :

• محور العقدية الدرزية هو الخليفة الفاطمي : أبو علي المنصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي الملقب بالحاكم بأمر الله ولد سنة 375هـ‍وقتل سنة 411هـ‍، كان شاذاً في فكره وسلوكه وتصرفاته، شديد القسوة والتناقض والحقد على الناس، أكثر من القتل والتعذيب دون أسباب تدعو إلى ذلك .

• المؤسس الفعلي لهذه العقيدة هو : حمزة بن علي بن محمد الزوزني وهو الذي أعلن سنة 408ـه‍أن روح الإله قد حلت في الحاكم ودعا إلى ذلك وألف كتب العقائد الدرزية .

• محمد بن إسماعيل الدرزي : المعروف بنشتكين، كان مع حمزة في تأسيس عقائد الدروز إلا أنه تسرع في إعلان ألوهية الحاكم سنة 407 هـ‍مما أغضب حمزة عليه وأثار الناس ضده حيث فر إلى الشام وهناك دعا إلى مذهبه وظهرت الفرقة الدرزية التي ارتبطت باسمه على الرغم من أنهم يلعنونه لأنه خرج عن تعاليم حمزة الذي دبر لقتله سنة 411 هـ .

• الحسين بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأخرم أو الأجدع : وهو المبشر بدعوة حمزة بين الناس .

• بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي المعروف بالضيف :كان له أكبر الأثر في انتشار المذهب وقت غياب حمزة سنة 411هـ‍. وقد ألف كثيراً من نشراتهم مثل : رسالة التنبيه والتأنيب والتوبيخ ورسالة التعنيف والتهجين وغيرها . وهو الذي أغلق باب الإجتهاد في المذهب حرصاً على بقاء الأصول التي وضعها هو وحمزة والتميمي .

• أبو إبراهيم إسماعيل بن حامد التميمي : صهر حمزة وساعده الأيمن في الدعوة وهو الذي يليه في المرتبة .

• ومن الزعماء المعاصرين لهذه الفرقة :

_ كمال جنبلاط : زعيم سياسي لبناني أسس الحزب التقدمي الأشتراكي وقتل سنة 1977م.

_ وليد جنبلاط : وهو زعيمهم الحالي وخليفة والده في زعامة الدروز وقيادة الحزب .

_ د. نجيب العسراوي : رئيس الرابطة الدرزية بالبرازيل .

_ عدنان بشير رشيد : رئيس الرابطة الدرزية في استراليا .

_ سامي مكارم : الذي ساهم مع كمال جنبلاط في عدة تآليف في الدفاع عن الدروز .

• الناس في الدرزية على درجات ثلاث :

_ العقل : وهم طبقة رجال الدين الدارسين له والحفاظ عليه . وهم ثلاثة أقسام : رؤساء أو عقلاء أو أجاويد ، ويسمى رئيسهم شيخ العقل .

_ الأجاويد : وهم الذين اطلعوا على تعاليم الدين والتزموا بها .

_ الجهال : وهم عامة الناس .

أهم العقائد :

• يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله ولما مات قالوا بغيبته وانه سيرجع .

• ينكرون الأنبياء والرسل جميعاً ويلقبونهم بالأبالسة .

• يعتقدون بان المسيح هو داعيتهم حمزة .

• يبغضون جميع أهل الديانات الأخرى والمسلمين منهم بخاصة ويستبيحون دماءهم وأموالهم وغشهم عند المقدرة .

• يعتقدون بأن ديانتهم نسخت كل ما قبلها وينكرون جميع أحكام وعبادات الإسلام وأصوله كلها.

• حج بعض كبار مفكريهم المعاصرين إلى الهند متظاهرين بأن عقيدتهم نابعة من حكمة الهند .

• ولا يكون الإنسان درزياً إلا إذا كتب أو تلى الميثاق الخاص .

• يقولون بتناسخ الأرواح وأن الثواب والعقاب يكون بانتقال الروح من جسد صاحبها إلى جسد أسعد أو أشقى .

• ينكرون الجنة والنار والثواب والعقاب الأخرويين .

• ينكرون القرآن الكريم ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي ولهم مصحف خاص بهم يسمى المنفرد بذاته .

• يرجعون عقائدهم إلى عصور متقدمة جداً ويفتخرون بالإنتساب إلى الفرعونية القديمة وإلى حكماء الهند القدامى .

• يبدأ التاريخ عندهم من سنة 408هـ‍وهي السنة التي أعلن فيها حمزة ألوهية الحاكم .

• يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد ويفرضون الجزية والذل على المسلمين .

• يعتقدون أن الحاكم أرسل خمسة أنبياء هم حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء .

• يحرمون التزاوج مع غيرهم والصدقة عليهم ومساعدتهم كما يمنعون التعدد وإرجاع المطلقة .

• يحرمون البنات من الميراث .

• لا يعترفون بحرمة الأخت والأخ من الرضاعة .

• لا يقبل الدروز أحداً في دينهم ولا يسمحون لأحد بالخروج منه .

• ينقسم المجتمع الدرزي المعاصر – كما هو الحال سابقاً – من الناحية الدينية إلى قسمين :

_ الروحانيين : بيدهم أسرار الطائفة وينقسمون إلى : رؤساء وعقلاء واجاويد .

_ الجثمانيين : الذين يعتنون بالأمور الدنيوية وهم قسمان : أمراء وجهال .

• أما من الناحية الإجتماعية فلا يعترفون بالسلطات القائمة إنما يحكمهم شيخ العقل ونوابه وفق نظام الإقطاع الديني .

• يعتقدون ما يعتقده الفلاسفة من ان إلههم خلق العقل الكلي وبواسطته وجدت النفس الكلية وعنها تفرعت المخلوقات .

• يقولون في الصحابة أقوالاً منكرة منها قولهم : الفحشاء والمنكر هما ( أبو بكر وعمر ) رضي الله عنهما .

• التستر والكتمان من أصول معتقداتهم فهي ليست من باب التقية إنما هي مشروعة في أصول دينهم .

• مناطقهم خالية من المساجد ويستعيضون عنها بخلوات يجتمعون فيها ولا يسمحون لأحد بدخولها.

• لا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام ، وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في لبنان ولا يزورون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق .

• لا يتلقى الدرزي عقيدته ولا يبوحون بها إليه ولا يكون مكلفاً بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين وهو سن العقل لديهم .

• يصنف الدروز ضمن الفرق الباطنية لإيمانها بالتقية والقول بالباطن وبسرية العقائد .

• تؤمن بالتناسخ بمعنى أن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنساناً آخر يولد بعد موت الأول ، فإذا مات الثاني تقمصت روحه إنساناً ثالثاً وهكذا في مراحل متتابعة للفرد الواحد .

• للأعداد خمسة وسبعة مكانة خاصة في العقيدة الدرزية .

من كتب الدروز :

_ لهم رسائل مقدسة تسمى رسائل الحكمة وعددها 111 رسالة وهي من تأليف حمزة وبهاء الدين والتميمي .

_ لهم مصحف يسمى المنفرد بذاته .

_ كتاب النقاط والدوائر وينسب إلى حمزة بن علي ويذهب بعض المؤرخين في نسبته إلى عبد الغفار تقي الدين البعقلي الذي قتل سنة 900 هـ‍.

_ ميثاق ولي الزمان : كتبه حمزة بن علي ، وهو الذي يؤخذ على الدرزي حين يعرف بعقيدته.

_ النقض الخفي : وهو الذي نقض فيه حمزة الشرائع كلها وخاصة أركان الإسلام الخمسة .

_ أضواء على مسلك التوحيد : د. سامي مكارم .

الجذور العقائدية :

• تأثروا بالباطنية عموماً وخاصة الباطنية اليونانية متمثلة في أرسطو وأفلاطون وأتباع فيثاغورس واعتبرهم أسيادهم الروحانيين .

• أخذوا جُل معتقداتهم عن الطائفة الإسماعيلية .

• تأثروا بالدهريين في قولهم بالحياة الأبدية .

• وقد تأثروا بالبوذية في كثير من الأفكار والمعتقدات ، كما تأثروا ببعض فلسفة الفرس والهند والفراعنة القدامى .

أماكن الإنتشار :

• يعيش الدروز اليوم في لبنان وسوريا وفلسطين .

• غالبيتهم العظمى في لبنان ونسبة كبيرة من الموجودين منهم في فلسطين المحتلة قد أخذوا الجنسية الإسرائلية وبعضهم يعمل في الجيش الإسرائيلي .

• توجد لهم رابطة في البرازيل ورابطة في استراليا وغيرهما .

• نفوذهم في لبنان الآن قوي جداً تحت زعامة وليد جنبلاط ويمثلهم الحزب الإشتراكي التقدمي ولهم دور كبير في الحرب اللبنانية وعداوتهم للمسلمين لا تخفى على أحد .

• ويبلغ عدد المنتمين إليها حوالي 250 ألف نسمة موزعين بين سوريا 121 ألفاً ، ولبنان 90 ألفاً والباقي في فلسطين وبعض دول المهجر .


البلاليون

التعريف :

" أمة الإسلام " ، حركة ظهرت بين السود في أمريكا وقد تبنت الإسلام بمفاهيم خاصة غلبت عليها الروح العنصرية ، وعرفت فيما بعد باسم ( البلاليون ) بعد أن صححت كثيراً من معتقداتها وأفكارها .

التأسيس وأبرز والشخصيات :

• مؤسس هذه الحركة والاس د.فارد وهو شخص أسود غامض النسب ، ظهر فجأة في ديترويت عام 1930م داعياً إلى مذهبه بين السود ، وقد اختفى بصورة غامضة في يوينو 1934م .

• اليجابول أو اليجا محمد 1898-1975م التحق بالحركة وترقى في مناصبها حتى صار رئيساً لها وخليفة لفارد من بعده ، زار السعودية عام 1959م وتجول في تركيا وأثيوبيا والسودان والباكستان يرافقه ابنه والاس محمد الذي كان يقول بالترجمة .

• مالكم إكس ( مالك شباز ) : كان رئيساً للمعبد رقم 7 بنيويورك . خطيب ومفكر قام برحلة إلى الشرق العربي وحج عام 1963م ، ولما عاد تنكر لمبادئ الحركة العنصرية وخرج عليها وشكل فرقة عرفت باسم ( جماعة أهل السنة ) وقد اغتيل في 21 فبراير 1965م .

• لويس فرخان : الذي دخل في الإسلام عام 1950م وخلف مالكم إكس على رئاسة معبد رقم 7 وهو أيضاً خطيب وكاتب ومحاضر ، وهو على صلة قوية حالياً بالعقيد القذافي ، يدعو إلى قيام دولة مستقلة بالسود في أمريكا ما لم تحصلوا على حقوقهم الاجتماعية والسياسية كاملة .

• والاس و.محمد ، الذي تسمى باسم وارث الدين محمد ولد في ديترويت 30 أكتوبر 1933م وعمل رئيساً للحركة في معبد فيلادلفييا 1958-1960م وأدى فريضة الحج عام 1967م كما تكررت زياراته للملكة العربية السعودية .

- انفصل عن الحركة وتخلى عن مبادئ والده عام 1964م لكنه عاد إليها قبيل وفاة والده بخمسة أشهر آملاً في إدخال إصلاحات على الحركة من داخلها .

- حضر المؤتمر الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في نيويورك بولاية نيوجرسي 1397هـ/1977م .

- قام بزيارة للمركز الإسلامي بواشنطن في ديسمبر 1975م .

- حضر على رأس وفد المؤتمر الإسلامي المنعقد في كندا عام 1977م ، وفي كل مرة منها كان يعلن عن صدق توجهه الإسلامي وأنه سيسعى إلى تغيير المفاهيم الخاطئة في جماعته .

- زار الملكة العربية السعودية عام 1976م وتركيا وعدداً من بلاد الشرق وكان يقابل كبار الشخصيات في البلاد التي يزورها .

- أعلن في عام 1975م عن الشخصيات التي سيعتمد عليها في رئاسته للجماعة والذين من أبرزهم :

• مساعداه الخاصان كريم عبد العزيز والدكتور نعيم أكبر .

• المتحدث باسم المنظمة : عبد الحليم فرخان .

• مستشارون للنواحي الثقافية : د.عبد العليم شباز ، د.فاطمة علي ، فهمية سلطان .

• الأمين العام : جون عبد الحق .

• رئيس القيادة العسكرية : اليجا محمد الثاني .

• ريموند شريف : صار وزيراً للعدل بعد أن كان قائداً أعلى لحرس الحركة المسمى ثمرة الإسلام ويرم إليه بالرمز F.O.I الذي تأسس منذ عام 1937م .

• أمينة رسول مسؤولة عن جهاز تطوير المرأة .

• د.ميكل رمضان : الممثل لكافة لجان المساجد ورئيس لجنة التوجيه .

• ثيرون مهدي : الذي انضم للحركة عام 1967م رئيساً لهيئة اكتشاف الفساد والآفات الاجتماعية بين أفرد الحركة التي تشكلت عام 1976م .

• إبراهيم كمال الدين : المشرف على هيئة فرقة الأرض الحديثة للإشراف على مشروع الإسكان في الناحية الجنوبية من شيكاغو .

• سلطان محمد : أحد أحفاد اليجا محمد : يقال بأنه على فهم جيد للإسلام ، وهو إمام في واشنطن ، وكان يدرس الإسلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وقد توفي عام 1410هـ في الرياض .

• محمد علي كلاي : الملاكم العالمي المعروف : يقال بأن مالكم اكس هو الذي اجتذبه إلى الحركة كما أنه كان أحد أعضاء المجلس الذي أنشأه والاس محمد بعد استلامه رئاسة الحركة من أجل التخطيط للأمور المهمة في الجماعة .

الأفكار والمعتقدات :

لا بد من ملاحظة أن أفكار هذه الحركة قد تطورت تدريجياً متأثرة بشخصية الزعيم الذي يدير أمورها ، ولذا فإنه لا بد من تقسيم تطور الحركة إلى ثلاث فترات ( انظر مادة الفرخانية ) .

اولاً : في عهد والاس د.فارد :

• عرفت المنظمة منذ تأسيسها باسم " أمة الإسلام " كما عرفت باسم آخر هو ( أمة الإسلام المفقودة المكتشفة ) ، وبرزت أهم أهدافها فيما يلي :

- التأكيد على الدعوة إلى الحرية والمساواة والعدالة والعمل على الرقي بأحوال الجماعة .

- التركيز على تفوق العنصر الأسود وأصالته والتأكيد على انتمائهم إلى الأصل الأفريقي والتهجم على البيض ووصفهم بالشياطين .

- العمل على تحويل أتباعها من التوراة والإنجيل إلى القرآن مع استمرار الأخذ من الكتاب المقدس في بعض الأفكار .

أنشأ زعيمها منظمتين:واحدة للنساء أطلق عليها اسم ( تدريب البنات المسلمات ) ويرمز لها بالرمز ( T.M.G ) وأخرى للرجال أسماها ( ثمرة الإسلام ) بغية إيجاد جيش قوي يحمي الحركة ويدعم مركزها الاجتماعي والسياسي.

ثانياً : في عهد اليجا محمد :

• أعلن اليجا محمد أن الإله ليس شيئاً غيبياً ، بل يجب أن يكون متجسداً في شخص ، وهذا الشخص هو فارد الذي حل فيه الإله ، وهو جدير بالدعاء والعبادة . وقد أدخل بذلك مفاهيم باطنية على فكر جماعته .

• اتخذ لنفسه مقام النبوة وصار يتصف بلقب رسول الله .

• حرم على أتباعه القمار وشرب الخمور والتدخين والإفراط في الطعام والزنى ، ومنع اختلاط المرأة برجل أجنبي عنها ، وحثهم على الزواج داخل أبناء وبنات الحركة ومنعهم من ارتياد أماكن اللهو ولمقاهي العامة .

• الإصرار على إعلاء العنصر الأسود واعتباره مصدراً لكل معاني الخير ، مع الاستمرار في ازدراء العرق الأبيض ووصفه بالضعة والدونية ، ولا شك أن الاكتتاب في الحركة مقصور على السود دون البيض بشكل قطعي والدونية لا مجال لمناقشته إطلاقاً .

• لا يؤمن اليجا محمد إلا بما يخضع للحس ، وعليه فإنه لا يؤمن بالملائكة ولا يؤمن كذلك بالبعث الجسماني إذ أن البعث لديه ليس أكثر من بعث عقلي للسود الأمريكيين .

• لا يؤمن بختم الرسالة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويعلن أنه هو خاتم الرسل إذ ما من رسول إلا ويأتي بلسان قومه وهو أي - اليجا محمد - قد جاء نبياً يوحى إليه من قبل فارد بلسان قومه السود .

• يؤمن بالكتب السماوية ، لكنه يؤمن بأن كتاباً خاصاً سوف ينزل على قومه السود والذي سيكون بذلك الكتاب السماوي الأخير للبشرية .

• الصلاة على عهده عبارة عن قراءة للفاتحة أو آيات أخرى ودعاء مأثور مع التوجه نحو مكة واستحضار صورة فارد في الأذهان ، وهي خمس مرات في اليوم .

• صيام شهر ديسمبر من كل عام عوضاً عن صوم رمضان .

• يدفع كل عضو عشر دخله للحركة .

• ألف عدداً من الكتب التي تبين أفكاره ، منها :

- رسالة إلى الرجل الأسود ( في أمريكا ) .

- منقذنا قد وصل .

- الحكمة العليا .

- سقوط أمريكا .

- كيف تأكل لتعيش .

- أنشأ صحيفة تنطق بلسانهم أسماها محمد يتكلم .

ثالثاُ : في عهد وارث الدين محمد :

• في 24 نوفمبر 1975م اختار وارث الدين اسماً جديداً للمنظمة هو ( البلاليون ) نسبة لبلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

• ألغى وارث الدين في 19 يونيو 1975م قانون منع البيض من الانضمام إلى الحركة وفي 25 فبراير 1976م ظهر في قاعة الاحتفالات عدد من البيض المنضمين إليهم جنباً إلى جنب مع السود .

• العلم الأمريكي صار يوضع إلى جانب علم المنظمة بعد أن كان ذلك العلم يمثل الرجل الأبيض ذا العيون الزرقاء الشيطان القوقازي .

• في 29 أغسطس 1975م صدر قرار بضرورة صوم رمضان والاحتفال بعيد الفطر .

• وفي 14 نوفمبر 1975م تحول اسم الصحيفة من محمد يتكلم إلى بلاليان نيوز ثم أصبحت الجريدة الإسلامية .

• أعلن أن لقبه إمام وقد حصر اهتمامه بالأمور الدينية بينما وزع الأمور الأخرى على القياديين في الحركة.

• تم إعداد المعابد لتكون صالحة لإقامة الصلاة .

• أصدر في 3 أكتوبر 1975م أمراً بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة لدى المسلمين خمس مرات في اليوم .

• التأكيد على الخلق الإسلامي والأدب والذوق وحسن الهندام ولبس الحشمة بالنسبة للمرأة .

• يقوم الدعاة في الحركة بزيارة السجون لنشر الدعوة بين المساجين وقد لاحظت سلطات الأمن أن السجين الأسود الذي يعرف عنه التمرد وعدم الطاعة داخل السجن يصبح أكثر استقامة وانضباطاً بمجرد دخوله في الإسلام ، ومن هنا فإن السلطات تسر بقيام الدعاة بدعوتهم هذه بين المسجونين .

• تصحيح المفاهيم الإسلامية ، التي اعتنقتها الحركة منذ أيام فارد واليجا محمد بطريقة خاطئة ، ومحاولة تصويبها .

• إن الأمور التي ذكرناها سابقاً لا تدل على أن الحركة قد توجهت توجهاً إسلامياً صحيحاً تماماً ، لكنها تدل على أن هناك تحسناً نوعياً قد طرأ على أفكار ومعتقدات الحركة قياساً على ما كانت عليه في عهد من سبقه . وهي ما تزال بحاجة إلى إصلاحات عقائدية وتطبيقية حتى تكون على الجادة الإسلامية .

• لقد اضطربت الأمور كثيراً بين قادة الحركة وكان محصلة هذا الاضطراب أن أعلن وارث الدين في 25 مايو 1985م حل الجماعة وترك كل شعبة من شعبها تعمل بشكل منفرد ، وفي كل يوم هناك جديد حول المصير الذي ستؤول إليه الحركة .

• هناك محاولات يقوم بها العقيد القذافي ومحاولات يقوم بها حكام إيران بغية احتواء الحركة وتسييرها وفق الأهواء الخاصة بكل منهما ، وهناك شخصيات جديدة تظهر وزعامات تختفي وانقسامات قد تهدد الجميع .

• لقد عرفت الجماعة بعدد من الأسماء كان من آخرها أمة الإسلام في الغرب .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• قامت هذه الحركة على أنقاض حركتين قويتين ظهرتا بين السود هما :

- الحركة المورية التي دعا إليها الزنجي الأمريكي تيموثي نوبل درو علي 1886-1913م الذي أسس حركته سنة 1913م وهي دعوة فيها خليط من المبادئ الاجتماعية والعقائدية الدينية المختلفة وهم يعدون أنفسهم مسلمين لكن حركتهم أصيبت بالضعف إثر وفاة زعيمها .

- منظمة ماركوس جارفي 1887-1940م الذي أسس منظمة سياسية للسود سنة 1916م تحت اسم Universai Negro Improvement Associlation وتتصف هذه الحركة بأنها نصرانية لكن على أساس جعل المسيح أسود وأمه سوداء وقد أبعد زعيمها عن أمريكا سنة 1925م مما أدى كذلك إلى اندثار هذه الحركة .

• ولهذا يمكن أن يقال بأن هذه الحركة تنظر إلى الإسلام على أنه إرث روحي يمكن أن ينقذ السود من سيطرة البيض ويدفع بهم إلى تشكيل أمة خاصة متميزة لها حقوقها ومكاسبها ومكانتها .

• تأثر المؤسس الرئيسي للحركة اليجا محمد بما في التوراة والإنجيل من أفكار بالإضافة إلى ما أخذه من الإسلام وافرازات التمييز العنصري في الولايات المتحدة .

الانتشار ومواقع النفوذ :

• يبلغ عدد السود في أمريكا أكثر من 35 مليون نسمة منهم حوالي مليون مسلم .

• كانوا يسمون مساجدهم معابد ولهم الآن ثمانون شعبة في مختلف أنحاء أمريكا ونخصص الحصة الأولى كل يوم لتعليم الدين الإسلامي .

• يتركز المسلمون السود في ديترويت وشيكاغو وواشنطن ومعظم المدن الأمريكية الكبيرة ويحلمون بقيام دولة مستقلة ، وهم يناصرون قضايا السود بعامة .

ويتضح مما سبق :

أن أمة الإسلام في الغرب حركة مذهبية فكرية ، ادعت انتسابها للإسلام ، ولكنها أفرغته أمداً طويلاً من جوهره ومضمونه ، ذلك أنها في عهدها الأول ، وإن كانت قد دعت إلى تحويل أتباعها صوب القرآن الكريم إلا أنها أبقت على فكرة الاستمرار في الأخذ من التوراة والإنجيل . وفي عهدها الثاني اتبعت المفاهيم الباطنية وقالت إن الإله ليس شيئاً غيبيا وإنما يجب أن يتجسد شخصاً معيناً هو فارد الذي حل فيه الإله فعلاً كما يزعمون ، وذهبت إلى عدم ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبشرت بنزول كتاب سماوي على السود ، وجعلت الصيام في شهر ديسمبر بديلاً عن صوم رمضان . وفي عهدها الثالث اتخذت هذه المنظمة اسماً جديداً هو : " البلاليون " نسبة إلى بلال الحبشي مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد أمر وارث الدين محمد بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة ، مع تصحيح المفاهيم الإسلامية السابقة لديهم ، وبدأ الاتجاه الحقيقي لهم صوب الإسلام بمفهومه الحق .



الأشاعرة

الأشاعرة : فرقة كلامية إسلامية ، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة . وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• أبو الحسن الأشعري : هو أبو الحسن علي بن إسماعيل ، من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، ولد بالبصرة سنة 270هـ ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل :

- المرحلة الأولى : عاش فيها في كنف أبي علي الجيائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .

- المرحلة الثانية : ثار فيه على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه ، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً ، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه ، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل : الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .

- المرحلة الثالثة : إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل ، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم والذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل . ولم يقتصر على ذلك بل خلف مكتبة كبير ة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدر بثمانية وستين مؤلفاً ، توفي سنة 324هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته : " اليوم مات ناصر السنة " .

• بعد وفاة أبو الحسن الأشعري ، وعلى يد أئمة المذهب وواضعي أصوله وأركانه ، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور ، تعدد فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده ، و ما ذلك إلا لأن المذهب لم يبن في البداية على منهج مؤصل ، واضحة أصوله الاعتقادية ، ولا كيفية التعامل مع النصوص الشرعية ، بل تذبذبت مواقفهم واجتهاداتهم بين موافقة مذهب السلف واستخدام علم الكلام لتأييد العقيدة والرد على المعتزلة . من أبرز مظاهر ذلك التطور :

- القرب من أهل الكلام والاعتزال .

- الدخول في التصوف ، والتصاق المذهب الأشعري به .

- الدخول في الفلسفة وجعلها جزء من المذهب .

• من أبرز أئمة المذهب :

-القاضي أبو بكر الباقلاني : ( 328-402هـ ) (950-1013هـ ) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر ، من كبار علماء الكلام ، هذب بحوث الأشعري ، وتكلم في مقدمات البراهين العقلية للتوحيد وغالى فيها كثيراً إذ لم ترد هذه المقدمات في كتاب ولا سنة ، ثم انتهى إلى مذهب السلف وأثبت جميع الصفات كالوجه واليدين على الحقيقة وأبطل أصناف التأويلات التي يستعملها المؤولة وذلك في كتابه : تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل .

ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها . وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم ، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها . من كتبه : إعجاز القرآن ، الإنصاف ، مناقب الأئمة ، دقائق الكلام ، الملل والنحل ، الاستبصار ، تمهيد الأوائل ، كشف أسرار الباطنية .

_ أبو إسحاق الشيرازي : ( 293-476هـ ) ( 1003-1083م ) . وهو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي ، العلامة المناظر ، ولد في فيروز أباد بفارس وانتقل إلى شيراز ، ثم البصرة ومنها إلى بغداد سنة ( 415هـ ) . وظهر نبوغه في الفقه الشافعي وعلم الكلام ، فكان مرجعاً للطلاب ومفتياً للأمة في عصره ، وقد اشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة . بنى له الوزير نظام الملك : المدرسة النظامية على شاطىء دجلة ، فكان يدرس فيها ويديرها .

عاش فقيراً صابراً ، وكان حسن المجالسة ، طلق الوجه فصيحاً ، مناظراً ، ينظم الشعر ، مات ببغداد وصلى عليه المقتدر العباسي .

من مصنفاته : التنبيه والمهذب في الفقه ، والتبصرة في أصول الشافعية ، وطبقات الفقهاء ، واللمع في أصول الفقه وشرحه ، والملخص ، والمعونة في الجدل .

• أبو حامد الغزالي : ( 450-505هـ) ( 1058-1111م ) وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي ، حجة الإسلام .. ولد في الطابران ، قصبة طوس خراسان وتوفي بها . رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد ، فالحجاز ، فبلاد الشام ، فمصر ثم عاد إلى بلدته .

لم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني ، بل خالف الأشعري في بعض الآراء وخاصة فيما يتعلق بالمقدمات العقلية في الاستدلال ، وذم علم الكلام وبين أن أدلته لا تفيد اليقين كما في كتبه المنقذ من الضلال ، وكتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة ، وحرم الخوض فيه فقال : " لو تركنا المداهنة لصرحنا بأن الخوض في هذا العلم حرام " . اتجه نحو التصوف ، واعتقد أنه الطريق الوحيد للمعرفة .. وعاد في آخر حياته إلى السنة من خلال دراسة صحيح البخاري .

• أبو إسحاق الإسفراييني : ( ت418هـ) ( 1027م ) وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران ، أبو إسحاق عالم بالفقه والأصول وكان يلقب بركن الدين وهو أول من لقب به من الفقهاء . نشأ في إسفرايين ( بين نيسابور وجرجان ) ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له مدرسة عظيمة فدرس فيها ، ورحل إلى خراسان وبعض أنحاء العراق ، فاشتهر في العالم الإسلامي . ألف في علم الكلام كتابه الكبير ، الذي سماه الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين . قال ابن خلكان : رأيته في خمسة مجلدات . توفي أبو إسحاق الإسفراييني يرحمه الله تعالى - في يوم عاشوراء سنة عشرة وأربعمائة بنيسابور ثم نقل إلى إسفرايين ودفن بها وكان قد نيف على الثمانين .

• إمام الحرمين أبو المعالي الجويني : ( 419-478هـ ) ( 1028-1085م ) . وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني ، الفقيه الشافعي ولد في بلد جوين ( من نواحي نيسابور ) ثم رحل إلى بغداد ، فمكة حيث جاور فيها أربع سنين ، وذهب إلى المدينة المنورة فأفتى ودرس . ثم عاد إلى نيسابور فبنى له فيها الوزير نظام الملك المدرسة النظامية ، وكان يحضر دروسه أكابر العلماء . وبقي على ذلك قريباً من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع ، ودافع عن الأشعرية فشاع ذكره في الأفاق ، إلا أنه في نهاية حياته رجع إلى مذهب السلف . وقد قال في رسالته : النظامية والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة … ويعضد ذلك ما ذهب إليه في كتابه غياث الأمم في التياث الظلم ، فبالرغم من أن الكتاب مخصص لعرض الفقه السياسي الإسلامي فقد قال فيه :" والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب ، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين ، قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات … " .

- نقل القرطبي في شرح مسلم أن الجويني كان يقول لأصحابه : " يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام ، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به " . توفي بنيسابور وكان تلامذته يومئذ أربعمائة . ومن مصنفاته . العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية ، البرهان في أصول الفقه ، ونهاية المطلب في دراية المذهب في فقه الشافعية ، والشامل في أصول الدين .

* الإمام الفخر الرازي ( 544هـ – 1150م ) ( 606هـ - 1210م ) : هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن الحسين التيمي الطبرستاني الرازي المولد ، الملقب فخر الدين المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعي قال عنه صاحب وفيات الأعيان " إنه فريد عصره ونسيج وحده ، فاق أهل زمانه في علم الكلام ، والمعقولات " أهـ ، وهو المعبر عن المذهب الأشعري في مرحلته الأخيرة حيث خلط الكلام بالفلسفة ، بالإضافة إلى أنه صاحب القاعدة الكلية التي انتصر فيها للعقل وقدمه على الأدلة الشرعية . قال فيه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان : ( 4/426 - 429 ) : " كان له تشكيكات على السنة على غاية من الوهن " إلا أنه أدرك عجز العقل فأوصى وصية تدل على حسن اعتقاده فقد نبه في أواخر عمره إلى ضرورة اتباع منهج السلف ، وأعلن أنه أسلم المناهج بعد أن دار دورته في طريق علم الكلام فقال : " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية رأيتها لا تشفي عليلاً ولا تروي عليلاً ، ورأيت أقرب الطرق ، طريقة القرآن ، اقرأ في الإثبات [ الرحمن على العرش استوى ] و [ إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه ] ، و أقر في النفي [ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ] و [ ولا يحيطون به علماً ] ، ثم قال في حسرة وندامة : " ومن جرب تجربتي عرف معرفتي " أهـ . ( الحموية الكبرى لا بن تيمية ) .

من أشهر كتبه في علم الكلام : أساس التقديس في علم الكلام ، شرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا ، واللوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات ، البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والضلال ، كافية العقول .

الأفكار والمعتقدات :

• مصدر التلقي عند الأشاعرة : الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض ، صرح بذلك الرازي في القانون الكلي للمذهب في أساس التقديس والآمدي وابن فورك وغيرهم .

- عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة لأنها لا تفيد العلم اليقيني ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي. والمتواتر منها يجب تأويله ، ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل فرادى لتبليغ الإسلام كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن ، ولقوله صلى الله عليه وسلم " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها … " الحديث ، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة .

- مذهب طائفة منهم وهم : صوفيتهم كالغزالي والجامي في مصدر التلقي ، تقديم الكشف والذوق على النص ، وتأويل النص ليوافقه . ويسمون هذا " العلم اللدني " جرياً على قاعدة الصوفية " حدثني قلبي عن ربي " . وكما وضح ذلك في الرسالة اللدانية 1/114-118 من مجموعة القصور العوالي ، وكبرى اليقينيات لمحمد سعيد رمضان البوطي ، الإهداء - 32-35 . ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب .

• يقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التلقي إلى ثلاثة أقسام :

- قسم مصدره العقل وحده وهو معظم الأبواب ومنه باب الصفات ولهذا يسمون الصفات التي تثبت بالعقل " عقلية " وهذا القسم يحكم العقل بوجوبه دون توقف على الوحي عندهم . أما ما عدا ذلك من صفات خير دل الكتاب والسنة عليها فإنهم يؤولونها .

- قسم مصدره العقل والنقل معاً كالرؤية - على خلاف بينهم فيها .

- قسم مصدره النقل وحده وهو السمعيات ذات المغيبات من أمور الآخرة كعذاب القبر والصراط والميزان وهو مما لا يحكم العقل باستحالته ، فالحاصل أنهم في صفات الله جعلوا العقل حاكماً ، وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلاً ، وفي الرؤية جعلوه مساوياً . أما في مذهب أهل السنة والجماعة فلا منافاة بين العقل أصلاً ولا تقديم للعقل في جانب وإهمال في جانب آخر وإنما يبدأ بتقديم النقل على العقل .

* خالف الأشاعرة مذهب السلف في إثبات وجود الله تعالى ، ووافقوا الفلاسفة والمتكلمين في الاستدلال على وجود الله تعالى بقولهم : إن الكون حادث ولا بد له من محدث قديم وأخص صفات القديم مخالفة للحوادث وعدم حلوله فيها ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس بجوهر ولا جسم ولا في جهة ولا في مكان . وقد رتبوا على ذلك من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت حصر مثل : إنكارهم صفات الرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم من أجل الرد على القائلين بقدم العالم ، بينما طريقة السلف هي طريقة القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الخالق سبحانه وتعالى .

• التوحيد عند الأشاعرة هو نفي التثنية والتعدد بالذات ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي نفي الكمية المتصلة والمنفصلة . وفي ذلك يقولون : إن الله واحد في ذاته لا قسيم له ، واحد في صفاته لا شبيه له ، واحد في أفعاله لا شريك له . ولذلك فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع ، و أنكروا صفات الوجه واليدين والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم . وفي هذا مخالفة كبيرة لمفهوم التوحيد عند أهل السنة والجماعة من سلف الأمة ومن تبعهم - ، وبذلك جعل الأشاعرة التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته وتأويل بعض صفاته .

وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد هو أول واجب على العبد إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل .

- إن أول واجب عند الأشاعرة إذا بلغ الإنسان سن التكليف هو النظر أو القصد إلى النظر ثم الإيمان ، ولا تكفي المعرفة الفطرية ثم اختلفوا فيمن آمن بغير ذلك بين تعصيته و تكفيره ..

بينما يعتقد أهل السنة والجماعة أن أول واجب على المكلفين هو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له ، توحيد الألوهية بدليل الكتاب والسنة والإجماع ، وأن معرفة الله تعالى أمر فطري مركوز في النفوس .

- يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين واليمين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه ، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل حيث أكثر نصوص الإيمان خاصة فيما يتعلق بإثبات الزيادة والنقصان ، وكذلك موضوع عصمة الأنبياء . أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص - بمعنى تحريفه - أو تفويضه ، سواءاً كان في نصوص الصفات أو غيرها .

• الأشاعرة في الإيمان بين : المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان ، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين ، ( تبسيط العقائد الإسلامية 29-32 ) . و مال إليه البوطي و ( كبرى اليقينيات 196 ) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها : ( أم حسب الذين اجترحوا اليسئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون ) . عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم ، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله وغير ذلك كثير .

• الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير فتارة يقولون لا تكفر أحداً ، وتارة يقولون لا تكفر إلا من كفرنا ، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق ، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون : إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر .

أما أهل السنة والجماعة فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً ،

ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفرة بإثبات شروط وانتفاء موانع 0

• قولهم بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة ولكنه كلام الله النفسي وإن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة . يقول صاحب الجوهرة : " يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم " وذلك في محاولة لم يحالفها النجاح للتوفيق بين أهل السنة والجماعة والمعتزلة .

أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو : أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل و سمعه موسى - عليه السلام - ويسمعه الخلائق يوم القيامة . يقول تعالى : (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )) .

• والإيمان والطاعة بتوفيق الله ، والكفر والمعصية بخذلانه ، والتوفيق عند الأشعري ، خلق القدرة على الطاعة ، والخذلان عنده : خلق القدرة على المعصية ، وعند بعض أصحاب الأشعري ، تيسير أسباب الخير هو التوفيق وضده الخذلان .

• كل موجود يصح أن يرى ، والله موجود يصح أن يرى ، وقد ورد في القرآن أن المؤمنين يرونه في الآخرة ، قال تعالى : (( وجوه يوم ناظرة إلى ربها ناظرة )) . ولكن يرى الأشاعرة إنه لا يجوز أن تتعلق به الرؤية على جهة ومكان وصورة ومقابلة واتصال شعاع فإن كل ذلك مستحيل . وفي ذلك نفي لعلو الله تعالى والجهة بل ونفي للرؤية نفسها . ويقرب الرازي كثيراً من قول المعتزلة في تفسيره للرؤية بأنها مزيد من الانكشاف العلمي .

• حصر الأشاعرة دلائل النبوة بالمعجزات التي هي الخوارق ، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النبي بينما يرى جمهور أهل السنة أن دلائل ثبوت النبوة للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات .

• صاحب الكبيرة إذا خرج من الدنيا بغير توبة حكمه إلى الله تعالى ، إما أن يغفر له برحمته ، وإما أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، موافقة لمذهب أهل السنة والجماعة .

• يعتقد الأشاعرة أن قدرة العبد لا تأثير لها في حدوث لها في حدوث مقدورها ولا في صفة من صفاته ، وأن الله تعالى أجرى العادة بخلق مقدورها مقارناً لها ، فيكون الفعل خلقاً من الله وكسباً من العبد لوقوعه مقارناً لقدرته . ولقد عد المحققون " الكسب " هذا من محالات الكلام وضربوا له المثل في الخفاء والغموض ، فقالوا : " أخفى من كسب الأشعري " ، وقد خرج إمام الحرمين وهو من تلاميذ الأشعري عن هذا الرأي ، وقال بقول أهل السنة والجماعة بل والأشعري نفسه كتاب الإبانة رجع عن هذا الرأي .

• قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً ، ولكنهم قالوا إن الله يجعل لكل نبي معجزة لأجل إثبات صدق النبي فتناقضوا في ذلك بين ما يسمونه نفي الحكمة و الغرض وبين إثبات الله للرسول المعجزة تفريقاً بينه وبين المتنبئ .

• وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ ، وأمور الآخرة من : الحشر والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة والجنة والنار ، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم ، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة ، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .

• كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطاً وعن اجتهاد منهم ، ولذا الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق ، كما يرون الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات .

• فضلاً عن تصدي الأشعري للمعتزلة ومحاجتهم بنفس أسلوبهم الكلامي ليقطع شبهاتهم ويرد حجتهم عليهم ، تصدى أيضاً للرد على الفلاسفة والقرامطة والباطنية ، والروافض وغيرهم من أهل الأهواء الفاسدة والنحل الباطلة .

• والأشعري في كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي هو آخر ما ألف من الكتب على أصح الأقوال ، رجع عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل .. يقول رحمه الله :" وقولنا الذي نقول به ، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبينة نبينا عليه السلام ، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ، ورفع درجته ، وأجزل مثوبته - قائلون ، ولما خالف قوله مخالفون ، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ، ورفع به ضلال الشاكين ، فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفخم ".

• إن مدرسة الأشعرية الفكرية لا تزال مهيمنة على الحياة الدينية في العالم الإسلامي ، ولكنها كما يقول الشيخ أبو الحسن الندوي : " فقدت حيويتها ونشاطها الفكري ، وضعف إنتاجها في الزمن الأخير ضعفاً شديداً وبدت فيها آثار الهرم والإعياء ". لماذا ؟

- لأن التقليد طغى على تلاميذ هذه المدرسة وأصبح علم الكلام لديهم علماً متناقلاً بدون تجديد في الأسلوب .

- لإدخال مصطلحات الفلسفة وأسلوبها في الاستدلال في علم الكلام .. فكان لهذا أثر سيئ في الفكر الإسلامي ، لأن هذا الأسلوب لا يفيد العلم القطعي .. ولهذا لم يتمثل الأشاعرة بعد ذلك مذهب أهل السنة والجماعة ومسلك السلف ، تمثلاً صحيحاً ، لتأثرهم بالفلاسفة وإن هم أنكروا ذلك .. حتى الغزالي نفسه الذي حارب الفلاسفة في كتبه تهافت الفلاسفة يقول عنه تلميذه القاضي ابن العربي : " شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة ، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر " .

- تصدي الإمام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية التي اعتقد أنها انحرفت عن الكتاب والسنة - ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم - في كتابه القيم : درء تعارض العقل والنقل وفند آراءهم الكلامية ، وبين أخطاءهم وأكد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيد ة .

الجذور الفكرية و العقائدية :

• كما رأينا في آراء أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية أن العقيدة الإسلامية ، كما هي في الكتاب والسنة و على منهج ابن كلاب هي الأساس في آرائه الكلامية وفي ما يتفق مع أحكام العقل .

• تأثر أئمة المذهب بعد أبي الحسن الأشعري ببعض أفكار ومعتقدات : الجهمية من الإرجاء والتعطيل ، وكذلك بالمعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها ، ونفي العلو والصفات الخبرية كما تأثرو بالجبرية في مسألة القدر .

• لا ينفي ذلك تأثرهم بعقيدة أهل السنة والجماعة فيما وافقوهم فيها .

الانتشار ومواقع النفوذ :

انتشر المذهب الأشعري في عهد وزارة نظام الملك الذي كان أشعري العقيدة ، وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية السلجوقية ، وكذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة .

وزاد في انتشارها وقوتها مدرسة بغداد النظامية ، ومدرسة نيسابور النظامية ، وكان يقوم عليهما رواد المذهب الأشعري ، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامية وقتها ، كما تبنى المذهب وعمل على نشره المهدي بن تومرت مهدي الموحدين ، ونور الدين محمود زنكي ، والسلطان صلاح الدين الأيوبي ، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء عليه ، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين . ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله ، لا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية وله جامعاته ومعاهده المتعددة .

يتضح مما سبق :

إن الأشاعرة فرقة كلامية إسلامية تنسب إلى أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية التي خرج فيها على المعتزلة ودعى فيها إلى التمسك بالكتاب والسنة ، على طريقة ابن كلاب ، وهي تثبت بالعقل الصفات العقلية السبع فقط لله تعالى ، ( الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام ) واختلفوا في صفة البقاء ، أما الصفات الاختيارية والمتعلقة بالمشيئة من الرضا والغضب والفرح والمجيء والنزول فقد نفوها ، بينما يأولون الصفات الخبرية لله تعالى أو يفوضون معناها . ويؤمن متأخرو الأشاعرة ببعض الأفكار المنحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة التي تصدى لها ولغيرها شيخ الإسلام ابن تيمية ، لا سيما في مجال العقيدة ، حيث أكد أن أسلوب القرآن والسنة بفهم السلف الصالح هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيدة والدين . وعموماً فإن عقيدة الأشاعرة تنسب إلى عقيدة أهل السنة والجماعة بالمعنى العام في مقابل الخوارج والشيعة والمعتزلة ، وأن الأشاعرة ، وبخاصة أشاعرة العراق الأوائل أمثال أبو الحسن الأشعري ، والباهلي ، وابن مجاهد ، والباقلاني وغيرهم ، أقرب إلى السنة والحق من الفلاسفة والمعتزلة بل ومن أشاعرة خراسان كأبي بكر بن فورك وغيره ، وإنهم ليحمدوا على موافقتهم في الدفاع عن السنة والحق في وجه الباطنية والرافضة والفلاسفة ، فكان لهم جهد المحمود في هتك أستار الباطنية وكشف أسرارهم ، بل وكان لهم جهادهم المشكور في كسر سورة المعتزلة والجهمية . وعلى ذلك فإن حسناتهم على نوعين كما صرح شيخ الإسلام ابن تيمية : " إما موافقة السنة والحديث ، وأما الرد على من خالف السنة والحديث ببيان تناقض حججهم " . ويقول أيضاً : " ومنهم من يذمهم لما وقع كلامهم من البدع والباطل ، وخير الأمور أوسطها " . درء التعارض 2/102-103 . ويقول في كتاب النبوات : " حيث إن خطؤهم بعد اجتهادهم مغفور " . وأخيراً يقول في درء التعارض :" .. فإن الواحد من هؤلاء له مساع مشكورة في نصر ما نصره من الإسلام والرد على طوائف من المخالفين لما جاء به الرسول . فحمدهم والثناء عليهم بما لهم من السعي الداخل في طاعة الله ورسوله ، وإظهار العلم الصحيح .. وما من أحد من هؤلاء هو أفضل منه إلا وله غلط في مواضع " .


الماتريدية

التعريف :

الماتريدية : فرقة كلامية ، تنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها ، من المعتزلة والجهمية وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

مرت الماتريدية كفرقة كلامية بعدة مراحل ، ولم تعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبي الحسن الأشعري ، ولذلك فإنه يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي :

• مرحلة التأسيس : [ 000-333هـ] والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة :

- أبو منصور الماتريدي : [ 000-333هـ ] : هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي ، نسبة إلى ( ماتريد ) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر ، ولد بها ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ مولده ، بل لم يذكر من ترجم له كثيراً عن حياته ، أو كيف نشأ وتعلم ، أو بمن تأثر . ولم يذكروا من شيوخه إلا العدد القليل مثل : نصير بن يحيى البلخي ، وقيل نصر وتلقى عنه علوم الفقه الحنفي وعلوم المتكلمين ".

- أطلق عليه الماتريدية ، ومن وافقهم عدة ألقاب تدل على قدره وعلو منزلته عندهم مثل :" إمام المهدى " ، " إمام المتكلمين " .

قال عبد الله المرائي في كتاب الفتح المبين في طبقات الأصوليين : " كان أبو منصور قوي الحجة ، فحماً في الخصومة ، دافع عن عقائد المسلمين ، ورد شبهات الملحدين .. " ( 1/193 ، 194 ) . وقال عنه الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب رجال الفكر والدعوة " جهبذ من جهابذة الفكر الإنساني ، امتاز بالذكاء والنبوغ وحذق الفنون العلمية المختلفة " بل كان يرجحه على أبي الحسن الأشعري في كتاب تاريخ الدعوة والعزيمة ( 1/114-115) .

- عاصر أبا الحسن الأشعري ، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم . فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم ، ولكن بمنهاج غير منهاج الأشعري ، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما ، أو اطلاع على كتب بعضها .

- توفي رحمه الله تعالى عام 333هـ ودفن بسمرقند ، وله مؤلفات كثيرة : في أصول الفقه والتفسير . ومن أشهرها : تأويلات أهل السنة أو تأويلات القرآن وفيه نصوص القرآن الكريم ، ولا سيما آيات الصفات ، فأولها تأويلات جهمية . و من أشهر كتبه في علم الكلام كتاب التوحيد وفيه قرر نظرياته الكلامية ، وبين معتقده في أهم المسائل الاعتقادية ، ويقصد بالتوحيد : توحيد الخالقية والربوبية ، وشيء من توحيد الأسماء والصفات ، ولكن على طريقة الجمهمية بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه ونفي التشبيه ؛ مخالفاً طريقة السلف الصالح . كما ينسب إليه شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة ، وله في الردود على المعتزلة رد الأصول الخمسة وأيضاً في الرد على الروافض رد كتاب الأمامة لبعض الروافض ، وفي الرد على القرامطة الرد على فروع القرامطة .

• مرحلة التكوين : [ 333-500هـ ] : وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده ، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند ، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم ، ودافعوا عنها ، وصنفوا التصانيف مبتعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ( الأحكام ) ، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها . ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (342هـ) عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه ، وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (390هـ).

• ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تعتبر امتداد للمرحلة السابقة . ومن أهم وأبرز شخصياتها :

- أبو اليسر البزدوي [421-493هـ] هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم والبزدوي نسبة إلى بزدوة ويقال بزدة ، ولقب بالقاضي الصدر ، وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزودي ، ولد عام (421هـ) .

- تلقى العلم على يد أبيه ، الذي أخذه عن جده عبد الكريم تلميذ أبي منصور الماتريدي ، قرأ كتب الفلاسفة أمثال الكندي ، وغيره وكذلك كتب المعتزلة أمثال الجباني ، والكعبي ، والنظام ، وغيرهم ، وقال فيها : " لا يجوز إمساك تلك الكتب والنظر فيها ؛ لكي لا تحدث الشكوك ، وتوهن الاعتقاد ". ولا يرى نسبة الممسك إلى البدعة . كما اطلع على كتب الأشعري ، وتعمق فيها ، وقال بجواز النظر فيها بعد معرفة أوجه الخطأ فيها ، كما اطلع على كتابي التأويلات ، والتوحيد للماتريدي فوجد في كتاب التوحيد قليل انغلاق وتطويل ، وفي ترتيبه نوع تعسير ، فعمد إلى إعادة ترتيبه وتبسيطه مع ذكر بعض الإضافات عليه في كتاب أصول الدين .

-أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جم غفير من التلاميذ ؛ ومن أشهرهم : والده القاضي أبو المعاني أحمد ، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب العقائد النسفية ، وغيرهما .

- توفي رحمه الله تعالى في بخارى في التاسع من رجب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة .

• مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية : [ 500-700هـ ] : وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية ؛ والذا فهي أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة ، ومن أهم أعيان هذه المرحلة :

- أبو المعين النسفي [438-508هـ] : وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي ، والنسفي نسبة إلى نسف وهي مدينه كبيرة بين جيحون وسمرقند ، والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر ، ولكن نسبته إلى بلده غلبت نسبته إلى جده ، وله ألقاب عدة أشهرها : سيف الحق والدين .

- ويعد من أشهر علماء الماتريدية ، إلا أن من ترجم له لم يذكر أحداً من شيوخه ، أو كيفية تلقيه العلم ، يقول الدكتور فتح الله خليف : " ويعتبر الإمام أبو العين النسفي من أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي ، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة ، ومن أهم كتبه تبصرة الأدلة ، ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب التوحيد للماتريدي ، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق ، وقد اختصره في كتابه التمهيد ، وله أيضاً كتاب بحر الكلام ، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية ".

- توفي رحمه الله تعالى في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وخمسمائة ’ وله سبعون سنة .

- نجم الدين عمر النسفي [462-537هـ] : هو أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد ابن اأحمد بن إسماعيل … بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي ، وله ألقاب أشهرها : نجم الدين ، ولد في نسف سنة إحدى أو اثنين وستين وأربعمائة .

- كان من المكثرين من الشيوخ ، فقد بلغ عدد شيوخه خمسمائة رجلاً ومن أشهرهم : أبو اليسر البزدوي ، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي . وأخذ عنه خلق كثير ، وله مؤلفات بلغت المائة منها: مجمع العلوم ، التيسير في تفسير القرآن . النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري وكتاب العقائد المشهورة بالعقائد النسفية ، والذي يعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر لتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي قال فيه السمعاني في ترجمة له : " كان إماماً فاضلاً متقناً ، صنف في كل نوع من التفسير والحديث .. فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه ، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة خارجة عن الحد ، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث ، ولم يرزق فهمه ".

- توفي رحمه الله تعالى بسمرقند ليلة الخميس ثاني عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة .

* مرحلة التوسع والانتشار :[700-1300هـ] : وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوج توسعها وانتشارها في هذه المرحلة ؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية ، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية ، فانتشرت في : شرق الأرض وغربها ، وبلاد العرب ، والعجم ، والهند والترك ، وفارس ، والروم .

وبرز فيها أمثال : الكمال بن الهمام صاحب المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة ، والذي ما زال يدرس في بعض الجامعات الإسلامية . وفي هذا الدور كثرت فيها تأليف الكتب الكلامية من : المتون ، والشروح على الشروح ، والحواشي على شروح .

وهناك مدراس مازالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في :

- مدرسة ديوبند و الندويه [ 1283هـ- …] وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه ، فالديوبندية أئمة في العلوم النقلية والعقلية ؛ وإلا أنهم متصوفة محضة ، وعند كثير منهم بدع قبورية ، كما يشهد عليهم كتابهم المهند على المفند لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم ، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة ، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة .

- مدرسة البريلوي [1272هـ -…] نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفى [1340هـ] وفي هذا الدور يظهر الإشراك الصريح ، والدعوة إلى عبادة القبور ، وشدة العداوة للديوبندية ، وتكفيرهم فضلاً عن تكفير أهل السنة .

- مدرسة الكوثري [ 1296هـ - …] و تنسب إلا شيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي (1371هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم ، وجعلهم مجسمة ومشبهة ، وجعل كتب السلف ككتب : التوحيد ، الإبانة ، الشريعة ، والصفات ، والعلو ، وغيرها كتب أئمة السنة كتب وثنية وتجسيم وتشبيه ، كما يظهر فيها أيضاً شدة الدعوة إلى البدع الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل . انظر تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ، وكتاب مقالات الكوثري .

أهم الأفكار والمعتقدات :

• من حيث مصدر التلقي : قسم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى :

- الإلهيات [ العقليات ] : وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له ، وتشمل أبواب التوحيد والصفات .

- الشرعيات [ السمعيات ] : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً ، ولا طريق للعقل إليها مثل : النبوات ، و عذاب القبر ، وأمور الآخرة ، علماُ بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات .
ولا يخفى ما في هذا من مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة حيث أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هم مصادر التلقي عندهم ، فضلاُ عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى : عقليات وسمعيات ، والتي قامت على فكرة باطلة أصلها الفلاسفة من : أن نصوص الدين متعارضة مع العقل ، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل ، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه ؛ فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التأويل والتفويض ، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل والسليم الصريح والنقل الصحيح .

• بناء على التقسيم السابق فإن موقفهم من الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات [ العقليات ] كالتالي :

- إن كان من نصوص القرآن الكريم والسنة المتواترة مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة عندهم ، أي مقبولاً عقلاُ ، خالياً من التعارض مع عقولهم ؛ فإنهم يحتجون به في تقرير العقيدة . وأما إن كان قطعي الثبوت ظني الدلالة عندهم أي : مخالفاً لعقولهم ، فإنه لا يفيد اليقين ،ولذلك تؤول الأدلة النقلية بما يوافق الأدلة العقلية ، أو تفويض معانيها إلى الله عز وجل . وهم في ذلك مضطربون ،فليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل والتفويض ؛ فمنهم من رجح التأويل على التعويض ، ومنهم من رجح التفويض ، ومنهم من أجاز الأمرين ، وبعضهم رأى أن التأويل لأهل النظر والاستدلال ، والتفويض أليق للعوام .

والملاحظ أن القول بالتأويل لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحاب القرون المفضلة ، وإنما هي بدعة دخلت على الجهمية والمعتزلة من اليهود والنصارى ، وإلى التأويل يرجع جميع ما أحدث في الإسلام من بدع فرقت شمل الأمة ، وهو أشر من التعطيل ؛ حيث يستلزم التشبيه ، والتعطيل ، واتهاماً للرسول صلى الله عليه وسلم بالجهل ، أو كتمان بيان ما أنزل الله .

وأما القول بالتفويض فهو من أشر أقوال أهل البدع لمناقضته ومعارضته نصوص التدبر للقرآن ، واستلزام تجهيل الأنبياء والمرسلين برب العالمين .

- وإن كان من أحاديث الآحاد فإنها عندهم تفيد الظن ، ولا تفيد العلم اليقيني ، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقاً ، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها ، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها ، ولا تثبت بها عقيدة ، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه ، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد ، وهذا موقف الماتريدية قديماً وحديثاً ؛ حتى أن الكوثري ومن وافقه من الديوبندية طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين ، وفي عقيدة أئمة السنة مثل : حماد بن سلمة راوي أحاديث الصفات ، والإمام الدارمي عثمان بن سعيد صاحب السنن . وهذا مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فرادى يدعونهم إلى الإسلام . وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى متواتر وآحاد لم يكن معروفاً في عصر الصحابة والتابعين .

- كما رتبوا على ذلك وجوب معرفة الله تعالى بالعقل قبل ورود السمع ، واعتبروه أول واجب على المكلف ، ولا يعذر بتركه ذلك ، بل يعاقب عليه ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل . وبهذا وافقوا قول المعتزلة : وهو قول ظاهر البطلان ، تعارضه الأدلة من الكتاب والسنة التي تبين أن معرفة الله تعالى يوجبها العقل ،ويذم من يتركها ، لكن العقاب على الترك لا يكون إلا بعد ورود الشرع ، يقول الله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) [ سورة الإسراء الآية 15] وأن أول واجب على المكلف ، وبه يكون مسلماً : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، والبراءة من كل دين يخالف دين الإسلام على الإجمال ، ولهذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن لم يأمره بغير ذلك . وكذلك الأنبياء لم يدعوا أقوامهم إلا بقول ( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) [ سورة الأعراف الآية 59] .

- وقالوا أيضاً بالتحسين والتقبيح العقليين ،حيث يدرك العقل حسن الأشياء وقبحها ، إلا أنهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد إدراك العقل للحسن والقبح . فمنهم من قال : إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول ؛ كما سبق ، ومنهم من قال بعكس ذلك .

- وذهب كذلك الماتريدية كغيرها من الفرق الكلامية إلى أن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ؛ ويقصدون بالمجاز بأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، وهو قسيم الحقيقة عندهم . ولذلك اعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعاً - في ظنهم - لشبه التجسيم والتشبيه . وهو بهذا المعنى : قول مبتدع ، محدث لا أصل له في اللغة ولا في الشرع . ولم يتكلم فيه أئمة اللغة : كالخليل بن أحمد ، وسيبويه فضلاً عن أئمة الفقهاء والأصوليين المتقدمين .

- مفهوم التوحيد عند الماتريدية هو : إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته ، لا قسيم له ، ولا جزء له ، واحد في صفاته ، لا شبيه له ، واحد في أفعاله ، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات ، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الإله عندهم هو : القادر على الاختراع . مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية ، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض ، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم وأساطين الكلام والفلسفة وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح . بين ذلك أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر ، وابن رشد الحفيد في مناهج الأدلة . وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل . وأيضاً خالفوا أهل السنة والجماعة بتسويتهم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، فالإله عند أهل السنة : المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له . وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر ، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .

- أثبتوا لله تعالى أسماءه الحسنى ، وقالوا : لا يسمى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه ، وجاء به الشرع . في ذلك وافقوا أهل السنة والجماعة في القول بالتوقيف في أسمائه تعالى إلا أنهم خالفوهم فيما أدخلوه في أسمائه تعالى : كالصانع ، القديم ،الذات … حيث لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله تعالى وباب التسمية .

- وقالوا بإثبات ثماني صفات لله تعالى فقط ، على خلاف بينهم وهي : الحياة ، القدرة ، العلم ، الإرادة ، السمع ، البصر ، الكلام ، التكوين . وعلى أن جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى التكوين ، أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة [ الصفات الخبرية ] من صفات ذاتية ، أو صفات فعلية ، فإنها لا تدخل في نطاق العقل ، ولذلك قالوا بنفيها جميعاً . أما أهل السنة والجماعة فهم كما يعتقدون في الأسماء يعتقدون في الصفات وأنها جميعاً توقيفية ، ويؤمنون بها " بإثبات بلا تشبيه ، وتنزيه بلا تعطيل ، مع تفويض الكيفية وإثبات المعنى اللائق بالله - تعالى - لقوله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .

- قولهم بأن القرآن الكريم ليس بكلام الله تعالى على الحقيقة ، وإنما هو كلام الله تعالى النفسي ، لا يسمع وإنما يسمع ما هو عبارة عنه ، ولذلك فإن الكتب بما فيها القرآن مخلوق ؛ وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة ، ولم يرد عن سلف الأمة . وأول من ابتدعه ابن كلاب . فالله تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء ، ولا يزال يتكلم كما كلم موسى ، ويكلم عباده يوم القيامة ، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة ، غير مخلوق . وكذلك التوراة والإنجيل والزبور . وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان .

- تقول الماتريدية في الإيمان أنه التصديق بالقلب فقط ، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان ، ومنعوا زيادته ونقصانه ،وقالوا بتحريم الاستثناء فيه ، وأن الإسلام والإيمان مترادفان ، لا فرق بينهما ، فوافقوا المرجئة في ذلك ، وخالفوا أهل السنة والجماعة ، حيث إن الإيمان عندهم : اعتقاد بالجنان وقول باللسان ، و عمل بالأركان . يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . ويجوز الاستثناء فيه [ والمقصود عدم تزكية النفس ] والإيمان والإسلام متلازمان ، إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا .

• وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في الإيمان بالسمعيات مثل : أحوال البرزخ وأمور الآخرة من : الحشر ، والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة ، والجنة ، والنار ؛ لأنهم جعلوا مصدر التلقي فيها السمع ، لأنها من الأمور الممكنة التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم وأيدتها نصوص الكتاب والسنة .

- وبالتالي فإنهم أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة ؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة . وهذا قول متناقض حيث أثبتوا ما لا يمكن رؤيته ، ولا بخفى مخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة .

• كما وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطاً عن اجتهاد منهم ؛ ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق . كما يرون أن الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على الإمام الجائر .

• وأيضاً وافقوا أهل السنة والجماعة في القول : بالقدر ، والقدرة ، والاستطاعة ، على أن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله تعالى وإرادته ، وأن أفعال العباد من خير وشر من خلق الله تعالى وأن للعباد أفعالاً اختيارية ، يثابون عليها ، ويعاقبون عليها ، وأن العبد مختار في الأفعال التكليفية غير مجبور على فعلها .

قالت الماتريدية بعدم جواز التكليف بما لا يطاق موافقة المعتزلة في ذلك ،والذي عليه أهل السنة والجماعة هو : التفضيل ، وعدم إطلاق القول بالجواز أو بالمنع .

الجذور الفكرية والعقائدية :

يتبين للباحث أن عقيدة الماتريدية فيها حق وباطل ؛ فالحق أخذوه عن أهل السنة من الحنفية السلفية ، وغيرهم ؛ لأن المستقرىء للتاريخ يجد أن الحنفية بعد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تفرقوا فرقاً شتى في وقت مبكر ، ولم يسر على سيرة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه إلا من وفقه الله عز وجل . وقد كانت الغلبة في ذلك للأحناف المنتسبين للفرق المبتدعة من : جهمية ، ومعتزلة . ولأن المصادر التاريخية لم تشر إلى كيفية تلقي أبي منصور الماتريدي العلم أو من تأثر بهم من العلماء ، نستطيع ترجيع الآتي :

_ تأثر أبو منصور الماتريدي مباشرة أو بواسطة شيوخه بعقائد الجهمية من الإرجاء والتعطيل ؛ وكذلك المعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها ، ونفي العلو والصفات الخبرية ظناً منه أنها عقيدة أهل السنة .

- تأثر بابن كلاب ( 240هـ ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه ، وأن لم يثبت لهما لقاء ، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده ، بل صرح شيخ الإسلام ابن تيمية أن أبا منصور الماتريدي تابع ابن كلاب في عدة مسائل : الصفات ، وما يتعلق بها ، كمسألة القرآن هل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته ؟ ومسألة الاستثناء في الإيمان . ( مجموع الفتاوي 7/362 ) .

الانتشار ومواقع النفوذ :

انتشرت الماتريدية ، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية : كالصين ، وبنغلاديش ، وباكستان ، وأفغانستان . كما انتشرت في بلاد تركيا ، والروم ، وفارس ، وبلاد ما وراء النهر ، والمغرب حسب انتشار الحنفية وسلطانهم ، وما زال لهم وجود قوي في هذه البلاد ، وذلك لأسباب كثيرة منها :

1 - المناصرة والتأييد من الملوك والسلاطين لعلماء المذهب ، وبخاصة سلاطين الدولة العثمانية .

2 - للمدارس الماتريدية دور كبير في نشر العقيدة الماتريدية ، وأوضح مثال على ذلك : المدارس الديوبندية بالهند وباكستان وغيرها ؛ حيث لا زال يدرس فيها كتب الماتريدية في العقيدة على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة .

3 -النشاط البالغ في ميدان التصنيف في علم الكلام ، وردهم على الفرق المبتدعة الأخرى ، مثل الجهمية الأولي والمعتزلة ، والروافض .

4 - انتسابهم للإمام أبي حنيفة ومذهبه في الفروع .

يتضح مما سبق :

أن الماتريدية فرقة كلامية نشأت بسمرقند في القرن الرابع الهجري ، وتنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، مستخدمة الأدلة والبراهين العقلية والفلسفية في مواجهة خصومها من المعتزلة ، والجهمية وغيرهما من الفرق الباطنية ، في محاولة لم يحالفها التوفيق للتوسط بين مذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقاد ومذاهب المعتزلة والجهمية وأهل الكلام ، فأعلوا شأن العقل مقابل النقل ، وقالوا ببدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات مما أضطرهم إلى القول بالتأويل والتفويض ، وكذا القول بالمجاز في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وعدم الأخذ بأحاديث الآحاد ، وبالقول بخلق الكتب ومنها : القرآن الكريم ، وعلى أن القرآن الكريم كلام الله تعالى النفسي . مما قربهم إلى المعتزلة والجهمية في هذا الباب ، وإلى المرجئة في أبواب الإيمان ، وأهل السنة والجماعة في مسائل : القدر ، وأمور الآخرة وأحوال البرزخ ، وفي القول في الإمامة ، والصحابة رضي الله عنهم . ولما كان مفهومهم للتوحيد أنه يقتصر على : توحيد الخالقية ، والربوبية ، مما مكن التصوف الفلسفي بالتغلغل في أوساطهم ، فغلب على كبار منتسبيهم وقوي بقوة نفوذ وانتشار المذهب ؛ ولوجود أكثر من دولة تحميه وتؤيده مثل : الدولة العثمانية ؛ فضلاً عن وجود جامعات ومدارس مشهورة تعمل على نشره ، وكان لانتسابهم لمذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع أثره البالغ في انتشار المذهب الماتريدي إلى اليوم . ومع هذا فإن للماتريدية خدمات جليلة في الرد على : المعتزلة والباطنية والفلاسفة الملحدين والروافض ، ولهم جهود مشكورة في خدمة كتب الحديث .


الإلــحــاد

التعريف :

الإلحاد هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى :

- فيدعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق .

- وأن المادة أزلية أبدية ، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت .

ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• الإلحاد بدعة جديدة لم توجد في القديم إلا في النادر في بعض الأمم والأفراد .

• يعد أتباع العلمانية هم المؤسسون الحقيقيون للإلحاد ، ومن هؤلاء : أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية .

• الحركة الصهيونية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية المفرطة والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها ، وعندما يخلو الجو لليهود يستطيعون حكم العالم .

• نشر اليهودية نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظريات فرويد في علم النفس ونظرية دارون في اصل الأنواع ونظريات دوركايم في علم الاجتماع ، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم .

• أما انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر ، فقد بدأت بعد سقوط الخلافة الإسلامية .

• صدر كتاب في تركيا عنوانه : مصطفى كمال للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي . وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وأشادة بالعقلية الأوربية .

• إسماعيل أحمد أدهم : حاول نشر الإلحاد في مصر ، وألف رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد ؟ وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م .

• إسماعيل مظهر أصدر في سنة 1928م مجلة العصور في مصر ، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً . معيداً تاريخ الشعوبية ، ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط ، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم .

• أسست في مصر سنة 1928م جماعة لنشر الإلحاد تحت شعار الأدب واتخذت دار العصور مقراً لها واسمها رابطة الأدب الجديد وكان أمين سرها كامل كيلاني .. وقد تاب إلى الله بعد ذلك .

ومن أعلام الإلحاد في العالم :

• أتباع الشيوعية : ويتقدمهم كارل ماركس 1828-1883م اليهودي الألماني .
وأنجلز عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا أصدرا سوياً المانيفستو أو البيان الشيوعي سنة 1820-1895م .

• أتباع الوجودية ويتقدمهم :

- جان بول سارتر .

- وسيمون دوبوفوار .

- والبير كامي .

• وأتباع الدراوينية .

• ومن الفلاسفة والأدباء :

- نيتشه / فيلسوف ألماني .

- برتراند راسل 1872-1970م فيلسوف إنكليزي .

- هيجل 1770-1831م فيلسوف ألماني قامت فلسفته على دراسة التاريخ .

- هربرت سبنسر 1820-1903م إنكليزي كتب في الفلسفة وعلم النفس والأخلاق .

- فولتير 1694-1778م أديب فرنسي .

• وفي سنة 1930م ألف إسماعيل مظهر حزب الفلاح ليكون منبراً للشيوعية والاشتراكية . وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدى مرحلة الشباب وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام .

• ومن الشعراء الملاحدة الذين كانوا ينشرون في مجلة العصور .

- الشاعر عبد اللطيف ثابت الذي كان يشكك في الأديان في شعره ..

- والشاعر الزهاوي ويعد عميد الشعراء المشككين في عصره .

الأفكار والمعقدات :

• إنكار وجود الله سبحانه ، الخالق البارئ ، المصور ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .

• إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت .

• أن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت .

• النظرة الغائية للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم .

• إنكار معجزات الأنبياء لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم ، كما يزعمون . ومن العجب أن الملحدين الماديين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال .

• عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية ، ولا بالروح والجمال .

• ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل وقصته لا تعني شيئاً .

• المعرفة الدينية ، في رأي الملاحدة ، تختلف اختلافاً جذرياً وكلياً عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي !!

• الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية .

• الحاجات هي التي تحدد الأفكار ، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات .

• نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظرية فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظرية دوركهايم في علم الاجتماع من أهم أسس الإلحاد في العالم .. وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها حدس وخيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• نشأ الإلحاد الحديث مع العقلانية والشيوعية والوجودية .

• وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض ، مستغلين حماقات الكنيسة ومحاربتها للعلم ، فجاؤوا بثورة العلم ضد الكنيسة ، وبالثورة الفرنسية والداروينية والفرويدية ، وبهذه الدعوات الهدامة للدين والأخلاق تفشى الإلحاد في الغرب ، والهدف الشرير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كل دين على الأرض ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين !! .

الانتشار وأماكن النفوذ :

• انتشر الإلحاد في أوروبا ، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا .. وبقاع من العالم .

وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره وتفككه ، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه .. وأنشأت له مدارس وجمعيات .

• وحاولت الشيوعية نشره في شتى أنحاء العالم عن طريق أحزابها ، وإن سقوط الشيوعية في الوقت الحاضر ينبئ عن قرب سقوط الإلحاد بإذن الله تعالى .

• يوجد الآن في الهند جمعية تسمى جمعية النشر الإلحادية ، وهي حديثة التكوين وتركز نشاطها في المناطق الإسلامية ، ويرأسها جوزيف إيدا مارك ، وكان مسيحياً من خطباء التنصير ، ومعلماً في إحدى مدارس الأحد ، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ، وقد ألف في عام 1953م كتاباً يدعى : إنما عيسى بشر فغضبت عليه الكنيسة وطردته فتزوج بامرأة هندوكية وبدأ نشاطه الإلحادي ، وأصدر مجلة إلحادية باسم إيسكوا أي شرارة النار . ولما توقفت عمل مراسلاً لمجلة كيرالا شبدم أي صوت كيرالا الأسبوعية . وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م ويعتبر أول من نالها في آسيا .

يتضح مما سبق :

أن الإلحاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود لله سبحانه وتعالى ، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق ، ويعد أتباع العقلانية هم المؤسسون الحقيقيون للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة ، ويرى أن المادة أزلية أبدية ، وأنه لايوجد شيء اسمه معجزات الأنبياء فذلك مما لا يقبله العلم في زعم الملحدين ، الذين لا يعترفون أيضاً بأية مفاهيم أخلاقية .ولا بقيم الحق والعدل ولا بفكرة الروح . ولذا فإن التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصته ولا تعني شيئاً ، والإنسان مجرد مادة تطبق عليه كافة القوانين الطبيعية وكل ذلك مما ينبغي أن يحذره الشباب المسلم عندما يطالع أفكار هذا المذهب الخبيث .


البانتشاسيلا

التعريف :

البانتشاسيلا ( أو المبادئ الخمسة المتلاحمة ) هي خمسة مبادئ رئيسية أعلنت غداة الاستقلال سنة 1945م ووضعت في دستور أندونيسيا المسلمة ، ليسير على هديها ، الشعب الأندونيسي المسلم ، بديلاً عن العقيدة الإسلامية .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• في سنة 1945م عقدت لجنة الإعداد للاستقلال في أندونيسيا ، لوضع أسس للدولة المقبلة .

- واحتدم الخلاف بين القوى الإسلامية والوطنية - كما يقال عنهم - حول أساس الدولة ، هل هو الإسلام أو اللادينية .

- في أثناء ذلك وضع سوكارنو - وهو أول رئيس لاندونيسيا بعد الاستقلال المبادئ الخمسة ( البانتشاسيلا ) لتكون أساس وفلسفة الدولة .

- وأنجزت اللجنة التساعية التي ضمت الزعماء الإسلاميين والزعماء الوطنيين مهمتها في وضع ميثاق جاكرتا وتم التوقيع عليه في 22 يونيو 1945م . وهذا الميثاق أصبح مقدمة لدستور سنة 1945م بعد إلغاء جملة : "مع وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية على معتنقيها" . ويقال إن سبب إلغاء هذه الجملة هو صدور إنذار من النصارى- وهم قلة قليلة في أندونيسيا -بعدم المشاركة في النضال لنيل الاستقلال إذا لم تحذف هذه العبارة .

- وهكذا ضاع أمل الإسلاميين في إنشاء دولة إسلامية في اندونيسيا نتيجة فكر الدول الصليبية وتلاميذها من القادة العلمانيين .

- وكان سوكارنوا - واضع المبادئ الخمسة - يحكم أندونيسيا مثل باقي العسكريين الذين استولوا على السلطة في دول العالم الثالث بالحديد والنار .

- وعرف سوكارنو ببعده عن الإسلام وتحلله الأخلاقي طوال فترة حكمه وقد لقيت الدعوة الإسلامية في أندونيسيا أشد العنت إبان حكمه .

• الرئيس ( سوهارتو ) الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري وأقصى سوكارنو عن الحكم .. سار على نهجه ، في صبغ أندونيسيا المسلمة بالصبغة العلمانية ( اللادينية ) وأطلق يد كل أعداء الإسلام للعمل في البلاد وفتح أبواب أندونيسيا للتنصير وإحياء الوثنية ونشر الفساد والتحلل الأخلاقي في البلاد .

الأفكار والمعتقدات :

• يقوم البانتشاسيلا على خمسة مبادئ هي :

- الإيمان بالله الواحد الأحد ( الربانية المتفردة ) .

- القومية وتنادي ( بالوحدة الأندونيسية ) .

- الديمقراطية أو ( الشعبية الموجهة بالحكمة في الشورى النيابية ) .

- الإنسانية العادلة المهذبة .

- العدالة الاجتماعية .

- على أساس أن هذه المبادئ هي نقاط التفاهم بين جميع الطوائف في أندونيسيا .

- هذه المبادئ الخمسة بقيت مبادئ نظرية محضة ، أو شعارات مرفوعة - كما هي الحال في الحكومات العسكرية في العالم الإسلامي - وتخفي وراءها العلمانية التي تسعى إلى سلخ الشعب المسلم في أندونيسيا عن الإسلام شيئاً فشيئاً .

- لا يقصد بـ ( الإيمان بالله ) (المبدأ الأول من المبادئ الخمسة ) ، الإيمان القائم على العقيدة الصحيحة والوحي الإلهي المجرد من كل المؤثرات ، وفكرة الله عند سوكارنو ( المنظر لهذه المبادئ ) : ( أن الإنسان الذي لا يزال يعيش على الزراعة يشعر بحاجة إلى الله وإذا بلغ مرحلة الصناعة لم يعد يرى ثمة ضرورة لوجود الله ) .

- إذاً المقصود بوجود هذا المبدأ ( الإيمان بالله ) هو الخداع والتمويه على الحقيقة اللادينية للبانتشاسيلا .

• العلمانية والتغريب هما خلفية البانتشاسيلا ومن هذا الباب دخلت الصليبية والجمعيات التنصيرية من كل طائفة وملة إلى أندونيسيا بتسهيلات من الحكومة الأندونيسية ، والأمم المتحدة باسم رعاية الأمومة والطفولة ، ومكافحة الأمراض وفتح المستشفيات .. الخ .

• بلغ عدد الذين تركوا الإسلام واعتنقوا الكاثوليكية في أندونيسيا 20 ميلوناً ضمن سكان الدولة المسلمة التي كانت مسلمة مائة بالمائة .

• الرابطة القومية - اللادينية - هي التي تربط أفراد الشعب الأندونيسي بعضهم ببعض .. وهذه الرابطة صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا وتسعى الآن للتخلص منها وإحياء الانتماء لديهم للنصرانية واليهودية .. وهدف القومية الأندونيسية إبعاد العقيدة الإسلامية عن عوامل وحدة الشعب الأندونيسي وبالتالي إبعاد الشعب عنها شيئاً فشيئاً .

• الإنسان فكرة أصبحت مبدأ من المبادئ الخمسة ، تخفي وراءها الدعوة اللادينية ، والحقد على الإسلام . . باعتبار أن الشعب الأندونيسي ليس كله مسلما .. وأن الذي يجمعهم هو الإنسانية .

• العدالة الإجتماعية .. مقولة جميع الحكام العسكريين في دولة العالم الثالث ولكن بدون ممارسة حقيقية ، أو وجود واقعي .. وإلا فلماذا انتشر الفساد واللصوصية والرشوة والمحسوبية بين المسؤولين في أندونيسيا وفي سواها ممن نهج نهجها .

- انطلاقاً من التزام الحكومة بالبانتشاسيلا باعتبارها الأساس الوحيد المعترف به للسياسة العامة للدولة فقد صدرت القوانين التي اعتبرت أية دعوة لتطبيق الدين الإسلامي دعوة تخريبية تهدد أساس استقرار المجتمع - كما حاولت الحكومة عام 1973م منع المسلمين من التحاكم لقوانين الشريعة الإسلامية المتعلقة بالزواج والطلاق والأحوال الشخصية إلا أن تلك المحاولة أسقطتها المظاهرات التاريخية الكبرى التي قام بها الشباب المسلم آنذاك .

• كما اتجهت الحكومة لمنع حجاب الشابات المسلمات وألحقت جهاز بوليس بكل مصلحة حكومية لتولي مسؤولية مراقبة وملاحقة أنشطة الدعوة الإسلامية .

• وعلى أساس البانتشاسيلا اعترفت الحكومة بالنصرانية وتمثل 5 % والأديان الوثنية و البوذية 2 % والهندوكية 2 % وباقي الوثنية 2 % على الرغم من أن الإسلام يمثل 88 % من عدد السكان البالغ 160 مليون نسمة .

• وتعامل الحكومة - انطلاقاً من البانتشاسيلا - الأديان معاملة متساوية لذلك أتاحت للهيئات التبشيرية كامل الحرية في نشر الديانة النصرانية بين المسلمين وكذلك تقدم الحكومة برامج متساوية على شاشة التلفزيون لنشر تعاليم كل الأديان !! .

- ونظراً لأعمال البانتشاسيلا فإن عدد الكنائس والمعابد البوذية والهندوكية أصبحت مقاربة لعدد مساجد المسلمين .

• أدخلت الحكومة مبادئ البانتشاسيلا كمادة أساسية في مجال التربية والتعليم في جميع المراحل التعليمية ، وأعدت دورات تدريبية لجميع موظفي الحكومة والقطاع الخاص لدراسة مبادئها . زعماً بأن البانتشاسيلا ليست ضد الإسلام والمسلمين وإنما تعني حرية الأديان للتعايش السلمي .

• ومما تجدر ملاحظته ما قيل من أن الرئيس سوكارنو قد اقتبس مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والإنسانية من الزعيم الوطني " سون يات سن " وأضاف إليها مبدئي الألوهية ووحدة أندونيسيا .

• وهكذا انطلقت الجمعيات التنصيرية لتنصير المسلمين في أندونيسيا حتى أصبح المنصرون من المسلمين الأندونيسيين يتعدون عشرين مليوناً انطلاقاً من البانتشاسيلا التي باركها الغرب .

ويتضح مما سبق :

أن البانتشاسيلا هي خمسة مبادئ أعلنت غداة استقلال أندونيسيا المسلمة ليسير الشعب على هديها وهي : الإيمان بالله الواحد والقومية والديمقراطية والإنسانية والعدالة الاجتماعية ،وفي ظل هذه الشعارات النظرية عربدت العلمانية في أندونيسيا . في بيان المبدأ الأول قال سوكارنو منظر هذه المبادئ إن المزارع يشعر بحاجته إلى الله أما الصانع فلا يرى ضرورة لوجوده ، وفي ظل هذه المبادئ تم تنصير الملايين من المسلمين في أندونيسيا ، وفي ظل هذه المبادئ تمنع الحكومة الحجاب وتلاحق الدعاة إلى الله .لتخلص منها وإحياء الانتماء لديهم للنصرانية واليهودية .. وهدف القومية الأندونيسية إبعاد العقيدة الإسلامية عن عوامل وحدة الشعب الأندونيسي وبالتالي إبعاد الشعب عنها شيئاً فشيئاً .


وحدة الوجود

التعريف :

وحدة الوجود مذهب فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة ، وأن الله هو الوجود الحق ، ويعتبرونه - تعالى عما يقولون علواً كبيراً - صورة هذا العالم المخلوق ، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته .

- ونحن نوضح هذا المذهب لأن آثاره وبعض أفكاره لا زالت مبثوثة في فكر أكثر أهل الطرق الصوفية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي ، وفي أناشيدهم وأذكارهم وأفكارهم .

- والمذهب كما سنرى موجود في الفكر النصراني واليهودي أيضاً ، وقد تأثر المنادون بهذا الفكر من أمثال : ابن عربي ، وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة ، وبالعناصر التي أدخلها إخوان الصفا من إغريقية ونصرانية وفارسية الأصل ومنها المذهب المانوي ولمذهب الرزاردشتي وفلسفة فيلون اليهودي وفلسفة الرواقيين .

التأسيس وابرز الشخصيات وأهم آرائهم :

• إن فكرة وحدة الوجود قديمة جداً ، فقد كانت قائمة بشكل جزئي عند اليونانيين القدماء ، وهي كذلك في الهندوسية الهندية . وانتقلت الفكرة إلى بعض الغلاة من متصوفة المسلمين من أبرزهم : محي الدين ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني . ثم انتشرت في الغرب الأوروبي على يد رونو النصراني وسبينوزا اليهودي .

ومن أبرز الشخصيات وأفكارهم :

• ابن عربي 560هـ –638 :

- هو محي الدين محمد بن علي بن عبد الله العربي ، الحاتمي ، الطائي ، الأندلسي وينتهي نسبه إلى حاتم الطائي ، أحد مشاهير الصوفية ، وعرف بالشيخ الأكبر ولد في مرسية سنة 560هـ وانتقل إلى أشبيلية حيث بدأ دراسته التقليدية بها ثم عمل في شبابه كاتباً لعدد من حكام الولايات .

- في سن مبكرة وبعد مرض ألم به كان التحول الكبير في حياته ، حيث انقلب بعد ذلك زاهداً سائحاً منقطعاً للعبادة والخلوة ، ثم قضى بعد ذلك حوالي عشر سنين في مدن الأندلس المختلفة وشمالي إفريقية بصحبة عدد من شيوخ الصوفية .

- في الثلاثين من عمره انتقل إلى تونس ثم ذهب إلى فارس حيث كتب كتابه المسمى : الإسراء إلى مقام الأسرى ثم عاد إلى تونس ، ثم سافر شرقاً إلى القاهرة والقدس واتجه جنوباً إلى مكة حاجاً ، ولزم البيت الحرام لعدد من السنين ، وألف في تلك الفترة كتابه تاج الرسائل ، وروح القدس ثم بدأ سنة 598هـ بكتابة مؤلفه الضخم الفتوحات المكية .

- في السنين التالية نجد أن ابن عربي ينتقل بين بلاد الأناضول وسورية والقدس والقاهرة ومكة ،ثم ترك بلاد الأناضول ليستقر في دمشق .وقد وجد ملاذاً لدى عائلة ابن الزكي وأفراد من الأسرة الأيوبية الحاكمة بعد أن وجه إليه الفقهاء سهام النقد والتجريح ،بل التكفير والزندقة . وفي تلك الفترة ألف كتابه فصوص الحكم وأكمل كتابه الفتوحات المكية وتوفي ابن عربي في دار القاضي ابن الزكي سنة 638هـ ودفن بمقبرة العائلة على سفح جبل قسيون .

• مذهبه في وحدة الوجود :

يتلخص مذهب ابن عربي في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله ، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق .

- فابن عربي يقرر أنه ليس ثمة فرق بين ما هو خالق وما هو مخلوق ومن أقواله التي تدل على ذلك : " سبحان من أظهر الأشياء وهو عنيها " .

- ويقول مبيناً وحدة الوجود وأن الله يحوي في ذاته كل المخلوقات :

ياخالق الأشياء في نفسه أنت لما تخلق جامع

تخلق ما لا ينتهي فيك فأنت الضيق الواسع
- ويقول أيضاً :

فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا وليس خلقاً بذالك الوجه فاذكروا

جمع وفرق فإن العين واحدة وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذر
وبناء على هذا التصور فليس ثمة خلق ولا موجود من عدم بل مجرد فيض وتجلي وما دام الأمر كذلك فلا مجال للحديث عن علة أو غاية ، وإنما يسير العالم وفق ضرورة مطلقة ويخضع لحتمية وجبرية صارمة .

وهذا العالم لا يتكلم فيه عن خير وشر ولا عن قضاء وقدر ولا عن حرية أو إرادة ثم لا حساب ولا مسؤولية وثواب ولا عقاب ، بل الجميع في نعيم مقيم والفرق بين الجنة والنار إنما هو في المرتبة فقط لا في النوع .

وقد ذهب ابن عربي إلى تحريف آيات القرآن لتوافق مذهبه ومعتقده ، فالعذاب عنده من العذوبة والريح التي دمرت عاد هي الراحة لأنها أراحتهم من أجسامهم المظلمة ، وفي هذه الريح عذاب وهو من العذوبة :

- ومما يؤكد على قوله بالجبيرة الذي هو من نتائج مذهبه الفاسد :

الحكم حكم الجبر والاضطرار ما ثم حكم يقتضي الاختيار

إلا الذي يعزى إلينا ففي ظاهره بأنه عن خيار

لو فكر الناظر فيه رأى بأنه المختار عن اضطرار

- وإذا كان قد ترتب على قول ابن عربي بوحدة الوجود قوله بالجبر ونفي الحساب والثواب والعقاب . فإنه ترتب على مذهبه أيضاَ قوله بوحدة الأديان . فقد أكد ابن عربي على أن من يعبد الله ومن يعبد الأحجار والأصنام كلهم سواء في الحقيقة ما عبدوا إلا الله إذ ليس ثمة فرق بين خالق ومخلوق .

يقول في ذلك :

لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى الغزلان ودير لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن

- فمذهب وحدة الوجود الذي قال به ابن عربي يجعل الخالق والمخلوق وحدة واحدة سواء بسواء ، وقد ترتب على هذا المذهب نتائج باطلة قال بها ابن عربي وأكدها وهي قوله بالجبرية ونفيه الثواب والعقاب وكذا قوله بوحدة الأديان .

- وقد بالغ ابن عربي في القول بوحدة الوجود تلاميذ له أعجبوا بآرائه وعرضوا لذلك المذهب في أشعارهم وكتبهم من هؤلاء : ابن الفارض وابن سبعين والتلمساني .

• أما ابن الفارض فيؤكد مذهبه في وحدة الوجود في قصيدته المشهورة بالتائية :

لها صلاتي بالمقام أقيمها وأشهد أنها لي صلت

كلانا مصل عابد ساجد إلى حقيقة الجمع في كل سجدة

وما كان لي صلى سواي فلم تكن صلاتي لغيري في أداء كل ركعة

وما زالت إياها وإياي لم تزل ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت

فهو هنا يصرح بأنه يصلي لنفسه لأن نفسه هي الله . ويبين أنه ينشد ذلك الشعر لا في حال سكر الصوفية بل هو في حالة الصحو فيقول :

ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها وذاتي ذاتي إذا تحلت تجلت

- الصوفية معجبون بهذه القصيدة التائية ويسمون صاحبها ابن الفارض بسلطان العاشقين ، على الرغم مما يوجد في تلك القصيدة من كفر صريح والعياذ بالله .

• وأما ابن سبعين فمن أقواله الدالة على متابعة ابن عربي في مذهب وحدة الوجود :

قوله : رب مالك ، وعبد هالك ، وأنتم ذلك الله فقط ، والكثرة وهم .

وهنا يؤكد ابن سبعين أن هذه الموجودات ليس له وجد حقيقي فوجودها وهم وليس ثمة فرق بين الخلق وبين الحق ، فالموجودات هي الله !!

• أما التلمساني وهو كما يقول الإمام ابن تيمية من أعظم هؤلاء كفراً ، وهو أحذقهم في الكفر والزندقة . فهو لا يفرق بين الكائنات وخالقها ، إنما الكائنات أجزاء منه ، وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر ، وأجزاء البيت من البيت ، ومن ذلك قوله :

البحر لا شك عندي في توحده وإن وأن تعدد بالأمواج والزبد

فلا يغرنك ما شاهدت من صور فالواحد الرب ساوي العين في العدد

- ويقول أيضاَ :

فما البحر إلا الموج لا شيء غيره وإن فرقته كثرة المتعدد
- ومن شعره أيضاَ :

أحن إليه وهو قلبي وهل يرى سواي أخو وجد يحن لقلبه ؟

ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري وما بعده إلا لإفراط قربه

- فالوجود عند التلمساني واحد ، وليس هناك فرق بين الخالق والمخلوق ، بل كل المخلوقات إنما هي لله ذاته .

- وقد وجد لهذا المذهب الإلحادي صدى في بلاد الغرب بعد أن انتقل إليها على يد برونو الإيطالي وروج له اسبينوز اليهودي .

• جيور واتو برونو 1548-1611م وهو مفكر إيطالي ، درس الفلسفة واللاهوت في أحد الأديرة الدينية ، إلا أنه خرج على تعاليم الكنيسة فرمي بالزندقة، وفر من إيطاليا ، وتنقل طريداً في البلدان الأوروبية وبعد عودته إلى إيطاليا وشي به إلى محاكم التفتيش فحكم عليه بالموت حرقاً .

• باروخ سبينوزا 1632-1677م . وهو فيلسوف هولندي يهودي ، هاجر أبواه من البرتغال في فترة الاضطهاد الديني لليهود من قبل النصارى ، ودرس الديانة اليهودية والفلسفة كما هي عند ابن ميمون الفيلسوف اليهودي الذي عاش في الأندلسي وعند ابن جبريل وهو أيضاَ فيلسوف يهودي عاش في الأندلس كذلك .

ومن أقول سبينوزا التي تؤكد على مذهبه في وحدة الوجود :

- ما في الوجود إلا الله ، فالله هو الوجود الحق ، ولا وجود معه يماثله لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان متماثلان .

- إن قوانين الطبيعة وأوامر الله الخالدة شيء واحد يعينه ، وإن كل الأشياء تنشأ من طبيعة الله الخالدة .

- الله هو القانون الذي تسير وفقه ظواهر الوجود جميعاً بغير استثناء أو شذوذ .

- إن الطبيعة عالماً واحداً هو الطبيعة والله في آن واحد وليس في هذا العالم مكان لما فوق الطبيعة .

- ليس هناك فرق بين العقل كما يمثله الله وبين المادة كما تمثلها الطبيعة فهما شيء واحد .

• يقول الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر كثيراً من أقوال أصحاب مذهب وحدة الوجود " يقولون : إن الوجود واحد ، كما يقول ابن عربي - صاحب الفتوحات - وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني وأمثالهم - عليهم من الله ما يستحقونه - فإنهم لا يجعلون للخالق سبحانه وجوداً مبايناً لوجود المخلوق . وهو جامع كل شر في العالم ، ومبدأ ضلالهم من حيث لم يثبتوا للخالق وجوداً مبايناً لوجود المخلوق وهم يأخذون من كلام الفلاسفة شيئاً ، ومن القول الفاسد من كلام المتصوفة والمتكلمين شيئاً ومن كلام القرامطة والباطنية شيئاً فيطوفون على أبواب المذاهب ويفوزون بأخس المطالب ، ويثنون على ما يذكر من كلام التصوف المخلوط بالفلسفة " ( جامع الرسائل 1- ص 167 ) .

• الجذور الفكرية والعقائدية :

- لقد قال بفكرة وحدة الوجود فلاسفة قدماء : مثل الفيلسوف اليوناني هيراقليطس فالله - سبحانه وتعالى - عنده نهار وليل وصيف وشتاء ، ووفرة وقلة ، جامد وسائل ، فهو كالنار المعطرة تسمى باسم العطر الذي يفوح منها .

- وقال بذلك الهندوسية الهندية : إن الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي والروح الإنسانية جزء من الروح العليا وهي كالآلهة سرمدية غير مخلوقة .

- وفي القرن السابع الهجري قال ابن عربي بفكرة وحدة الوجود وقد سبق ذكر أقواله .

- وفي القرن السابع عشر الميلادي ظهرت مقولة وحدة الوجود لدى الفيلسوف اليهودي سبينوزا ، الذي سبق ذكره ، ويرجح أنه اطلع على آراء ابن عربي الأندلسي في وحدة الوجود عن طريق الفيلسوف اليهودي الأندلسي ابن ميمون .

وقد أعجب سبينوزا بأفكار برونو الإيطالي الذي مات حرقاً على يد محاكم التفتيش ، وخاصة تلك الأفكار التي تتعلق بوحدة الوجود . ولقد قال أقوالاً اختلف فيها المفكرون ، فمنهم من عدوه من أصحاب وحدة الوجود ، والبعض نفى عنه هذه الصفة .

- وفي القرن التاسع عشر الميلادي نجد أن مقولة وحدة الوجود قد عادت تتردد على ألسنة بعض الشعراء الغربيين مثل بيرس شلى 1792-1822م فالله سبحانه وتعالى في رأيه - تعالى عما يقول : " هو هذه البسمة الجميلة على شفتي طفل جميل باسم ، وهو هذه النسائم العليلة التي تنعشنا ساعة الأصيل ، وهو هذه الإشراقة المتألقة بالنجم الهادي ، في ظلمات الليل ، وهو هذه الورد اليانعة تتفتح وكأنه ابتسامات شفاء جميلة إنه الجمال أينما وجد … ".

- وهكذا فإن لمذهب وحدة الوجود أنصار في أمكنة وأزمنة مختلفة .

• موقف الإسلام من المذهب :

الإسلام يؤمن بأن الله جل شأنه خالق الوجود منـزه عن الاتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها . والكون شيء غير خالقه ، ومن ثم فإن هذا المذهب يخالف الإسلام في إنكار وجود الله ، والخروج على حدوده ، ويخالفه في تأليه المخلوقات وجعل الخالق والمخلوق شيئاً واحداً ، ويخالفه في إلغاء المسؤولية الفردية ، والتكاليف الشرعية ، والانسياق وراء الشهوات البهيمية ، ويخالفه في إنكار الجزاء والمسؤولية والبعث والحساب .

- ويرى بعض الدعاة أن وحدة الوجود عنوان آخر للإلحاد في وجود الله وتعبير ملتو للقول بوجود المادة فقط وأن هذا المذهب تكئة لكل إباحي يلتمس السبيل إلى نيل شهواته تحت شعار من العقائد أو ملحد يريد أن يهدم الإسلام بتصيد الشهوات أو معطل يحاول التخلص من تكاليف الكتاب والسنة .

يتضح مما سبق :

أن هذا المذهب الفلسفي هو مذهب لا ديني ، جوهره نفي الذات الإلهية ، حيث يوحد في الطبيعة بين الله تعالى وبين الطبيعة ، على نحو ما ذهب إليه الهندوس أخذاً من فكرة يونانية قديمة ، وانتقل إلى بعض الغلاة المتصوفة كابن عربي وغيره ، وكل هذا مخالف لعقيدة التوحيد في الإسلام ، فالله سبحانه وتعالى منـزه عن الاتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها .


الوجودية

التعريف :

• الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد ، وهو أشهر مذهب استقر في الآداب الغربية في القرن العشرين .

• ويرتكز المذهب على الوجود الإنساني الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة في رأيه ، ولا يوجد شيء سابق عليها ، ولا بعدها ، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته ، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• دخل المذهب الوجودي مجال الأدب على يد فلاسفة فرنسيين : هم جبرييل مارسيل المولود عام 1889م . وقد أوجد ما أسماه الوجودية المسيحية ، ثم جان بول سارتر الفيلسوف والأديب الذي ولد 1905م . ويعد رأس الوجوديين الملحدين والذي يقول : إن الله خرافة ضارة . وهو بهذا فاق الملحدين السابقين الذين كانوا يقولون إن الله خرافة نافعة ..- تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً - ومن قصصه ومسرحياته . الغثيان ، الذباب ،الباب المغلق .

• ومن الشخصيات البارزة في الوجودية : سيمون دي بوفوار وهي عشيقة سارتر . التي قضت حياتها كلها معه دون عقد زواج تطبيقاً عملياً لمبادئ الوجودية التي تدعو إلى التحرر من كل القيود المتوارثة والقيم الأخلاقية .

الأفكار والمعتقدات :

• الوجود اليقيني للإنسان يكمن في تفكيره الذاتي ، ولا يوجد شيء خارج هذا الوجود ولا سابقاً عليه ، وبالتالي لا يوجد إله ولا توجد مثل ولا قيم أخلاقية متوارثة لها صفة اليقين ، ولكي يحقق الإنسان وجوده بشكل حر فإن عليه أن يتخلص من كل الموروثات العقيدية والأخلاقية .

• إن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته ، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة .

• الالتزام في موقف ما - نتيجة للحرية المطلقة في الوجود - من مبادىء الأدب الوجودي الرئيسة .. حتى سميت الوجودية : أدب الالتزام أو أدب المواقف .. أي الأدب الذي يتخذ له هدفاً أساسياً أصحابه هم الذين يختارونه . وبذلك جعلوا القيمة الجمالية والفنية للأدب بعد القيمة الاجتماعية الملتزمة .

• ولقد نتج عن الحرية والالتزام في الوجودية ، القلق والهجران واليأس :

- القلق نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان بالقضاء والقدر .. ونبذ القيم الأخلاقية والسلوكية .

- والهجران الذي هو إحساس الفرد بأنه وحيد لا عون له إلا نفسه .

- واليأس الذي هو نتيجة طبيعية للقلق والهجران ، وقد حاول سارتر معالجة اليأس بالعمل ، وجعل العمل غاية في ذاته لا وسيلة لغرض آخر ، وحسب الوجودي أن يعيش من أجل العمل وأن يجد جزاءه الكامل في العمل ذاته وفي لذة ذلك العمل .

الجذورالفكرية :

• ترجع بذور مذهب الوجودية إلى الكاتب الدانمركي كيركا جورد 1813-1855م وقد نمى آراءه وتعمق فيها الفيلسوفان الألمانيان مارتن هيدجر الذي ولد عام 1889م ، وكارك يسبرز المولود عام 1883م .

• وقد أكد هؤلاء الفلاسفة أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية ، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات .

• والفكر الوجودي لدى كيركاجورد عميق التدين ، ولكنه تحول إلى ملحد إلحاداً صريحاً لدى سارتر .

- ومهما حاول بعض الوجوديين العرب ، وغيرهم ، تزيين صورة الوجودية ، إلا أنها ستبقى مذهباً هداماً للأديان والعقائد والقيم الأخلاقية .

أماكن الانتشار :

• انتشرت الوجودية الملحدة في فرنسا بشكل خاص ، وكانت قصص ومسرحيات سارتر من أقوى العوامل التي ساعدت على انتشارها .

ويتضح مما سبق :

أن الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد ، وهو أشهر المذاهب الأدبية التي استقرت في الآداب الغربية في القرن العشرين ويرى أن الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة عند الوجوديين ، بحيث إنه لا يوجد شيء سابق على الوجود الإنساني كما أنه لا يوجد شيء لا حق له ، ولذا فإن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته ، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة . وقد أفرز هذا المذهب أموراً عديدة منها القلق واليأس نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان وهما من ركائز هذا المذهب . لذا يجب أن يعي الشباب المسلم حقيقة هذا المذهب وهو يتعامل مع إفرازاته .
ولا شك أن الإسلام يرفض الوجودية بجميع أشكالها ويرى فيها تجسيداً للإلحاد . أو أن قضايا الحرية والمسؤولية والالتزام التي تدعو إليها الوجودية غير مقيدة بأخلاق أو معتقدات دينية . وهي تنادي بأن الإنسان لا يدري من أين جاء ولا لماذا يعيش وهذه جميعها أمور محسومة في الإسلام وواضحة كل الوضوح في عقل وضمير كل مسلم آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً نبياً وقدوة وإماماً .


العدمية
التعريف :

العدمية مذهب أدبي وفلسفي ملحد ، اهتم بالعدم باعتباره الوجه الآخر للوجود ، بل هو نهاية الوجود ، وبه نعرف حقيقة الحياة بعيداً عن النظرة المثالية والنظرة الواقعية السطحية .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• من أهم الشخصيات العدمية في مجال الأدب ديستوفسكي الروائي الروسي ، وفي مجال الفلسفة نيتشه صاحب مقولة (موت الإله) والعدمية ترى أن الوجود تالإلهي وعدمه سواء ولا يحسن أن يجهد الناس أنفسهم في هذا الموضوع . والمؤرخون يفرقون بين الإلحاد والعدمية من حيث أن الملحد يختار الإلحاد الصريح (سارتر مثلاً) أما العدمي فيرى أن المسألة سواء (يستوي الوجود الإلهي وعدمه) وديستوفسكي يرى أنه إذا كان الإله غير موجود فكل شيء مباح ولا معنى للأخلاق .

• وهذا المذهب مرفوض إسلامياً لأننا مطالبون أولاً بتقرير الوجود الإلهي والتوحيد الخالص وثانياً تقرير ارتباط قيام الأخلاق على التشريع الإسلامي في مصدريه الأساسيين ، فالأديب والفيلسوف العدمي يناقضان الإسلام .

• برزت العدمية في الواقعية النقدية لجوستاف فلوبير 1821-1880م وأندريه دي بلزاك 1799-1850م وفي أعمال الطبيعة الانطباعية لأميل زولا 1840-1902م في القرن التاسع عشر . إلا أن الأديب الفرنسي جوستاف فلوبير هو المعبر الأول عن العدمية في رواياته ، ثم أصبحت مذهباً أدبياً لعدد كبير من الأدباء في القرن التاسع عشر .

• ويعد الشاعر والناقد جوتفريد بن 1886-1956م من أبرز العدميين الذين وضحوا معنى العدمية كمذهب أدبي ، إذ قال بأن العدمية ليست مجرد بث اليأس والخصوع في نفوس الناس بل مواجهة شجاعة وصريحة لحقائق الوجود .

• وقد رحب هذا الشاعر بالحكومة النازية عندما قامت في الثلاثينات من هذا القرن على أساس أنها مواجهة حاسمة للوجود الراكد . إلا أنه عد عدواً للنازية لأنه قال بأن البشر متساوون أمام العدم والفناء وليس جنس مفضل على غيره . وقد صودرت جميع أعماله الأدبية عام 1937م .

الأفكار والمعتقدات :

• إن الأنسان خلق وله إمكانات محدودة ، وعليه لكي يثبت وجوده ، أن يتصرف في حدود هذه الإمكانات ، بحيث لا يتحول إلى يأئس متقاعس أو حالم مجنون .

• إن البشر يتصارعون ، وهم يدركون جيداً أن العدم في انتظارهم ، وهذا الصراع فوق طاقتهم البشرية ، لذلك يتحول صراعهم إلى عبث لا معنى له .

• ينحصر التزام الأديب العدمي في تذكره الإنسان بحدوده حتى يتمكن من استغلال حياته على أحسن وجه .

• العمل الأدبي يثبت أن لكل شيء نهاية ، ومعناه يتركز في نهايته التي تمنح الدلالة للوجود ، ولا يوجد عمل أدبي عظيم بدون نهاية وإلا فقد معناه ، وكذلك الحياة تفقد معناها إذا لم تكن لها نهاية .

• الرومانسية المثالية في نظر الأديب العدمي مجرد هروب مؤقت لا يلبث أن يصدم الإنسان بقسوة الواقع وبالعدم الذي ينتظره ، وقد يكون في هذا الاصطدام انهياره أو انحرافه .

• يهدف الالتزام الأدبي للعدمية إلى النضوج الفكري للإنسان ورفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم .

• تهدف العدمية إلى إلغاء الفواصل المصطنعة بين العلم والفن ، لأن العرفة الإنسانية لا تتجزأ في مواجهة قدر الإنسان ، وإذا اختلف طريق العلم عن طريق الفن فإن الهدف يبقى واحداً وهو : المزيد من المعرفة عن الإنسان وعلاقته بالعالم .

• إن اتهام العدمية بالسلبية وإشاعة اليأس ، يرجع إلى الخوف من لفظ العدم ذاته وهذه نظرة قاصرة ، لأن تجاهل العدم لا يلغي وجود من حياتنا .

• العدمية ليست مجرد إبراز الموت والبشاعة والعنف والقبح ولكن الأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال ذلك إلى معنى الحياة ، وبذلك يوضح بأن العدم هو الوجه الآخر للوجود ، ولا يمكن الفصل بينهما لأن معنى كل منهما يكمن في الآخر .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• ترجع العدمية في أفكارها إلى مسرحيات الإغريق القدامى ، التي تصور الإنسان وتصارعه مع الأقدار وكأنه صراع ضد فكرة العدم .

• وكذلك العقائد النصرانية وما تتضمنه من معاني الموت ، ونهاية العالم ، واليوم الآخر والحساب .. إلخ .

• إلا أن العدمية لم تبلور العقيدة الدينية في الحياة والموت .. في الإيمان الذي يبعث على عمل الخير والجد ، والاجتهاد لإعمار الأرض لتكون الحياة عليها سعيدة مطمئنة . وإنما اقتصرت على تصوير معاني العدم والجانب السلبي في الحياة على نحو يوحي بأن العدم هو الوجود الخالد ، وطالما كان الأمر كذلك فإن الإلحاد يحيط بالعدمية من كل جانب .

أماكن الانتشار :

• انتشرت العدمية في فرنسا وإنكلترا بشكل خاص والعالم الغربي عامة .

ويتضح مما سبق :

أن العدمية مذهب أدبي ملحد يعتبر العدم نهاية الوجود ، ووفقاً لهذا المذهب ينحصر التزام الأديب العدمي في تذكير الإنسان بحدوده حتى يستغل حياته استغلالاً عدمياً ، ينضج مع فكر الإنسان ، حسب زعم هذا المذهب ، نضجاً يرفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم إلى مرتبة الأديب المدرك له والذي يلغي الفواصل المصطنعة بين العلم والفن ، فالأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال الموت والبشاعة والعنف والقبح إلى معنى الحياة العدمية ، فالعدم هو الوجه الآخر للوجود . ولا شك أن هذه الأفكار لا تخدم أية فكرة أخلاقية أو دينية ، بل إنها تتنافى كلية معهما .


الهندوسية

التعريف :

الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البرهمية ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند ،وهي مجموعة من العقائد والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر . إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادئ القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله ولكل عمل أو ظاهرة إله .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين ، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون ، فقد تم تشكل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن .

• الآريون الغزاة الذين قدموا إلى الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية .

- ديانة الفاتحين الجديدة لم تمح الديانة القديمة للهنود ، بل مازجتها وتأثرت كل منهما بالأخرى .

- في القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية على أيدي الكهنة البراهمة الذين يزعمون أن في طبائعهم عنصراً إلهياً .

- ثم تطورت مرة أخرى في القرن الثالث قبل الميلاد عن طريق قوانين منوشاستر .

الأفكار والمعتقدات :

نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها ، ونظرتها إلى الإله ، ومعتقداتها وطبقاتها إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى .

كتبها :

للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم غريبة اللغة وقد ألفت كتب كثيرة لشرحها وأخرى لاختصارها تلك الشروح ، وكلها مقدسة وأهمها :

1- الفيدا : وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة ، وتصور حياة الآريين ، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي ، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب يرتقي إلى وحدة الوجود ،وهي تتألف من أربعة كتب هي :

1- رج فيدا أو راجا فندا ( أي الفيدا الملكية ) وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد ، فيها ذكر الإله ( إنذار ) ثم الإله النار ( أغني ) ثم الإله ( فارونا ) ثم الإله سوريه ( إله الشمس ) .

2- يجور فيدا يتلوها الرهبان عند تقديم القرابين .

3- سم فيدا : ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية .

4- أثروا فيدا : عبارة عن مقالات من الرقى والتمائم لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين . وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي :

أ‌سمهتا : تمثل مذهب الفطرة ، وأدعيته كان يقدمها سكان الهند الأقدمون لآلهتهم قبل زحف الآريين .

ب‌البراهمن : يقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مبينة أنواع القرابين .

ت‌آرانياك : وهي الصلوات والأدعية التي يتقدم بها الشيوخ أثناء إقامتهم في الكهوف والمغاور وبين الأحراش والغابات .

ث‌آبا نيشادات : وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية .

2- قوانين منو : وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني ، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد الذي تمثل في ( الجينية والبوذية ) . وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسية ومبادئها وأسسها .

3- كتب أخرى :

أ‌ممها بهارتا : ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسه عند اليونان ومؤلفها ( وياس ) ابن العارف ( بوسرا ) الذي وضعها سنة 950 ق.م وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة ، وقد استركت الآلهة في هذه الحرب .

ب‌كيتا : تصف حرباً بين أمراء من أسرة ملكية واحدة ، وينسب إلى كرشنا فيها نظرات فلسفية واجتماعية .

ت‌يوجا واسستها: تحتوي على أربعة وستين ألف بيت ، ألفت ابتداء من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس ، فيها أمور فلسفية ولاهوتية .

ث‌رامايانا : يعتني هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك اسمه ( راما ) .

• نظرة الهندوسية إلى الآلهة :

- التوحيد : لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق ، لكنهم إذا أقبلوا على إله من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم الآلهة الأخرى ، وعندها يخاطبونه برب الأرباب أو إله الآلهة .

- التعدد : يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يعبد : كالماء ولهواء والأنهار والجبال .. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين .

- التثليث : في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه :

1- براهما : من حيث هو موجود .

2- فشنو : من حيث هو حافظ .

3- سيفا : من حيث هو مهلك .

فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها . وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث .

يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلوا على أي قداسة ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ولها حق الانتقال إلى أي مكان ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذي أو يذبحها وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية .

يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان كرشنا وقد التقى فيه الإله بالإنسان أو حل اللاهوت في الناسوت ، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح ، وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب ، بل التطابق ، وعلق في آخر المقارنة قائلاً : " وعلى المسيحيين أن يبحثوا عن أصل دينهم ".

الطبقات في المجتمع الهندوسي :

منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن .ولا طريق لإزالتها لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله ( كما يعتقدون ) .

وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي :

1- البراهمية : وهم الذين خلقهم الإله براهما من فمه : منهم المعلم والكاهن ، والقاضي ، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة ، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم .

2- الكاشتر : وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه : يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع .

3- الويش : وهم الذين خلقهم الإله من فخذه : يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال ، وينفقون على المعاهد الدينية .

4- الشودر : وهم الذين خلقهم الإله من رجليه ، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاثة السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة .

- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني .

- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال .

- البراهمة هم صفوة الخلق ، وقد ألحقوا بالآلهة ، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم " شودر " ما يشاؤون .

- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه .

- لا يجوز للملك - مهما اشتدت الظروف - أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي .

- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل .

- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة كما يفوق الوالد ولده .

- لا يصلح لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده .

- المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو .

- من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب .

- إذا مد أحد المنبوذين إلى براهمي يداً أو عصا ليبطش به قطعت يده ، وإذا رفسه فدعت رجله .

- إذا هم أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد .

- إذا ادعى أحد المنبوذين أنه يعلم برهمياً فإنه يسعى زيتاً مغلياً .

- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدع والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء .

- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات .

- ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه .

معتقداتهم :

- تظهر معتقداتهم في الكارما ، وتناسخ الأرواح ، والانطلاق ،ووحدة الوجود :

1- الكارما : قانون الجزاء أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض ، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة ، وجزاء الحياة يكون في حياة أخرى ، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب .

2- تناسخ الأرواح : إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد وتنطلق منه الروح لتتقمص تحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى ، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة .

3- الانطلاق : صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة .

- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء ، واطمأنت نفسه ، فإنه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما .

- يؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والسلبية أفضل من صالح الأعمال لأن ذلك طريق للاتحاد بالبراهما .

4- وحدة الوجود : التجرد الفلسفي ارتقى بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها ، وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة وتصير النفس هي عين القوة الخالقة .

أ‌الروح كالآلهة أزلية سرمدية مستمرة ، غير مخلوقة .

ب‌العلاقة بين الإنسان وبين الآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها ، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة .

ت‌هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي ، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا .

أفكار ومعتقدات أخرى :

الأجسام تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه إلى أعلى وبشكل عمودي لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن ، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً .

- عندما تتخلص الروح تصعد ، يكون أمامها ثلاثة عوالم :

1- إما العالم الأعلى : عالم الملائكة .

2- وإما عالم الناس : مقر الآدميين بالحلول .

3- وإما عالم جهنم : وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب .

- ليس هناك جهنم واحدة بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم .

- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد .

- يترقى البرهمي في أربع درجات :

1- التلميذ وهو صغير .

2- رب الأسرة .

3- الناسك ويقوم بالعبادة في الغابات إذا تقدم به السن .

4- الفقير : الذي يخرج من حكم الجسد وتتحكم فيه الروح ويقترب من الآلهة .

- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده ، بل تعيش في شقاء دائم ، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح ، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم .

- قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه ، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة .

- الديانة الهندية تجيز القران للأطفال وهم يحبون ، ويحدث أن يموت الولد فتشب البنت أرملة ابتداء ، ولكن القانون الهندي الحديث حرم ذلك ومنع عقد القران إلا في سن الشباب .

- ليس للفرد أهمية إلا إذا كان عضواً في جماعة ، وتكون هذه الجماعة عضواً في جماعة أكبر ، ذلك لأن العناية للجماعة لا للفرد .

- يلاحظ هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقي الهندوسية لأن بعض الطبقات لا تعمل ، ذلك لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمية مثلاً .

- نظام الطبقات يعطل مبدأ تكافؤ الفرص .

- رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في الإسلام وقاومتها محتفظة بتعليماتها ومعتقداتها .

- حاول الزعيم الهندي ( غاندي ) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح ، بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة .

- حاولت جماعة ( السيخ ) إنشاء دين موحد من الهندوسية والإسلام لكنهم فشلوا إذ سرعان ما انغلقوا على أنفسهم وصاروا طبقات متميزة يرفضون التزاوج مع غيرهم .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كان هناك سكان الهند الأصليين من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية .

• جاء الغزاة الآريون مارين في طريق بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها ، لما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص .

• وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وضع مذهب البرهمية وقالوا بعبادة براهما .

• عصفت بالديانة الهندية حركتان قويتان هما الجينية والبوذية .

• ظهرت قوانين منو فأعادت إليها القوة وذلك في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد .

• انتقلت فكرة التثليث من الفكر الهندي إلى الفكر النصراني بعد رفع المسيح عليه السلام .

• انتقلت فكرة التناسخ والحلول ووحدة الوجود إلى بعض المسلمين الذين ضلوا فظهرت هذه العقائد عند بعض المتصوفة ، وكذلك ظهرت عند الإسماعيلية وعند الفرق الضالة كالأحمدية .

الانتشار ومواقع النفوذ :

كانت الديانة الهندوسية ، تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز ، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيها إلى الكون والحياة وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها، كان ذلك سبباً في حدوث

ويتضح مما سبق :

أن الديانة الهندوسية مزيج من الفلسفة الهندية والديانتين اليهودية والمسيحية كما أنها عقيدة محدودة الأتباع . ويعتقد الهندوس أنها جاءت عن طريق الوحي ، ولو صح هذا فلا بد أنه قد حصل لها الكثير من التحريف والتبديل حتى أصبحت أسلوباً في الحياة أكثر مما هي عقيدة واضحة المعالم . وتشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأشجار والأحجار والقرود والأبقار .. إلى غير ذلك من أنواع الوثنية التي تتنافى مع أبسط قواعد التوحيد .

كما أن التقسيم الطبقي فيها يتعارض مع كرامة الإنسان ويجعلها بعيدة عن الوحي الرباني .



السيخية

التعريف :

السيخ : جماعة دينية من الهنود ظهروا في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي داعين إلى دين جديد زعموا أن فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار " لا هندوس ولا مسلمون ". وقد عادوا المسلمين خلال تاريخهم ، وبشكل عنيف ، كما عادوا الهندوس بهدف الحصول على وطن خاص بهم ، وذلك مع الاحتفاظ بالولاء الشديد للبريطانيين خلال فترة استعمار الهند . وكلمة سيخ كلمة سنسكريتية تعني المريد أو التابع .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• كابر ، ولد من أبوين هندوسيين في بنارس ، وعرف عنه نقده لديانة آبائه الهندوسية .

- المؤسس تاناك ويدعى غورو أي المعلم ، ولد سنة 1469م في قرية ري بوي دي تلفندي التي تبعد 40 ميلاً عن لاهور ، كانت نشأته هندوسية تقليدية .

- لما شب عمل محاسباً لزعيم أفغاني في سلطانبور ، وهناك تعرف على عائلة مسلمة ماردانا كانت تخدم هذا الزعيم . وقد أخذ ينظم الأناشيد الدينية ، كما نظم مقصفاً ليتناول المسلمون والهندوس الطعام فيه .

- درس علوم الدين ، وتنقل في البلاد كما قام بزيارة مكة والمدينة ، وزار أنحاء العالم المعروفة لديه وتعلم الهندية والسنسكريتية والفارسية .

- ادعى أنه رأي الرب حيث أمره بدعوة البشر ، ثم اختفى أثناء استحمامه في أحد الجداول ، وغاب لمدة ثلاثة أيام ظهر بعدها معلناً " لا هندوس ولا مسلمون ".

- كان يدعي حب الإسلام ، مشدوداً إلى تربيته وجذوره الهندوسية من ناحية أخرى ، مما دفعه لأن يعمل على التقريب بين الديانتين فكان أن أنشأ ديناً جديداً في القارة الهندية ، وبعض الدارسين ينظرون إليه على أنه كان مسلماً في الأصل ثم ابتدع مذهبه هذا .

- أنشأ المعبد الأول للسيخ في كارتاربور بالباكستان حالياً وقبل وفاته عام 1539م عين أحد أتباعه خليفة له ، وقد دفن في بلدة ديرة باباناك من أعمال البنجاب الهندية الآن ، ولا يزال له ثوب محفوظ فيه مكتوب عليه سورة الفاتحة وبعض السور القصيرة من القرآن .

• خلفه من بعده عشرة خلفاء معلمون آخرهم غوبند سنغ 1675-1708م الذي أعلن انتهاء سلسلة المعلمين .

• صار زعماؤهم بعد ذلك يعرفون باسم المهراجا رانجيت سنغ المتوفى سنة 1839م .

الأفكار والمعتقدات :

• خلفية فكرية :

- يدعون إلى الاعتقاد بخالق واحد ، ويقولون بتحريم عبادة الأصنام ، وينادون بالمساواة بين الناس .

- يؤكدون على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت ، والذي ليس له شكل ، ويتعدى أفهام البشر ، كما يستعملون عدة أسماء للإله منها واه غورو الجاب ، وأفضلها عند ناناك " الخالق الحق " وكل ما عداه وهم ( مايا ) .

- يمنعون تمثيل الإله في صورة ، ولا يقرون بعبادة الشمس والأنهار والأشجار التي يعبدها الهندوس ، كما لا يهتمون بالتطهر والحج إلى نهر الغانج ، وقد انفصلوا تدريجياً عن المجتمع الهندوسي حتى صارت لهم شخصية دينية متميزة .

- أباح ناناك الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، وقد حرم البقر مجاراة للهنادكة .

- أصول الدين لديهم خمسة بانج كهكها أي الكافات الخمس ذلك أنها تبدأ بحرف الكاف باللغة الكورمكية ، وهي :

1- ترك الشعر مرسلاً بدون قص من المهد إلى اللحد ، وذلك لمنع دخول الغرباء بينهم بقصد التجسس .

2- أن يلبس الرجل سواراُ حديدياً في معصميه بقصد التذلل والاقتداء بالدراويش .

3- أن يلبس الرجل تباناً وهو أشبه بلباس السباحة تحت السراويل رمزاَ للعفة .

4- أن يضع الرجل مشطاً صغيراً في شعر رأسه ، وذلك لتمشيط الشعر وترجيله وتهذيبه .

5- أن يتمنطق السيخي بحرية صغيرة أو خنجر على الدوام ، وذلك لإعطائه قوة واعتداداً ، وليدافع عن نفسه إذا لزم الأمر .

6- يعتقد بأن هذه الأمور ليست من وضع ناناك بل هي من وضع الخليفة العاشر غوبند سنغ الذي حرم أيضاً التدخين على أتباعه ، ويقصد بهذه الأمور التميز عن جميع الناس .

- معلمو السيخ ينكرون المعجزات والقصص والخرافات ذات الأساطير ، إلا أنه على الرغم من ذلك فقد خلد السيخ معابد لهم غور دوار مبنية على قصص تتحدث عن معجزات وقعت .

- للمعلم ويسمى عندهم غورو درجة دينية تأتي بعد مرحلة الرب ، فهو الذي يدل - في نظرهم - على الحق والصدق ، كما أنهم يتعبدون الإله بإنشاد الأناشيد الدينية التي نظمها المعلمون .

- يعتقدون بأن ترديد أسماء الإله الناما يطهر المرء من الذنوب ويقضي على مصادر الشر في النفوس ، وإنشاد الأناشيد كيرتا والتأمل بتوجيه من معلم غورو كل هذا يؤدي إلى الاتصال بالإله .

- يعتقدون بأن روح كل واحد من المعلمين تنتقل منه إلى المعلم التالي له .

- هناك بعض التنبؤات واسمها ساوساكي المائة قصة والمنسوبة إلى المعلم غوبند سنغ والتي تدور حول الانقلابات في الحكم القائم ومجيء مخلص ينشر السيخية في جميع أنحاء العالم .

- يؤمنون بولادة الإنسان وموته ثم إعادة ولادته كارما بحيث تتقرر حياة الإنسان المستقبلية على ضوء حياته السابقة ، ويتوقف خلاصه على هذه المرحلة .

- أن توجيه المعلم غورو أساسي للوصول إلى مرحلة الانعتاق موكا .

- يقدسون العدد خمسة الذي له معنى صوفي في أرض البنجاب أي الأنهار الخمسة .

- الخلافات الدينية يحلها مجلس ديني يعقد في أمرتيسار وقرارات هذا المجلس لها قوة روحية .

- ليس لديهم طبقة دينية مشابهة للبراهمية الهندوس ، إذ إنهم - عموماً - يرفضون مبدأ الطبقات الهندوسي كما يعارضون احتكار طبقة البراهمة للتعاليم الدينية .

- يقسمون أنفسهم على أساس عرقي .. منهم الجات ( قبائل زراعية ) وغير الجات ، والمذاهبي ، وهم المنبوذون ، لكن وضعهم أفضل بكثير من وضع المنبوذين لدى الهندوس .

- يتزوجون من زوجة واحدة فقط .

- أعياد السيخ هي نفس أعياد الهندوس الشمال في الهند بالإضافة إلى عيد مولد أول وآخر غورو وعيد ذكرى استشهاد الغورو الخامس والتاسع .

• خالصادال ( الباختا ) :

- تعرض السيخ لا ضطهاد الغول الذين أعدموا اثنين من معلميهم ، وقد كان أشد المغول عليهم نادر شاه 1738-1839م الذي هاجمهم مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الجبال والشعاب .

- قام غوبند سنغ وهو المعلم العاشر بإنشاء منظمة الباختا أي خالصادال التي سمى رجالها " أسوداً " ونساءها " لبؤات " .

- هدف شباب السيخ أن يصبحوا مؤهلين لأن يكونوا من رجال الخالصادال ويطلعوا على تعاليمها.

- إن الخالصادال مجموعة من الشباب الذين يرتبطون بنظام سلوكي ديني قاس ، حيث ينصرفون إلى الصلاة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدون به ممتنعين عن المخدرات والمسكرات والتبغ .

- صاروا بعد عام 1761م حكاماً للبنجاب وذلك بعد ضعف المغول ، حيث احتلوا لاهور عام 1799م .وفي عام 1819م امتدت دولتهم إلى بلاد الباتان ، وقد وصلت إلى ممر خيبر في عهد المهراجا رانجيت سنغ ت1839م متغلبين على الأفغان .

- عندما وصل الإنجليز حصلت مصادمات بينهم وبين السيخ واضطروهم لأن يتراجعوا ويتوقفوا عند نهر سوتلج واعتبار ذلك حدوداً لدولة السيخ من الناحية الجنوبية الشرقية .

- انكسروا بعد ذلك وتراجعوا أكثر ، وأجبرهم البريطانيون على دفع غرامة كبيرة وتسليم جاموا وكشمير ، كما عينوا في لاهور مقيماً بريطانياً يدير مملكة السيخ .

- صاروا بعد ذلك شديدي الولاء للإنجليز ، بل ساعدوهم على احتلال النبجاب .

- تحول السيخ إلى أداة في أيدي الإنجليز يضطهدون بهم حركات التمرد 1857م .

- حصلوا من الإنجليز على امتيازات كثيرة ، منها منحهم أراض زراعية وإيصال الماء إليها عبر قنوات مما جعلهم في رخاء مادي يمتازون به عن جميع المقيمين في المنطقة .

- في الحرب العالمية الأولي كانوا يشكلون أكثر من 20% من الجيش الهندي البريطاني .

- انضموا إلى حركة غاندي في طلب الحرية وذلك إثر قيام مشكلات بينهم وبين الإنجليز .

- بعد عام 1947 م صاروا مقسمين بين دولتين : الهند و الباكستان ، ثم اضطر مليونان ونصف المليون منهم لأن يغادروا باكستان إلى الهند إثر صدامات بينهم وبين المسلمين .

- ألغت الحكومة الهندية الامتيازات التي حصل عليها السيخ من الإنجليز مما دفعهم إلى المطالبة بولاية البنجاب وطناً لهم .

- على إثر المصادمات المستمرة بين الهندوس والسيخ أمرت أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند في شهر يونيو 1984م باقتحام المعبد الذهبي في أمرتيسار حيث اشتبك الطرفان وقتل فيه حوالي 1500 شخص من السيخ و 500 شخص من الجيش الهندي .

- وفي يوم 31 أكتوبر 1984 م أقدم السيخ على قتل رئسية الوزراء هذه انتقاماً لاقتحام المعبد ، وقد حصلت مصادمات بين الطرفين عقب الاغتيال قتل بسببها عدة آلاف من السيخ يقدرهم بعضهم بحوالي خمسة آلاف شخص .

- اشتهر السيخ خلال حكمهم بالعسف والظلم والجور والغلظة على المسلمين من مثل منعهم من أداء الفرائض الدينية والأذان وبناء المساجد في القرى التي يكونون فيها أكثرية وذلك فضلاً عن المصادمات المسلحة بينهما والتي يقتل فيها كثير من المسلمين الأبرياء .

كتبهم :

- كتاب آدي غرانت وهو مجموعة أناشيد دينية ألفها المعلمون الخمسة الأوائل وتبلغ نحوا من 6000 نشيد ديني ، كما ضم إليها المعلم الأخير غوبند سنغ 115 نشيداً نظمها أبوه تيغ بهادور كما تحتوي على أناشيد نظمها شيوخ من الخالصادال الباختا وبعض رجال الصوفية المسلمين من مثل ابن الفارض على وجه الخصوص وبعض شعراء بلاط غورو ، وهذا الكتاب هو الكتاب المقدس الذي يعتبر أساس السلطة الروحية لديهم .

- أقدم مصدر عن حياة ناناك كتب بعد وفاته بخمسين إلى ثمانين عاماً ، ومعظم علماء السيخ يرفضون عدداً من القصص الواردة فيه .

- هناك كتابات تاريخية سيخية ترجع إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .

- كتاب راحت ناما يحتوي على تقاليد الخالصادال وتعاليمهم .

- لهم كتاب مقدس مكتوب باللغة الكورمكية يسمونه كرانته صاحب .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• ترجع حركتهم في الأصل إلى ظهور حركة فيسنافا باختي التي بدأت بالظهور بين الهندوس في منطقة التاميل ، ووصلت إلى الشمال على يد رامانوجا 1050-1137م .

• وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر وبعد الإحتكاك بالمسلمين ، انتشرت هذه الحركة في سهل الغانج .

• لذا يقال بأن ناناك 1469-1538م لم يكن الأول في مذهبه السيخي هذا ، وإنما سبقه إليه شخص آخر صوفي اسمه كابير 1440-1518م درس الدين الإسلامي والهندوكي وكان حركة اتصال بين الدينين إذ أراد أن يؤلف بينهما عن طريق التوجيه والتأمل الصوفي .

• كان كابير هذا يتساهل في قبول كثير من العقائد الهندوكية ويضمها إلى الإسلام شريطة بقاء التوحيد أساساً ، لكنه لم يفلح إذ انقرض مذهبه بموته مخلفاً مجموعة أشعار باللغة البنجابية تظهر تمازج العقيدتين المختلفتين الهندوسية والإسلامية مرتبطتين برباط صوفي يجمع بينهما .

• أصل نظريتهم عن الكون مستمدة من النصوص الهندوسية .

• أنهم يحرقون موتاهم كالهندوس .

الانتشار ومواقع النفوذ :

• لهم بلد مقدس يعقدون فيه اجتماعاتهم المهمة ، وهي مدينة أمرتيسار من أعمال البنجاب وقد دخلت عند التقسيم في أرض الهند .

• هناك أربعة عروش تتمتع بالقداسة عقل تخت وهي في أمرتيسار ، وأناندبور ، وباتنا ، وباندد .

• لهم في مدينة أمر تيسار أكبر معبد يحجون إليه ويسمى دربار صاحب أي مركز ديوان السيد الملك ، وأما سائر المعابد فتسمى كرو داوره أي مركز الأستاذ .

• أكثرية السيخ وهم الأقلية الثالثة بعد الإسلام والمسيحية تقطن النبجاب إذ يعيش فيه 85% منهم ، فيما تجد الباقي في ولاية هاريانا ،وفي دلهي ، وفي أنحاء متفرقة من الهند ، وقد استقر بعضهم في ماليزيا وسنغافورة وشرق إفريقيا وإنجلترا والولايات المتحدة وكندا ، ورحل بعضهم إلى دول الخليج العربي بقصد العمل .

• لهم لجنة تجتمع كل عام منذ سنة 1908م ، تنشئ المدارس وتعمل على إنشاء كراسي في الجامعات لتدريس ديانة السيخ ونشر تاريخها .

• انشق قسم من السيخ عن الاتجاه العام متبعين ابن تاناك الأكبر وسموا أدواسي إذ يتجه هؤلاء نحو التصوف ، أما الخالصادال فلا يؤمنون بانتهاء سلالة الغورو غوبند سنغ العاشر ، بل يعتقدون بأن هناك معلماً حياً بين الناس ما يزال موجوداً .

• لديهم اعتقاد راسخ بضرورة إيجاد دولة لهم وأن ذلك أحد أركان الإيمان لديهم إذ ينشدون في نهاية كل عبادة نشيداً يقولون فيه : " سيحكم رجال الخالصادال " كما يحلمون بأن تكون عاصمتهم في شانديغار .

• يقدر عدد السيخ حالياً بحوالي 15 مليون نسمة داخل الهند وخارجها .

ويتضح مما سبق :

إن عقيدة السيخ تعتبر إحدى حركات الإصلاح الديني التي تأثرت بالإسلام واندرجت ضمن محاولات التوفيق بين العقائد ولكنها ضلت الطريق حيث لم تتعرف على الإسلام بما فيه الكفاية من ناحية ولأن الأديان ينـزل بها الوحي من السماء ولا مجال لاجتهاد البشر بالتلفيق والتوليف واختيار عناصر العقيدة من هنا وهناك .


الديوبندية

التعريف :

تنسب الديوبندية إلى جامعة ديوبند - دار العلوم في الهند .

فهي مدرسة فكرية عميقة الجذور طبعت كل خريج منها بطابعها العلمي الخاص ، حتى أصبح ينسب إليها .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• أسس جامعة ديوبند مجموعة من علماء الهند بعد أن قضى الإنجليز على الثورة الإسلامية في الهند عام 1857م فكان تأسيسها ردً قوي ، لوقف الزحف الغربي ومدنيته المادية على شبه القارة الهندية لإنقاذ المسلمين من مخاطر هذه الظروف ، خاصة وأن دلهي العاصمة قد خربت بعد الثورة ، وسيطر عليها الإنجليز سيطرة كاملة ، وخاف العلماء أن يبتلع دينهم ، فأخذ الشيخ إمداد الله المهاجر المكي وتلميذه الشيخ محمد قاسم الناناتووي وأصحابهم برسم الخطط للمحافظة على الإسلام وتعاليمه . فرأوا أن الحل بإقامة المدارس الدينية ، والمراكز الإسلامية . وهكذا أسست المدرسة الإسلامية العربية بديوبند كمركز للدين والشريعة في الهند في عصر حكومة الإنجليز .

- وقد بدأت دار العلوم بمدرسة دينية صغيرة بقرية ديوبند تأسست في 15 محرم 1283هـ الموافق 30 أيار ( مايو ) 1866م ، ثم أصبحت من أكبر المعاهد الدينية العربية في شبه القارة الهندية .

- وفي عام 1291هـ تم إنشاء البناء الخاص بالجامعة ، بعد بقائها تسع سنوات بدون بناء وكانت الدروس في ساحة المسجد الصغير وفي الهواء الطلق .

ومن أبرز شخصيات هذه المدرسة الفكرية :

• الشيخ محمد قاسم ولد بناتوته سنة 1248هـ ورحل إلى سهارنبور في صغر سنه وقرأ المختصرات على الشيخ محمد نواز الهارنبوري . ثم سافر إلى دهلي وقرأ على الشيخ مملوك على انانوني سائر الكتب الدراسية ، وأخذ الحديث على الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي ، وأخذ الطريقة عن الشيخ الحاج إمداد الله العمري التهانوي المهاجر المكي ، وكان ممن قام ضد الاستعمار البريطاني في الثورة المشهورة سنة 1273هـ . وفي 15 محرم 1273هـ أسس مدرسة دار العلوم بديوبند وتحمل مسؤلية إدارتها وشاركة في تربية طلابها رفيقة الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي . وقد لخص هدفها في رده على اللورد ميكالي الإنجليزي بقوله : " إن غرضنا من التعليم هو إيجاد جيل يكون بلونه وعنصره هندياً ، يتنور قلبه وعقله بنور الإسلام ، وتموج نفسه بالعواطف الإسلامية ، ثقافة وحضارة وسياسة " .

وذلك رداً على قول اللورد ميكالي " إن الفرصة من خطتنا التعليمية هو إنشاء جيل من الهند ، يكون هندي النسل واللون ، وأوربي الفكر والذهن ".

• الشيخ أحمد الكنكوهي : أحد أعلام الحنفية وأئمتهم في الفقه والتصوف قرأ على كبار مشايخ عصره حتى برع وفاق أقرانه في المنقول والمعقول واستفاد منه خلق كثير . وهو أحد الذين بايعوا الشيخ إمداد الله المهاجر المكي على الطريقة . وكان زميلاً للشيخ محمد قاسم الناناتوي . وله مؤلفات عديدة منها مجموع فتاواه في عدة مجلدات ، توفي عام 1323هـ .


• الشيخ حسين أحمد المدني والملقب بشيخ الإسلام : ولد في التاسع عشر من شوال سنة 1296هـ وتلقى مبادئ العلوم في تانده من مديرية فيض آباد الهند وطن أبائه . وفي سنة 1309هـ سافر إلى دار العلوم الديوبندية وفيها تعلم الحديث عن الشيخ محمود حسن الديوبندي الذي لازمه مدة طويلة وكذلك تلقى من الشيخ خليل أحمد السهارنفوري ، وبايع على الطريقة على يد الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي الذي أجازه على البيعة والإرشاد والتلقين . ولا شك أن هذا السلوك سلوك مبتدع لم يعرفه السلف الصالح .

- سافر إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ، بصحبة والده أيام الحرب العالمية فأسره ولاة الأمر - الشريف حسين بعد خروجهم على الدولة العثمانية - وتم ترحيله بصحبة شيخه محمد حسن الديوبندي إلى مصر ثم إلى مالطا أسرى لمدة ثلاثة سنين وشهرين . وفي عام 1338هـ أفرج عنه ثم عاد إلى الهند وقام بتدريس الحديث وإلقاء المحاضرات والخطب الحماسية ضد الإستعمار الإنجليزي فتم القبض عليه مرة أخرى في جماد الآخرة 1361هـ وسجن لمدة سنتين وعدة أشهر في سجن مراد آباد وسجن إله آباد إلى أن أطلق سراحه في السادس من رمضان 1363هـ . استمر في جهاده بالتعليم ومناهضة الإستعمار إلى أن وافاه الأجل في الثالث عشر من جماد الأولي سنة 1377هـ . من مؤلفاته : نقش حيات في مجلدين ، وكتاب الشهاب الثاقب على المسترق الكاذب .

• محمد أنور شاه الكشميري : أحد كبار فقهاء الحنفية وأساطين مذهبهم تخرج في جامعة ديوبندي وولي التدريس في المدرسة الأمينية بدلهي ، ثم شغل مشيخة الحديث في جامعة ديوبند . في عام 1246هـ تولى رئاسة التدريس وشياخة الحديث فيها إلى جامعة دابهيل كجرات وله مؤلفات عديدة . ويعد من أبرز علماء عصره في قوة الحفظ وسعة الاطلاع . وكان أحد الذين لعبوا دوراً هاماً في القضاء على فتنة القاديانية في شبه القارة الهندية . توفي عام 1352هـ .

• ومن أعلام الديوبندية الحديثة :

_ الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي ، رئيس جامعة ندوة العلماء في لكنهو ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية … وهو عالم داعية طبقت شهرته آفاق العالم الإسلامي .

• والشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي - سبقت ترجمته في مبحث المذهبية - .

الأفكار والمعتقدات :

• ترجع الديوبندية مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الفقه والفروع ومذهب أبي منصور الماتريدي في الاعتقاد والأصول ، وتنتسب من طرق الصوفية إلى طرق النقشبندية الجشيتية والقادرية السهروردية طريقاً وسلوكاً .

• ويمكن تلخيص أفكار ومبادئ المدرسة الديوبندية بما يلي :

- المحافظة على التعاليم الإسلامية ، والإبقاء على شوكة الإسلام وشعائره .

- نشر الثقافة الإسلامية ومحاربة الثقافة الإنجليزية الغازية .

- الاهتمام بنشر اللغة العربية ، لأنها وسيلة الاستفادة من مناهج من منابع الشريعة الإسلامية .

- الجمع بين القلب والعقل وبين العلم والروحانية .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• القرآن والسنة أساسها العقائدي والفكري وذلك على أساس :

- مذهب أبي منصور الماتريدي في الاعتقاد .

- مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان في الفقه والفروع .

- سلاسل الطرق الصوفية من النقشبندية والجشتية والقادرية والسهروردية في السلوك والاتباع .

الانتشار وموقع النفوذ :

• لم تمض سوى فترة قصيرة على تأسيس دار العلوم بديوبند حتى اشتهرت وتقاطرت إليها قوافل طلاب العلوم الإسلامية من أطراف القارة الهندية .

• وقد لعبت دار العلوم دوراً هاماً في نشر الثقافة الإسلامية خارج الهند ، وقد انتشرت المدارس الشرعية التابعة لدار العلوم في أقطار عديدة منها الهند وباكستان .

• وقد أسس أحد متخرجي دار العلوم المدرسة الصولتية في مكة المكرمة في بداية هذا القرن . وهي المدرسة التي قدمت خدمة جليلة من نشر العلوم الشرعية ، وكذلك المدرسة الشرعية في المدينة المنورة - بجوار الحرم المدني وقد أسستها أسرة الشيخ حسين أحمد المدني رئيس هيئة التدريس في دار العلوم سابقاً الذي ظل سبع عشرة سنة يدرس في الحرم النبوي بعد هجرته إلى المدينة أثناء الاضطرابات في الهند .

• ومعلوم أن أغلب رجال جماعة التبليغ المشهورة في الهند والعالم الإسلامي ، هم من خريجي دار العلوم مثل الشيخ محمد يوسف مؤلف كتاب حياة الصحابة والشيخ محمد إلياس مؤسس الجماعة .

• بالنسبة لندوة العلماء في لكنهو بالهند فإن أغلب علمائها من خريجي دار العلوم أيضاً ، ومنهم رئيسها الحالي العلامة الداعية أبو الحسن الندوي .

ويتضح مما سبق :

إن الديوبندية مدرسة فكرية أسسها مجموعة من علماء الهند ونمت حتى أصبحت أكبر المعاهد الدينية العربية للأحناف في الهند . ومن أعلامها المعاصرين الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي . ومن أهداف هذه المدرسة المحافظة على التعاليم الإسلامية ونشر الإسلام ومقاومة المذاهب الهدامة ومحاربة الثقافة الأجنبية والاهتمام بنشر اللغة العربية باعتبارها أداة فهم الشريعة الغراء . وترجع الديوبندية المذهب الحنفي في مجال الفقه والعقيدة الماتريدية في مجال الاعتقاد والطرق الجشتية والسهوردية والنقشبندية والقادرية والصوفية في مجال السلوك والاتباع .


الفراخانية

التعريف :

هي إحدى الفرق الباطنية السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية التي مازالت تتبع منهج اليجا محمد .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

- ولد مؤسسها لويس والكت لعائلة تشتغل بالتمثيل والغناء ، وأصولها من جزر البحر الكاريبي .

- في عام 1956م دخل فرقة اليجا محمد الذي ادعى النبوة وأن معلمه فرد محمد هو الله المتجسد . ولما فتح مالكوم معبد محمد للإسلام رقم 11 في بوسطن عين له لويس أكس واعظاً ومديراً .

- ألف لويس أكس بعض الأغاني والمسرحيات التي عرضت في جميع المعابد لأهميتها في بيان تعاليم اليجا محمد مما أكسبه شهرة واسعة .

- لما فصل اليجا محمد مالكوم أكس عين لويس في منصب الناطق الأول باسم الفرقة ولقبه بفراح خان ثم جعله واعظاً في أكبر المعابد وأخطرها ، معبد محمد للإسلام رقم 7 الذي كان يديره مالكوم قبل طرده .

- ولكن بعد هلاك اليجا محمد وتولى ولاس الزعامة عزل فراح خان من جميع مناصبه وجعله في منصب صوري في شيكاغو ، وأثناء هذه الفترة كان لويس ينكر نبوة اليجا محمد وألوهية فرد محمد تماشياً مع إنكار ولاس لهما .

- ولكن فرح خان استقال من ذلك المنصب ومن الفرقة إثر انسحاب المتنبئ سايلس في عام 1977م .

- وعاد إلى نيويورك وجمع أتباعه السابقين تحت الدعوة إلى العودة إلى تعاليم اليجا الأصلية ، وفتح له معابد في نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس وجمع أتباعاً فيها . وجعل لويس فراح خان شيكاغو مركزاً رسمياً لفرقته ، وأصدر جريدة الفرقة التي سماها النداء الأخير ، لإعادة بناء أمة الإسلام بالعودة إلى تعاليم اليجا محمد .

- أخذ فراح خان يتجول في الولايات المتحدة الأمريكية لإلقاء المحاضرات في الجامعات والتحدث في جميع مناسبات السود وكثر ظهوره على التلفزيون والإذاعة .

- ولما كانت دعوته إلى إعادة بناء منظمة اليجا ( أمة الإسلام ) وإحياء تعاليمه صافية خالية من دعاوى خاصة لنفسه - كما فعل المتنبئ ( سايلس ) فقد استجاب له معظم أفراد أسرة اليجا .

- في عام 1981م أعاد نظام توزيع الأسماء المقدسة وافترض على الجميع أن يكتب كل شخص في الفرقة ( رسالة المخلص ) يشهد فيها أن لا إله إلا الله الذي جاء في صورة السيد فرد محمد وأن المكرم اليجا محمد رسول الله .

- اكتسب فراح خان شهرة كبيرة بمساندته للقس الأسود جاكسون في حملاته الانتخابية .

الأفكار والمعتقدات :

• عقائد الفراحانية :

ثبت فراح خان تعاليم اليجا محمد كلها ، ما عدا تغييرات بسيطة ، دأب أن يذكر في آخر صفحة من جميع أعداد جريدة الفرقة النداء الأخير بابين تحت عنواني ماذا يريد المسلمون وماذا يعتقد المسلمون ؟‍! ، يضمنها أهداف الفرقة الاليجية ومعتقداتها حرفياً كما كانت ترد في كل عدد من أعداد جريدة محمد يتكلم في عهد اليجا كما يذكر في كل عدد مقالات اليجا المنقولة من أعداد محمد يتكلم القديمة .

• بعض عقائد الأليجية الأساسية التي أحياها فراح خان :

- أن الله قد خلق نفسه .

- أن جميع السود آلهة ويولد بينهم إله مطلق كل 25 ألف سنة .

- أحد الآلهة السود المسمى يعقوب قد خلق الإنسان الأبيض نتيجة لبعض التجارب الوراثية .

- أن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أرسل للعرب فقط واليجا أرسله الله إلى سود أمريكا وأنه آخر المرسلين .

- ويعتقد فراح خان أنه هو المقصود بالحواري بطرس المعروف في المسيحية ويعتقد أنه لا يملك قوة الإحياء ولكن بواسطة صوت اليجا محمد سوف يحيي الأمة بأسرها .

- الإنسان الأبيض شيطان .

- الإنسان الأسود هو الذي ألف جميع الكتب السماوية .

- معظم تعاليم القرآن موجهة إلى الرسول اليجا محمد والسود في أمريكا .

- لا قيامة للأجساد بعد الموت ، والبعث والقيام عبارة عن يقظة روحية لمن هم نيام من السود في قبور الأوهام ولا يتأنى ذلك إلا بمعرفة اليجا وإلهه والإيمان بهما .

- يقولون إذا كان العرب يعتقدون أن محمداً خاتم النبيين يقيناً فيمكن ، نجتمع ونتناقش في الأدلة ‍حتى نصل إلى كلمة سواء . إلا أنكم أيها العرب عنصريون ولم تتجاوزوا هذا الجانب من طبيعتكم التي تماثل طبيعة الإنسان الأبيض الذي هو شيطان ، أنتم واليهود والبيض كلكم شياطين .

إضافات فراح خان :

- أما معتقدات فراخ خان الجديدة حول اليجا فإنه إله اليجا كما إله المسيحيون عيسى ، بل ادعى فراح أن اليجا هو عيسى المسيح .

- وادعى أن اليجا لم يمت بل بعثه الله حيا مع أن اليجا أنكر البعث الجسدي إنكاراً شديداً مطلقاً .

- يقول فراح خان : " إنما أنا هنا لأشهد أن المكرم اليجا محمد قد رفع وأن عيسى الذي كنتم تبحثون عودته كان بين ظهرانيكم لمدة أربعين سنة ، ولكنكم لم تعلموا من هو ".

- ويقول :" إن المكرم اليجا محمد حي وهو مع الإله سوية وعودته وشيكة الحدوث ، واشهد أن أحد إخوانكم اليجا من بينكم قد رفع إلى مقام محمود يمين الإله ، وجعل رب العالمين فيه السلطة التامة على طاقات الطبيعة ".

- ويقول :" قد علمنا المكرم اليجا محمد أننا ( الرجل الأسود ) : مالك الأرض وخالقها وصفوة كائناته وإله الكون كله ، فإن لم يكن المكرم اليجا محمد إلهاً فلا يمكن أن نصل إلى درجة الألوهية ، وإن لم يبعث حياً فلا أمل فينا أن نبعث أحياء من موتنا الذهني والروحي والسياسي والاجتماعي ".

نماذج من تأويلات فراح خان :

- بنى لويس فراح خان دعاويه في اليجا على تأويل آيات قرآنية وفقرات من الكتاب المقدس تأويلاً عجيباً منها :

- يقول فراح خان ممهداً لدعواه أن اليجا محمد هو عيسى بن مريم وذلك تأويلاً للآية 44 من سورة آل عمران .

- أول مريم البتول إلى رمز يقصد به السود في أمريكا حيث قال : أين نبحث عن عيسى هذا إن العبارة سوف تحمل بتول هي المفتاح لاكتشاف السر فإن كلمة ( بتول ) كما نفهمها في عالم المادة تعني امرأة لم يمسها رجل ولكن كلمة ( بتول ) في الكتاب المقدس ترمز إلى أناس لم يلقحهم الإله ، والسود في أمريكا هم أناس بتوليون كما هو واضح من تصرفاتنا .

- وانتهت به تأويلاته إلى القول برفع اليجا اعتماداً على الآيات 157-158 من سورة النساء .

- ويقول : " أعلم أنكم تظنون أن اليجا محمد قد مات ولكنني أقف لكي أشهد للعالم أنه حي وبصحبة جيدة وهو ذو نفوذ ".

" إنني شاهد له وإننا شهداء له . وهو مكتوب في القرآن : (( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا .. )) . الخ . وفي مكان آخر يقول القرآن (( شبه له )) أنه مات ، وهذا هو مكر الله فوق مكر أعداء الله الأشرار في إشارة إلى قوله تعالى في الآية 157 من سورة النساء .

محاولات لإصلاح فكر فراح خان :

قام بزيارة إلى المملكة العربية السعودية ، وعقد لقاء بينه وبين بعض المسؤولين عن الدعوة في المملكة . وقد وعد خيراً وأظهر توجهاً للفهم وللمراجعة .ولكن عندما عاد إلى أمريكا بقيت نفس أفكاره وسلوكياته دون تغيير يذكر . وإن كان قد أصبح أقل إعلاناً لها ، والذي يظهر أن الرجل غير مخلص ويبحث عن الزعامة وتتجاذبه عوامل عديدة . نسأل الله له ولكل ضال الهداية والعودة إلى الطريق المستقيم .


البوذية

التعريف :

هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية ، وقد ظهرت في النهد بعد الديانة البرهمية الهندوسية في القرن الخامس قبل الميلاد ، وكانت في البداية تناهض الهندوسية وتتجه إلى العناية بالإنسان ، كما أن فيها دعوة إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف والمناداة بالمحبة والتسامح وفعل الخير . وبعد موت مؤسسها تحولت إلى معتقدات باطلة ، ذات طابع وثني ، ولقد غالى أتباعها في مؤسسها حتى ألهوه .

وهي تعتبر نظاماً أخلاقياً ومذهباً فكرياً مبنياً على نظريات فلسفية ، وتعاليمها ليست وحياً ، وإنما هي آراء وعقائد في إطار ديني . وتختلف البوذية القديمة عن البوذية الجديدة في أن الأولى صبغتها أخلاقية في حين أن البوذية الجديدة هي تعاليم بوذا مختلطة بآراء فلسفية وقياسية عقلية عن الكون والحياة .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

• أسسها سدهارتا جوتاما الملقب ببوذا 560-480ق.م وبوذا تعني العالم ويلقب أيضاً بسكيا موني ومعناه المعتكف . وقد نشأ بوذا في بلدة على حدود نيبال ، وكان أميراً فشب مترفاً في النعيم وتزوج في التاسعة عشرة من عمره ولما بلغ السادسة والعشرين هجر زوجته منصرفاً إلى الزهد والتقشف والخشونة في المعيشة والتأمل في الكون ورياضة النفس وعزم على أن يعمل على تخليص الإنسان من آلامه التي منبعها الشهوات ثم دعا إلى تبني وجهة نظره حيث تبعه أناس كثيرون .

- اجتمع أتباع بوذا بعد وفاته في مؤتمر كبير في قرية راجاجواها عام 483 ق.م لإزالة الخلاف بين أتباع المذهب ولتدوين تعاليم بوذا خشية ضياع أصولها وعهدوا بذلك إلى ثلاثة رهبان هم :

1- كاشيابا وقد اهتم بالمسائل العقلية .

2- أويالي وقد اهتم بقواعد تطهير النفس .

3- أناندا وقد دون جميع الأمثال والمحاورات .

الأفكار والمعتقدات :

• يعتقد البوذيون أن بوذا هو ابن الله ، وهو المخلص للبشرية من مآسيها وآلامها وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم .

• يعتقدون أن تجسد بوذا قد تم بواسطة حلول روح القدس على العذراء مايا .

• ويقولون إنه قد دل على ولادة بوذا نجم ظهر في أفق السماء ويدعونه نجم بوذا .

• ويقولون أيضاً إنه لما ولد فرحت جنود السماء ورتلت الملائكة أناشيد المحبة للمولود المبارك .

• وقد قالوا : لقد عرف الحكماء بوذا وأدركو أسرار لاهوته . ولم يمض يوم واحد على ولادته حتى حياه الناس ، وقد قال بوذا لأمه وهو طفل إنه أعظم الناس جميعاً .

• وقالوا : دخل بوذا مرة أحد الهياكل فسجدت له الأصنام . وقد حاول الشيطان إغواءه فلم يفلح .

• ويعتقد البوذيون أن هيئة بوذا تغيرت في آخر أيامه ، وقد نزل عليه نور أحاط برأسه . وأضاء من جسده نور عظيم فقال الذين رأوه : ما هذا بشراً إن هو إلا إله عظيم .

• يصلي البوذيون لبوذا ويعتقدون أنه سيدخلهم الجنة . والصلاة عندهم تؤدى في اجتماعات يحضرها عدد كبير من الأتباع .

• لما مات بوذا قال أتباعه : صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض .

• يؤمنون برجعة بوذا ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها .

• يعتقدون أن بوذا هو الكائن العظيم الواحد الأزلي وهو عندهم ذات من نور غير طبيعية ، وأنه سيحاسب الأموات على أعمالهم .

• يعتقدون أن بوذا ترك فرائض ملزمة للبشرية إلى يوم القيامة ، ويقولون إن بوذا أسس مملكة دينية على الأرض .

• قال بعض الباحثين إن بوذا أنكر الألوهية والنفس الإنسانية وأنه كان يقول بالتناسخ .

الجانب الأخلاقي في الديانة البوذية :

- في تعاليم بوذا دعوة إلى المحبة والتسامح والتعامل بالحسنى والتصدق على الفقراء وترك الغنى والترف وحمل النفس على التقشف والخشونة وفيها تحذير من النساء والمال وترغيب في البعد عن الزواج .

- يجب على البوذي التقيد بثمانية أمور حتى يتمكن من الانتصار على نفسه وشهواته :

1- الاتجاه الصحيح المستقيم الخالي من سلطان الشهوة واللذة وذلك عند الإقدام على أي عمل .

2- التفكير الصحيح المستقيم الذي لا يتأثر بالأهواء .

3- الإشراف الصحيح المستقيم .

4- الاعتقاد المستقيم الذي يصحبه ارتياح واطمئنان إلى ما يقوم به .

5- مطابقة السلوك للقلب واللسان .

6- الحياة الصحيحة التي يكون قوامها هجر اللذات .

7- الجهد الصحيح المتجه نحو استقامة الحياة على العلم والحق وترك الملاذ .

- في تعاليم بوذا أن الرذائل ترجع إلى أصول ثلاثة :

1- الاستسلام للملاذ والشهوات .

2- سوء النية في طلب الأشياء .

3- الغباء وعدم إدراك الأمور على وجهها الصحيح .

- من وصايا بوذا : لا تقض على حياة حي ، لا تسرق ولا تغتصب ، لا تكذب ، لا تناول مسكراً ، لا تزن ، لا تأكل طعاماً نضج في غير أوانه ، لا ترقص ولا تحضر مرقصاً ولا حفل غناء ، لا تتخذ طبيباً لا تقتن فراشاً وثيراً ، لا تأخذ ذهباً ولا فضة .

• ينقسم البوذيون إلى قسمين :

1- البوذيون المتدينون : وهؤلاء يأخذون بكل تعاليم بوذا وتوصياته .

2- البوذيون المدنيون : هؤلاء يقتصرون على بعض التعاليم والوصايا فقط .

• الناس في نظر بوذا سواسية لا فضل لأحد إلا بالمعرفة والسيطرة على الشهوات .

- وقد احتفظت البوذية ببعض صورها الأولي في منطقة جنوب آسيا وخاصة في سيلان وبورما ، أما في الشمال وعلى الأخص في الصين واليابان فقد ازدادت تعقيداً وانقسمت إلى مذهبين هما :

1- مذهب ماهايانا ( مذهب الشمال ) ويدعو إلى تأليه بوذا وعبادته وترسم خطاه .

2- مذهب هنايانا ( مذهب الجنوب ) وقد حافظ على تعاليم بوذا ويعتبر أتباع هذا المذهب أن بوذا هو المعلم الأخلاقي العظيم الذي بلغ أعلى درجة من الصفاء الروحي .

- وقد عبروا عن بلوغ النفس الكمال الأسمى والسعادة القصوى وانطلاقها من أسر المادة وانعتاقها من ضرورة التناسخ باليزفان وتعنى الخلاص من أسر المعاناة والرغبة ، واكتساب صفاء الدين والروح ، والتحرر من أسر العبودية واللذة ، وانبثاق نور المعرفة عن طريق تعذيب النفس ومقاومة النـزعات ، مع بذل الجهد والتأمل والتركيز الفكري والروحي ،وهو هدف البوذية الأسمى .

• علاقتهم بالمسلمين الآن لا تحمل طابع العداء العنيف ويمكن أن يكونوا مجالاً خصباً للدعوة الإسلامية .

• كتب البوذية : كتبهم ليست منـزلة ولا هم يدعون ذلك بل هي عبارات منسوبة إلى بوذا أو حكاية لأفعاله سجلها بعض أتباعه ، ونصوص تلك الكتب تختلف بسبب انقسام البوذيين ، فبوذيو الشمال اشتملت كتبهم على أوهام كثيرة تتعلق ببوذا أما كتب الجنوب فهي أبعد قليلاً عن الخرافات .

- تنقسم كتبهم إلى ثلاثة أقسام :

1- مجموعة قوانين البوذية ومسالكها .

2- مجموعة الخطب التي ألقاها بوذا .

3- الكتاب الذي يحوي أصل المذهب والفكر التي نبع منها .

4- وتعتمد جميع كتبهم على الآراء الفلسفية ومخاطبة الخيال وتختلف في الصين عنها في الهند لأنها تخضع لتغيرات الفلاسفة .

5- شعار البوذية عبارة عن قوس نصف دائرة وفي وسطه قائم ثالث على رأسه ما يشبه الوردة وأمام هذا التمثال صورة مجسمة لجرة الماء وبجوارها فيل يتربع عليه بوذا في لباسه التقليدي .

الجذور الفكرية والعقائدية :

• ليس هناك ما يثبت أن للبوذية جذوراً فكرية أو عقائدية إلا أن الناظر في الديانات الوضعية التي سبقتها أو عاصرتها يجد بينها وبين البوذية شبهاً من بعض الجوانب مثل :

- الهندوسية : في القول بالتناسخ والاتجاه نحو التصوف .

- الكونفوشيوسية : في الاتجاه إلى الاعتناء بالإنسان وتخليصه من آلامه .

- ينبغي أن يلاحظ التشابه الكبير بينها وبين النصرانية وبخاصة فيما يتعلق بظروف ولادة المسيح وحياته والظروف التي مر بها بوذا مما يؤكد تأثر النصرانية بها في كثير من معتقدات هذه الأخيرة .

الانتشار ومواقع النفوذ :

• الديانة البوذية منتشرة بين عدد كبير من الشعوب الآسيوية حيث يدين بها أكثر من ستمائة مليون نسمة ، ولهم معبد ضخم في كاتمندو بالنيبال ، وهو عبارة عن مبنى دائري الشكل وتتوسطه قبة كبيرة وعالية وبها رسم لعينين مفتوحتين وجزء من الوجه ، ويبلغ قطر المبنى 40 متراً ، أما الارتفاع فيزيد عن خمسة أدوار مقارنة بالمباني ذات الأدوار ، والبوذية مذهبان كما تقدم :

- المذهب الشمالي : وكتبه المقدسة مدونة باللغة السنسكريتية ، وهو سائد في الصين واليابان والتبت ونيبال وسومطره .

- المذهب الجنوبي : وكتبه المقدسة مدونة باللغة البالية ، وهو سائد في بورما وسيلان وسيام .

- ويمكن تقسيم انتشار البوذية إلى خمس مراحل :

1- من مطلع البوذية حتى القرن الأول الميلادي وقد دفع الملك آسوكا البوذية خارج حدود الهند وسيلان .

2- من القرن الأول حتى القرن الخامس الميلادي وفيها أخذت البوذية في الانتشار نحو الشرق إلى البنغال ونحو الجنوب الشرقي إلى كمبوديا وفيتنام ونحو الشمال الغربي إلى كشمير وفي القرن الثالث اتخذت طريقها إلى الصين وأواسط آسيا ومن الصين إلى كوريا .

3- من القرن السادس حتى القرن العاشر الميلادي وفيه انتشرت في اليابان ونيبال والتبت وتعد من أزهى مراحل انتشار البوذية .

4- من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر وفيها ضعفت البوذية واختفى كثير من آثارها لعودة النشاط الهندوسي وظهور الإسلام في الهند فاتجهت البوذية إلى لاوس ومنغوليا وبورما وسيام .

5- من القرن السادس عشر حتى الآن وفيه تواجه البوذية الفكر الغربي بعد انتشار الاستعمار الأوروبي وقد اصطدمت البوذية في هذه الفترة بالمسيحية ثم بالشيوعية بعد أن صار الحكم في أيدي الحكومات الشيوعية .

ويتضح مما سبق :

أن البوذية فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية وقد ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية ، وقامت على أساس أن بوذا هو ابن الله ومخلص البشرية من مآسيها ، وقد قال لأمه وهو طفل إنه أعظم الناس جميعاً ، ولما مات بوذا قال أتباعه : إنه صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض وإنه سيرجع ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها ، ويقول البعض : : إن بوذا أنكر الألوهية والنفس الإنسانية وأنه كان يقول بالتناسخ ، وتعتمد جميع كتب البوذيين على الآراء الفلسفية ومخاطبة الخيال وتختلف البوذية في الصين عنها في الهند بحسب نظرة الفلاسفة .


البريلوية

التعريف :

البريلوية فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي في ولاية أوترابراديش بالهند أيام الإستعمار البريطاني وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الأنبياء ولأولياء بعامة ، والنبي صلى الله عليه وسلم بخاصة .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

مؤسس هذه الفرقة أحمد رضا خان تقي علي خان وقد كان من 1272-1340 ه‍الموافق 1865-1921م ولقد سمى نفسه عبد لمصطفى ، وهذا لا يجوز في الإسلام ، لأن العبودية لله وحده . ولد في بريلي بولاية اترابرديش وتتلمذ على الميرزا غلام قادربيك .

زار مكة المكرمة وقرأ على بعض المشايخ فيها عام 1295 ه‍، وكان نحيلاُ حاد المزاج ، مصاباً بالأمراض المزمنة ، دائم الشكوى من الصداع والآم الظهر ، شديد الغضب ، حاد اللسان ، مع فطنة وذكاء ، ومن أبرز كتبه أنباء المصطفى وخالص الإعتقاد ودوام العيش والأمن والعي لناعتي المصطفى ومرجع الغيب والملفوظات وله ديوان شعر حدائق بخش .

• ديدار علي : بريلوي ، ولد سنة 1270ه‍في نواب بور بولاية ألور وتوفي في اكتوبر 1935م ومن مؤلفاته تفسير ميزان الأديان وعلامات الوهابية .

• نعيم الدين المراد آبادي 1300-1367ه‍الموافق 1883-1948م وهو صاحب المدرسة التي سماها الجامعة النعيمية ويلقب بصدر الأفاضل ، ومن كتبه الكلمة العليا في عقيدة علم الغيب .

• أمجد علي بن جمال الدين بن خدابخش : ولد في كهوسي ، وتخرج في المدرسة الحنفية بجونبور سنة 1320 ه‍، وكان موته سنة 1369ه‍الموافق 1948م وله كتاب بهار شريعت .

• حشمت علي خان : ولد في لكهنو ، وفرغ من دراسته سنة 1340 ه‍، وكان يسمى نفسه كلب أحمد رضا خان معتزاً بهذه التسمية وله كتاب تجانب أهل السنة ، ويلقب بـ ( غيظ المنافقين ) ، وكان موته سنة 1380 ه‍.

• أحمد يار خان : 1906-1906م كان شديد التعصب للفرقة ، ومن مؤلفاته جاء الحق وزهق الباطل ، سلطنت مصطفى .

الأفكار والمعتقدات :

يعتقد أبناء هذه الطائفة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لديه قدرة يتحكم بها في الكون ، يقول أمجد على : " إن النبي صلى الله عليه وسلم نائب مطلق لله سبحانه وتعالى ، وإن العالم كله تحت تصرفاته ، فيفعل ما يشاء ، يعطي ما يشاء لمن يشاء ،ويأخذ ما يشاء ، وليس هناك أحد مصرف لحكمه في العالمين ، سيد الآدميين ، ومن لم يجعله مالكاً له حرم من حلاوة السنة .

وأن محمد صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده لديهم قدرة على التصرف في الكون يقول أحمد رضا خان : " يا غوث " أي يا عبد القادر الجيلاني " إن قدرة " كن " حاصلة لمحمد من ربه ، ومن محمد حاصلة لك ، وكل ما يظهر منك يدل على قدرتك على التصرف ، وأنك أنت الفاعل الحقيقي وراء الحجاب " .

لقد غالوا في نظرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أوصلوه إلى قريب من مرتبة الألوهية - والعياذ بالله - يقول أحمد رضا خان في حدائق بخشش 2/104 : " أي يا محمد صلى الله عليه وسلم لا أستطيع أن أقول لك الله ، ولا أستطيع أن أفرق بينكما ، فأمرك إلى الله هو أعلم بحقيقتك " .

كما بالغوا في إضفاء الصفات التي تخالف الحقيقة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوه عالماً للغيب ، يقول أحمد رضا خان في كتابه خالص الاعتقاد ص 33 : " إن الله تبارك وتعالى أعطى صاحب القرآن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم جميع ما في اللوح المحفوظ " .

لديهم عقيدة اسمها ( عقيدة الشهود ) حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم في نظرهم حاضر وناظر لأفعال الخلق الآن في كل زمان ومكان ، يقول أحمد يار خان في كتابه جاء الحق 1/160 : " المعنى الشرعي للحاضر والناظر هو أن صاحب القوة القدسية يستطيع أن يرى العالم مثل كفه من مكان وجوده ويسمع الأصوات من قريب ومن بعيد ، ويطوف حول العالم في لمحة واحدة ويعين المضطرين ، ويجيب الداعين ".

ينكرون بشرية النبي صلى الله عليه وسلم ويجعلونه نوراً من نور الله . يقول أحمد يار خان في كتابه مواعظ نعيمية ص 14: " إن الرسول صلى الله عليه وسلم نور من نور الله ، وكل الخلائق من نوره " يقول أحمد رضا خان في أشعاره " ما قيمة هذا الطين والماء إذا لم يكن النور الإلهي حل في صورة البشر ".

يحثون أتباعهم على الاستغاثة بالأنبياء والأولياء ، ومن يستنكر عليهم ذلك يرمونه بالإلحاد ، يقول أمجد علي في كتابه بهار شريعت 1/122 : " إن المنكرين للإستمداد بالأنبياء والأولياء وبقبورهم ، ملحدون .

يشيدون القبور ويعمرونها ويجصصونها وينيرون فيها الشموع والقناديل وينذرون لها النذور ، ويتبركون بها ويقيمون الاحتفالات لأجلها ، ويضعون عليها الزهور والورود والأردية والستائر ، ويدعون أتباعهم للطواف حول الضريح تبركاً به .

لديهم غلو شديد في تقديس شخصية عبد القادر الجيلاني ، ويعظمون باقي الأولياء من أئمة المتصوفة وينسبون إليهم أفعال خيالية خارقة للعادات متسمة بالنسيج الخرافي الأسطوري .

ويقولون بالإسقاط وهي صدقة تدفع عن الميت بمقدار ما ترك الصلاة والصيام وغيرها ، ومقدار الصدقة عن كل صلاة أو صيام تركه الميت هو مقدار صدقة الفطر المعروفة ، وقد يعمدون إلى الحيلة في ذلك إذ يوزعون مقداراُ يغطي سنة واحدة ثم يستردون ذلك هبة ومن ثم يعيدون توزيعه ، ويكررون ذلك بعدد السنين التي تركت فيها تلك الفريضة .

أعظم أعيادهم هو ذكرى المولد النبوي الشريف إذ ينفقون فيه الأموال الطائلة ، وهو يوم مقدس مشهور لديهم ، ينشدون فيه الأناشيد التي تمجد الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال القصص الخرافية ويقرءون فيه كتاب سرور القلوب في ذكر المولد المحبوب الذي ألفه أحمد رضا خان ملأه بالأساطير والخيالات .

الأعراس : وهي تعني زيارة القبور والاجتماع عليها من مثل عرس الشيخ الشاه وارث في بلدة ديوه وعرس الخواجة معين الدين جشتي ، حيث يجتمع له الملايين ويختلط فيه الرجال بالنساء وتحصل فيه بعض المفاسد المحرمة شرعاً .

- إن من يترك الصوم والصلاة يجد له خلاصاً ، أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى في نظرهم فإنما تقع على من يتخلف عن الاحتفال بالمولد أو الفاتحة أو العرس . وهم يكفرون المسلمين من غير البريلويين لأدنى سبب ولم يتركوا تجمعاً إسلامياً ولا شخصية إسلامية من وصف الكفر ، وكثيراً ما يرد في كتبهم بعد تكفير أي شخص عبارة " ومن لم يكفره فهو كافر " ، وقد شمل تكفيرهم الديوبنديين وزعماء التعليم والإصلاح ومحرري الهند من الاستعمار . كما شمل الشيخ إسماعيل الدهلوي وهو من علماء الهند ممن حاربوا البدع والخرافات ، ومحمد إقبال والرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق وعدداً من وزرائه .

- وهم يكفرون شيخ الإسلام ابن تيمية وينعتونه بأنه مختل وفاسد العقل ويدرجون معه تلميذه ابن القيم .

- يكرهون الإمام محمد بن عبد الوهاب ويرمونه بأشنع التهم وأسوأ الألفاظ وما ذلك إلا لأنه وقف أمام الخرافات موقفاً حازماً داعياً إلى التوحيد الخالص .

يعملون دائماً على شق صفوف المسلمين وتوهين قوتهم وإضعافهم وإدخالهم في متاهات من الخلافات التي لا طائل تحتها . فمن ذلك إصرارهم على بدعة تقبيل الإبهامين عند الأذان ومسح العينين بهما ، واعتبار ذلك من الأمور الأساسية ولا يتركها - في نظرهم - إلا من كان عدواً لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ويزعمون أن من يفعل ذلك لا يرمد أبداً ، انظر مؤلفهم منير العينين في تقبيل الإبهامين .

الجذور الفكرية والعقائدية :

تصنف هذه الفرقة من حيث الأصل ضمن جماعة أهل السنة الملتزمين بالمذهب الحنفي . وهذا خطأ حيث يرى بعض الدارسين أن أسرة مؤسس الفرقة كانت شيعية ثم أظهرت تسننها تقية ، لكنهم مزجوا عقائدهم بعقائد أخرى ودأبوا على الإحتفال بالمولد النبوي على غرار الإحتفالات بعيد رأس السنة الميلادية . وهم يغلون في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بما يوازي الخرافات المنسوبة إلى عيسى عليه الصلاة والسلام .

بسبب عيشهم ضمن القارة الهندية ذات الديانات المتعددة فلقد انتقلت أفكار من الهندوسية والبوذية لتمازج عقيدتهم الإسلامية .

لقد أضفوا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الأولياء صفات تماثل تلك الصفات التي يضفيها الشيعة على أئمتهم المعصومين في نظرهم .

كما انتقلت إليهم عقائد غلاة المتصوفة والقبوريين وشركياتهم ونظرياتهم في الحلول والوحدة والإتحاد حتى صارت هذه الأمور جزءاً من معتقداتهم .

هذا ويؤخذ على البريلوية :

- التطرف الشديد والغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ومزج ذلك بعقائد المشركين .

- مجانبتهم الصواب في هجومهم وافتراءاتهم على شيخ الإسلام ابن تيمية وعلى الإمام محمد بن عبد الوهاب وعلى كل دعاة التوحيد الخالص من أفاضل علماء الأمة الإسلامية .

- إطلاق العنان لألسنتهم في تكفير المسلمين لمجرد مخالفتهم في الرأي .

- سعيهم الدؤوب لتفريق كلمة المسلمين وتوهين قوتهم .

- على الرغم مما سبق فإن هذه الفرقة ونظيراتها تحتاج إلى من ينير لها الطريق بالحكمة والموعظة الحسنة ويزيل عن أعين أصحابها ومريديها أوهام الجهل والخرافة والتخلف حتى تكون على الجادة المستقيمة ، كما حصل بالفعل في بعض الأماكن .

الانتشار ومواقع النفوذ :

انطلقت الدعوة من بريلي بولاية أوترابرديش بالهند ، لتنتشر في القارة الهندية كلها ( الهند والباكستان وبنجلاديش وبورما سريلانكا ) .

لهم وجود في انجلترا ، كما لهم نفوذ في جنوب أفريقيا وكينيا ومورشيوس وعدد من البلدان في قارة أفريقيا .

ويتضح مما سبق :

إن البريلوية فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية إبان الاستعمار البريطاني ، وهم يغلون في الأنبياء والأولياء ، ويحاربون دعاة التوحيد الخالص ، ويعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم له قدرة يتحكم بها في الكون ، وأنه صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده لهم قدرة على التصرف في الكون ، ولديهم عقيدة اسمها عقيدة الشهود فيعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر وناظر لأعمال الخلق في كل زمان ومكان ، وهم ينكرون بشريته صلى الله عليه وسلم ويحثون أتباعهم على الاستغاثة بالأنبياء ويشيدون القبور ويعمرونها وينيرونها بالشموع والقناديل .


جماعة التبليغ

التعريف :

جماعة التبليغ جماعة إسلامية تقوم دعوتها على تبليغ فضائل الإسلام لكل من تستطيع الوصول إليه ملزمة أتباعها بأن يقتطع كل واحد منهم جزءاً من وقته لتبليغ الدعوة ونشرها بعيداً عن التشكيلات الحزبية والقضايا السياسية . ويمكن أن توصف هذه الجماعة بأنها مناسب إلى حد بعيد لحالة المسلمين في الهند بإعتبارهم أقلية في مجتمع كبير .


التأسيس وأبرز الشخصيات :

أولاً : المؤسس هو الشيخ محمد بن إلياس الكاندهلوي ( 1303 ــ 1364هـ ) ولد في كاندهلة ، قرية من قرى سهارنفور بالهند ، تلقى تعليمه الأولي فيها ثم أنتقل إلى دهلي حيث أتم تعليمه في مدرسة ديوبند التي هي أكبر مدرسة للأحناف في شبه القارة الهندية تأسست عام 1283هـ / 1867م .


من مشائخه :

ـ تلقى تعليمه الأولى على أخيه الذي يكبره سناً وهو الشيخ محمد بن يحي الذي كان مدرساً في مدرسة مظاهر العلوم بسهارنفور .
ـ الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي (1829 ـ 1905م ) وقد بايعه الشيخ محمد إلياس على الطريقة سنة 1315هـ .
ـ جدد البيعة على الشيخ خليل أحمد السهارنفوري .
ـ اتصل بالشيخ عبدالرحيم الرائي فورى واستفاد من علمه وتربيته .
ـ أخذ بعض علومه على الشيخ أشرف علي التهانوي ( 1280ـــ 1364هـ ) ( 1863 ـ 1943م ) ، وهو الملقب لديهم بـ ( حكيم الأمة ) .
ـ أخذ عن الشيخ محمود حسن ( 1268 ـ 1339هـ ) ( 1851ـ1920م ) وهو من كبار علماء مدرسة ديوبند ومشائخ جماعة التبليغ .


من رفاقه المقربين :

ـ الشيخ عبدالرحيم شاه الديوبندي التبليغي : قضى مدة كبيرة في أمر التبليغ مع الشيخ محمد إلياس ومع ابنه الشيخ محمد يوسف من بعده .
ـ الشيخ احتشام الحسن الكاندهلوي : زوج أخت محمد إلياس ومعتمده الخاص ، قضى مدة طويلة من حياته في قيادة الجماعة ومرافقة الشيخ المؤسس.
ـ الأستاذ أبو الحسن علي الحسني الندوي : مدير دار العلوم لندوة العلماء لكهنو الهند ، كاتب إسلامي كبير على صلة وثيقة بالجماعة .

ثانياً: الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي ( 1335هـ / 1917 ــ1965م ) وهو ابن الشيخ محمد إلياس وخليفته من بعده ، ولد في دهلي ، تنقل كثيراً في طلب العلم أولاً ، وفي نشر الدعوة ثانياً ، زار السعودية عدة مرات حاجاً ، والباكستان بشطريها ، كانت وفاته في لاهور ، نقل جثمانه بعدها ليدفن بجانب والده في نظام الدين بدهلي .
ـ ألف الشيخ ( أماني الأخبار ) وهو شرح معاني الأثار للطحاوي ، وكتابه الشهير ( حياة الصحابة ) كما خلّـف ولداً اسمه ( الشيخ محمد هارون ) يسير على منهجه وطريقته .
ـ الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي ( 1315ـ 1364هـ /1944م ) وهو ابن عم الشيخ محمد يوسف وزوج أخته ، وهو الذي أشرف على تربيته وتوجيهه ، ويصفونه بأنه ريحانة الهند وبركة العصر ، كان شيخ الحديث والمشرف الأعلى لجماعة التبليغ ، ليس له نشاط في صفوف الجماعة حالياً .
ـ الشيخ محمد يوسف البنوري : مدير المدرسة العربية بنيوتاون كراتشي وشيخ الحديث فيها ، ومدير مجلة شهرية بالأوردية ، ومن كبار علماء ديوبند وجماعة التبليغ .
ـ المولوي غلام غوث الهزاردي : من علماء الجماعة ، كان عضواً في البرلمان المركزي .
ـ المفتي محمد شفيع الحنفي : وهو ( المفتي الأعظم بباكستان ) كان مديراً لمدرسة دار العلوم لاندهي كراتشي ، وخليفة ( حكيم الأمة ) أشرف علي التهاوني ، ومن علماء جماعة التبليغ .
ـ الشيخ منظور أحمد النعماني : من علماء الجماعة ، ومن أصحاب الشيخ زكريا ، وصديق للأستاذ أبي الحسن الندوي ، ومن علماء ديوبند .


ثالثاً : إنعام الحسن : هو الأمير الثالث للجماعة إذ تولاها بعد وفاة الشيخ محمد يوسف ومايزال في منصبه إلى الآن ، كان صديقاً للشيخ محمد يوسف في دراسته ورحلاته فهما متقاربان في السن متماثلان في الحركة والدعوة .
ـ الشيخ محمد عمر بالنبوري : من المرافقين للشيخ إنعام ومن مستشاريه المقربين .
ـ الشيخ محمد عمر بشير : أمير الجماعة في الباكستان ، ومركزهم الرئيسي فيها ( رايوند ) بضواحي لاهور .
ـ الشيخ عبدالوهاب : من كبار المسؤلين في ذات المركز بالباكستان .


الأفكار والمعتقدات :

ـ قرر المؤسس لهذه الجماعة ستة مبادئ جعلها أساس دعوته وهي :
1ـ الكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله .
2ـ إقامة الصلوات .
3ـ العلم والذكر .
4ـ إكرام كل مسلم .
5ـ الإخلاص .
6ـ النفر في سبيل الله .


تقوم طريقتهم في نشر الدعوة على ما يلي :

1ـ تنتدب مجموعة منهم نفسها لدعوة أهل بلد ما ، حيث يأخذ كل واحد منهم فراشاً بسيطاً وما يكفيه من الزاد والمصروف على أن يكون التقشف هو السمة الغالبة عليه .
2 ـ عندما يصلون إلى البلد أو القرية التي يريدون الدعوة فيها ينظمون أنفسهم أولاً بحيث يقوم بعضهم بتنظيف المكان الذي سيمكثون فيه ، وآخرون يخرجون متجولين في أنحاء البلدة والأسواق والحوانيت ، ذاكرين الله داعين الناس لسماع الخطبة أو ( البيان ) كما يسمونه .
3ـ إذا حان موعد البيان التقوا جميعاً لسماعه ، وبعدها يقسّمون الناس الحاضرين إلى مجموعات يتولى كل داعية منهم مجموعة يعلمهم الوضوء أو الفاتحة أو الصلاة أو تلاوة القرآن ... حلقات حلقات ، ويكررون ذلك عدداً من الأيام .
4ـ قبل أن تنتهي إقامتهم في هذا المكان ينتدبون الناس للخروج معهم لتبليغ الدعوة ، حيث يتطوع الأشخاص لمرافقتهم يوماً أو ثلاثة أيام أو أسبوعاً ... أو شهراً .... كل بحسب طاقته وإمكاناته ومدى تفرغه تحقيقاً لقوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) .
5ـ يرفضون إجابة الدعوة إلى الولائم التي توجه إليهم من أهل البلدة أو الحي حتى لا ينشغلوا بغير أمور الدعوة والذكر ، وليكون عملهم خالصاً لوجه الله تعالى .
6ـ لا يتعرضون إلى فكرة ( إزالة المنكرات ) معتقدين بأنهم الآن في مرحلة إيجاد المناخ الملائم للحياة الإسلامية ، وأن القيام بهذا العمل قد يضع العراقيل في طريقهم وينفر الناس منهم . ( أي يعملون بقاعدة : أمر بالمعروف من غير نهي عن المنكر ، وهذا فيه مخالفة لصريح الآي )
7ـ يعتقدون بأنهم إذا أصلحوا الأفراد فرداً فرداً فإن المنكر سيزول من المجتمع تلقائياً.
8 ـ إن الخروج والتبليغ ودعوة الناس هي أمور لتربية الداعية ولصقله عملياً إذ يحس بأنه قدوة وأن عليه أن يلتزم بما يدعو الناس إليه .
ـ يرون بأن التقليد في المذاهب واجب ويمنعون الإجتهاد معللين ذلك بأن شروط المجتهد الذي يحق له الإجتهاد مفقودة في علماء هذا الزمان .
ـ تأثروا بالطرق الصوفية المنتشرة في بلاد الهند ، وعليه فإنه تنطبق عليهم جملة من الأمور التي يتصف بها المتصوفة من مثل :
1ـ لابد لكل مريد من شيخ يبايعه ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . وكثيراً ماتتم البيعة للشيخ في مكان عام تنشر على الناس أردية واسعة مربوط بعضها ببعض مرددين البيعة بشكل جماعي ، ويُـفعل ذلك في جمع غفير من النساء كذلك .
2ـ المبالغة في حب الشيخ والمغالاة كذلك في حب الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخرجهم في بعض الأحيان عن الأدب الذي يجب إلتزامه حيال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .
3ـ إقامة المنامات مقام الحقائق حتى تكون هذه المنامات قاعدة تبنى عليها أمور تترك أثرها على مسيرة الدعوة .
4ـ يعتقدون بان التصوف هو أقرب الطرق لإستشعار حلاوة الإيمان في القلوب .
5ـ ترد على ألسنتهم أسماء أعلام المتصوفة من مثل ( عبدالقادر الجيلاني المولود في جيلان عام 470هـ ، والسهرودي ، وأبومنصور الماتريدي ت 332هـ ، وجلال الدين الرومي المولود عام 604هـ صاحب كتاب المثنوي ).
ـ تقوم طريقتهم على الترغيب و الترهيب والتأثير العاطفي ، وقد أستطاعوا أن يجذبوا إلى رحاب الإيمان كثيراً من الذين أنغمسوا في الملذات والآثام وحوّلوهم إلى العبادة والذكر والتلاوة .
ـ لا يتكلمون في السياسة ، وينهون أفراد جماعتهم عن الخوض في مشاكلها ، وينتقدون كل من يتدخل فيها ، ولعلّ هذه النقطة هي جوهر الخلاف بينهم وبين الجماعة الإسلامية التي ترى ضرورة التصدي لأعداء الإسلام في القارة الهندية .

بعض الملاحظات والمآخذ عليهم :

ـ أنهم يتوسعون توسعاً أفقياً كمياً لا نوعياً إذ إن تحقيق التفوق النوعي يحتاج إلى رعاية ومتابعة وهذا ما تفتقده هذه الدعوة ، ذلك لأن الشخص الذي يدعونه اليومّ قد لا يلتقون به مرة أخرى ، وقد يعود إلى ما كان عليه تحت تأثير مغريات الحياة وفتنها .
ـ لا يضمهم تنظيم واحد متسلسل ، بل هناك صلات بين الأفراد وبين الدعاة تقوم على التفاهم والمودة .
ـ لا يكفي عملهم لإقامة أحكام الإسلام في حياة الناس ولا يكفي لمواجهة التيارات الفكرية المعادية للإسلام التي تجند كافة طاقاتها لحرب الإسلام والمسلمين .
ـ أسلوبهم يترك أثره بشكل واضح على رواد المساجد من المسلمين أما أولئك الناس الذين يحملون أفكارا وإيديولوجيات معينة فإن تأثيرهم عليهم يكاد يكون معدوماً .
ـ يقال عنهم بأنهم أخذوا بعضاً من الإسلام وتركوا بعضاً منه ، وهذا التجزئ لحقائق الإسلام يتنافى مع طبيعته الواحدة .
ـ يرفعون منزلة علمائهم التبليغيين من الهنود على غيرهم ، لذا هم قليلوا الحرص على سماع الدروس العلمية لغير مشائخهم .
ـ يفتقرون للعلم الشرعي ولا يشترط عندهم أن يكون الداعية فقيهاً وعالما بأمور الشرع لذا تجد أكثرهم من عوام الناس ومن الأميين .
، أما نشر الدين وتفقيه الناس فهو بنظرهم ليس ذا أهمية ، لذا فإن أغلب مواعظهم تتركز على القصص والمنامات المبالغ والمزايد بها .
ـ لايرون عقيدة المرء ركناً في الدعوة ، فتجد من بينهم الرافضي والأمامي وغيرهم من أهلل الملل .

الجذور الفكرية والعقائدية :

ـ إنها جماعة إسلامية ، مصادرها الرئيسة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وطريقتها هي طريقة أهل السنة والجماعة من المسلمين .
ـ تأثروا بالمتصوفة من مثل الطريقة الجثتية في الهند ويقيمون اعتباراً خاصاً لأعلام المتصوفة في التربية والتوجيه .
ـ هناك من يعتقد بأنهم قد أخذوا أفكارهم عن جماعة النور في تركيا .
ـ لهم أيام يخروجون فيها للدعوة وهي اربعين يوماً في السنة وثلاثة أيام في الشهر ، وهذا خلاف لمنهج أهل السنة والجماعة إذ الدعوة إلى الله لا تقف عند زمان محدد ولا مكان .
ـ لهم اجتماع سنوي يعقد في الهند يحضره ما يقارب المليون نسمة يلقى فيه بيان يجتمع فيه أكثر التبلغيين .

الإنتشار ومواقع النفوذ :

ـ بدأت دعوتهم في الهند ، وأنتشرت في الباكستان وبتغلاديش ، وأنتقلت إلى العالم الإسلامي والعالم العربي حيث صار لهم أتباع في سوريا والأردن وفلسطين ولبنان ومصر والسودان والعراق والسعودية .
ـ انتشرت دعوتهم في معظم بلدان العالم في أوروبا وأمريكا واسيا وأفريقيا ، ولهم جهود مشهود لها في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام في أوروبا وأمريكا .
ـ مركزهم الرئيسي في نظام الدين بدهلي ، ومنه يديرون شئون الدعوة في العالم .
ـ التموين المالي يعتمدون فيه على الدعاة أنفسهم ، وهناك تبرعات متفرقة غير منظمة تأتي من بعض الأثريا مباشرة أو بابتعاث الدعاة على حسابهم الخاص .

المشاركات الشائعة