Translate

الأحد، 10 يناير 2016


 

يتحدث بعض المراقبين عن نبرة تشدد جديدة في تصريحات المستشارة ميركل بشأن اللاجئين بعد أحداث التحرش الجماعي في كولونيا، حيث تشير أصابع الاتهام إلى بعض من طالبي اللجوء. ماذا وراء هذا التشدد؟ وهل انتهت سياسة الأبواب المفتوحة؟
Mainz - Klausurtagung des CDU-Bundesvorstandes
في تصريحات تحمل نبرة جديدة قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إنها تؤيد تشديدا واضحا لقواعد طرد طالبي اللجوء الذين يدينهم القضاء الألماني حتى بإحكام مع وقف التنفيذ. وأضافت ميركل المعروفة بموقفها المتسامح تجاه اللاجئين في تعليق على تحرشات جنسية وقعت في كولونيا ليلة رأس السنة يشتبه بأن طالبي لجوء يقفون وراء معظمها: "إذا ارتكب لاجئون جريمة" فإنه "لا بد أن يكون لذلك عواقب، معنى ذلك أن حق الإقامة والبقاء في البلاد ينتهي إذا صدرت عقوبة بالسجن حتى مع وقف التنفيذ".
كلمات ميركل هذه تعبر عن امتعاض شديد لما حدث في كولونيا ليلة رأس السنة، عندما تحرش المئات من الأشخاص قيل إن معظمهم طالبو لجوء من أصول شمال افريقية أو عربية بنساء أمام محطة القطارات الرئيسية. أحداث كولونيا وضعت ميركل وحزبها المسيحي الديمقراطي في مواجهة انتقادات شديدة داخل وخارج معسكرها المحافظ.
ويخشى البعض ممن يدعم سياسة ميركل الخاصة بثقافة الترحيب باللاجئين أو سياسة الأبواب المفتوحة أمام الهاربين من الحروب الأهلية في بلدانهم من أن تغير المستشارة سياستها وتتراجع أمام ضغط القاعدة الحزبية المحافظة وضغوط الناخبين، خصوصا وأن بعض الولايات ستشهد انتخابات محلية في الربيع القادم. فقد ارتفعت في الأيام الأخيرة أصوات مطالبة بضرورة تغير سياسة اللجوء ووضع حد لتدفق اللاجئين دون قواعد ضابطة لتحركهم.

Köln Domplatte Flashmob
مظاهرة صاخبة في كولونيا ضد أحداث التحرش الجنسي بنساء المدينة

إعلان ماينتس
ميركل لم تدل بأية ملاحظة بشأن تغيير موقفها بشأن استقبال اللاجئين، بيد أنها وعدت بتشديد قوانين وقواعد ترحيل اللاجئين الذين يتورطون بارتكاب جرائم ويحكم عليهم بعقوبات حتى وإن كانت مع وقف التنفيذ. وجاء ذلك أيضا فيما بات يعرف بـ "إعلان ماينتس"، الذي تمخض عن اجتماع قيادي مغلق لقيادة الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة.
فخلال الاجتماع في ماينتس بجنوب غرب البلاد لقادة الحزب المحافظ للمستشارة الألمانية تم الاتفاق على المطالبة بأن يكون تطبيق إسقاط حق اللجوء في ألمانيا أكثر منهجية في حالة ارتكاب جريمة. وسيتعين بحث هذا الأمر مع الشريك الآخر الائتلاف الحكومي في برلين، أي الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة وزير الاقتصاد زيغمار غابرييل.
وما يهم ميركل في هذه المرحلة هي محاولة الحفاظ على التوازن بين سياستها المعلنة إزاء اللاجئين، خصوصا الهاربين من محن الحروب الأهلية، كما هو الحال في سوريا والعراق وربما أيضا أفغانستان، وبين إعطاء المواطنين شعورا بقوة دولة القانون وقدرتها على رد المتورطين في جرائم، كتلك التي ارتكبت في كولونيا ليلة رأس السنة. والهدف واضح ويتمثل في منع صعود اليمن المتطرف المستفيد الأول والأخير من تلك الأحداث.
ميركل تسعى للحفاظ على موقفها
ميركل لم تمس الخطوط العريضة لسياستها الخاصة باستقبال اللاجئين، لكنها تحدثت كثيرا عن تغيير واضح في قواعد التعامل مع المحكوم عليهم وقالت في مؤتمر صحافي "من المهم تعديل القانون حين لا يكون كافيا"، معتبرة أن في الأمر أيضا "مصلحة كبيرة للاجئين".
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القانون الألماني ينص حاليا على طرد طالب اللجوء إذا حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات على الأقل لكن شرط أن لا تكون حياته أو صحته مهددتين في بلده الأصلي. وربما سيجري التخلي عن هذه النصوص في حالات عديدة، كما يتوقع بعض المراقبين.
من جانب آخر، تحاول ميركل الحفاظ على موقفها من خلال التشديد على ضرورة الترحيل الفوري، أو السريع على الأقل، لكل الذين يتم رفض طلباتهم الخاصة بالحصول على اللجوء في ألمانيا. وهي قضية تساهم في تخفيف حدة التوتر الناجم من تدفق مئات الآلاف من اللاجئين إلى البلاد.
Köln Pegida
ميركل تسعى لمنع صعود اليمين المتطرف في الانتخابات القادمة. الصورة لمظاهرة اليمينيين في كولونيا
إذن تحاول المستشارة إنقاذ الموقف من خلال التشدد الواضح والكبير في التعامل مع من يخالف القانون الألماني. كما سيكون التشدد واضحا أيضا مع كل الذين لا يحترمون منظومة القيم السائدة في المجتمع الألماني.
بيد أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فرغم محاولة ميركل الحفاظ على موقفها المتوازن، تسعى قوى داخل معسكرها، وخصوصا في الحزب الشقيق لها، الاجتماعي المسيحي البافاري، الضغط عليها للقبول بفكرة تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم ألمانيا سنويا. وهو أمر يرفضه حليف ميركل في حكومتها، الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
فرصة لالتقاط الأنفاس
إعلان ماينتس يمنح ميركل فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوضاع ومتابعة التحولات الجارية على المزاج الشعبي بشأن اللاجئين. وإذا جاءت استطلاعات الرأي بنتائج لا تروق للحزب الديمقراطي المسيحي في الأشهر المقبلة قبل الانتخابات المحلية في بعض الولايات والتي ستعتبر مؤشرا قويا للانتخابات التشريعية الاتحادية المقررة في خريف عام 2017، فان الكثيرين يتوقعون غلق ألمانيا لأبوابها أمام اللاجئين ولو إلى حين.
وما يعطي هذا التوجه زخما هو موقف نائب المستشارة وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، زيغمار غابريل، الذي أدلى به أثناء زيارته لكوبا يوم أمس الجمعة و طالب فيها بضرورة تشديد القوانين بحق اللاجئين المتورطين بجرائم وتسهيل مهمة ترحيلهم. نبرة كلام غابريل لم تختلف كثيرا عن نبرة ميركل عندما تحدثت عن الموضوع نفسه.
في ذلك يقرأ البعض أن الحزبين الحاكمين في برلين يواجهان مشكلة واحدة تتمثل في النجاة في الانتخابات القادمة بأقل الخسائر ومنع اليمين المتطرف من الصيد في الماء العكر.

مختارات

ورقة وأوروبا تسأل اللاجئين: جئتم طلباً للأمن أم للجنس؟

ورقة وأوروبا تسأل اللاجئين: جئتم طلباً للأمن أم للجنس؟

عثروا مع طالب لجوء على ورقة دوّن فيها ترجمات لعبارات وكلمات ألمانية ومعانيها بالعربية، وكلها جنسية الطراز، في وقت صدرت دعوات عدة أمس الجمعة لمراقبة حدود دول الاتحاد الأوروبي بأساليب أفضل، بعد الخبر عن اغتصاب مراهقتين ألمانيتين. أنا سوري ضيف أنجيلا ميركل” أمس الجمعة، كما بعد ما حدث من تحرشات جنسية في مدينة كولونيا الألمانية ليلة رأس السنة الأخيرة، ومعها في فنلندا وسويسرا والنمسا والسويد أيضاً، حتى أصبحت أوروبا تتساءل عما إذا جاءها اللاجئون طلباً للأمن وفرص العمل أم لإشباع الرغبات الجنسية.
اتضح أن أكثر من 120 امرأة تعرضن لتحرشات واعتداءات جنسية متنوعة في كولونيا، وفق بيانات من شرطة المدينة التي تخلى قائدها، وولفغانغ ألبرس، بسببها أمس الجمعة عن منصبه “من أجل استعادة ثقة الشعب بالشرطة”، كما قال في بيان أصدره وأوردته الوكالات، إضافة إلى معلومات واردة بعدد السبت من صحيفة “التايمز” البريطانية، تؤكد تقديم 121 امرة لشكاوى من تعرضهن لاعتداءات جنسية وتحرشات، مع وقوع جريمتي اغتصاب بالكامل.
إيلكا كوسكيماكي، نائب قائد شرطة هلسنكي، تحدث عن نوع جديد من التحرش ظهر في احتفالات رأس السنة
إيلكا كوسكيماكي، نائب قائد شرطة هلسنكي، تحدث عن نوع جديد من التحرش ظهر في احتفالات رأس السنة
وليس المقصود في الإشارة إلى ما حدث اللاجئين السوريين بشكل خاص، ولا العرب أو المسلمين أيضاً، لأن التعاطي الإعلامي الأوروبي يقصد طالبي اللجوء بشكل عام، وهم إضافة إلى العرب من دول آسيوية أخرى، كما من إفريقيا، وهناك إمكانية أن تكون منظمات متطرفة أوروبية وراء القيام بتحرشات ضد فتيات أوروبيات كن وسط عدد كبير من اللاجئين المحتفلين كغيرهم بليلة رأس السنة الجديدة، لإلصاق التهم بهم تعمداً، وهو ما ستظهره التحقيقات.
“أنا معجب.. أريد أن أقبلك”
الورقة المدون عليها ترجمات جنسية، كتبت عنها ونشرت صورتها صحيفة Bild الألمانية، قائلة إن محققين عثروا عليها في مدينة كولونيا مع لاجئ كانوا يحققون بمدى علاقته بالتحرشات، والمدون عليها عبارات: “أنا معجب” وأيضا “أريد أن أقبلك” إضافة لما تحجم “العربية.نت” عن نشره، مما لا تخفى تكملته على القارئ الفطن، لذلك نشرت وسائل إعلام أوروبية عدة، تقارير فيها تساؤلات عن سبب وجود “عدد كبير جداً” من الذكور بين طالبي اللجوء، مع قلة من النساء المفترض أنهن يبحثن عن الأمن أكثر من الرجال، إلا أنهن أقل عدداً.
اسمها ميشيل وتعرضت لاعتداء في أشهر ساحة بكولونيا، حيث حدثت عشرات التحرشات بساعات
اسمها ميشيل وتعرضت لاعتداء في أشهر ساحة بكولونيا، حيث حدثت عشرات التحرشات بساعات
في هلسنكي، العاصمة الفنلندية، حدثت تحرشات جنسية “على نطاق واسع” ليلة رأس السنة، كذلك اعتقلت الشرطة في مدينة “كالمار” السويدية لاجئين بعد شكاوى تقدمت بها 15 امرأة تعرضن لتحرش جنسي، وفي النمسا تعهد وزير الداخلية، يوحنا ميكل – ليتنز، بأن الشرطة لن تتسامح مع من قاموا باعتداءات جنسية في مدينة “سالزبورغ”، حيث تقدم أكثر من 4 نساء بشكاوى أيضاً. أما في سويسرا، فورد عن شرطة مدينة زيوريخ أن 6 نساء أبلغن عن تعرضهن للسرقة والاعتداء الجنسي ليلة رأس السنة.
تحرشات “أكثر من المعتاد” في هلسنكي
أمس الجمعة صدر عن Ilkka Koskimaki نائب قائد شرطة العاصمة الفنلندية، هلسنكي، تقرير تضمن أن ارتفاعاً في التحرش الجنسي “أكثر من المعتاد” تمت ملاحظته أثناء احتفالات رأس السنة الأخيرة، حيث تطرق كوسكيماكي إلى أساليب مختلفة بدأت تظهر، بقوله: “لم يكن يحدث هذا النوع من التحرش باحتفالات رأس السنة عادة. هذه ظاهرة جديدة تماماً على هلسنكي”، في إشارة إلى أن النوع الجديد ربما يتعدى الغزل بالكلام، إلى ملامسة مناطق حساسة في الجسد، مروراً بالتقبيل عنوة، وانتهاء بالاغتصاب.
خارطة الاعتداءات الجنسية في عدد من العواصم والمدن الأوروبية، تناقلتها معظم وسائل الإعلام
خارطة الاعتداءات الجنسية في عدد من العواصم والمدن الأوروبية، تناقلتها معظم وسائل الإعلام
وكانت ساحة رئيسية بهلسنكي، احتشد فيها قرب محطة للقطارات 20 ألفا “بينهم 1000 لاجئ، معظمهم عراقيون” للاحتفال برأس السنة الأخيرة، بين ليلة الخميس والجمعة الماضيين، شهدت 3 اعتداءات جنسية على فنلنديات، في وقت أدانت فيه الحكومة الفنلندية التساهل مع دوريات تمت ملاحظتها في الأشهر الأخيرة، ينظمها متطوعون مرتبطون بجماعة “النازيون الجدد” في عدد من المدن والبلدات، زاعمين أنهم يقومون بها “لحماية السكان من مندسين مسلمين” واعتبر وزير الداخلية الفنلندي، بيتّري أوربو، أنها لا تحقق أمنا ولا حماية، بل مزيدا من التطرف.
“التحرشات دليل على صعوبة الاندماج”
ونزل الخميس فارس جديد إلى ساحة المعركة ضد التحرشات، هو رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو، الذي دعا إلى مؤتمر قمة لدول الاتحاد الأوروبي فقط لبحث ما حدث من عنف واعتداءات جنسية وسرقات في ليلة رأس السنة بعدد من المدن، خصوصاً في كولونيا الألمانية، مطلقاً فيما طالعته “العربية.نت” مما ورد في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة “براتيسلافا” تحذيراً قال فيه “إن القبول الطوعي للاجئين، قد يؤدي لتشكيل جماعة مسلمة موحدة في البلاد” في رد منه على قرار المفوضية الأوروبية الملزم إعادة توزيع 120 ألف لاجئ على دول الاتحاد، بحصة لسلوفاكيا تصل إلى 800 لاجئ، وهي التي استقبلت العام الماضي 169 بينهم 149 مسيحياً.
اعتبر فيكو أيضاً أن ما حدث من تحرشات وسرقات في كولونيا، دليل على “صعوبة اندماج طالبي اللجوء من مختلف الأديان بسهولة في المجتمع (..) التعددية الثقافية مجرد حلم. نحن سنحمي سلوفاكيا” فجاءه الرد ببيان أصدرته “جمعية الإسلام السلوفاكية” نفت فيه وجود صلة بين المسلمين والإرهاب وحوادث التحرش الجنسي، معتبرة أن “استغلالنا كجزء من حملة قبيل الانتخابات أمر نأسف له، ونخشى أن يعرّض المناخ الاجتماعي السائد حالياً سلامة عائلاتنا وأطفالنا للخطر”.

 

المشاركات الشائعة