Translate

الاثنين، 14 مارس 2011

ليبيا والرهانات الدولية...الثوار أم القذافي؟

ليبيا والرهانات الدولية...الثوار أم القذافي؟



شبكة النبأ: على عكس ما حدث في مصر وتونس من انتفاضات يبدو ان الأوضاع في ليبيا تختلف تماما من حيث التحول السياسي والأمني فقد أثارت المواجهات بين الثوار وانصار القذافي مخاوف الثوار الذين يصرون على مواصلة الثورة من تحول الانتفاضة إلى حرب أهلية قد تساعد القذافي على البقاء في السلطة وربما الانتصار. وبالتالي سيكون الانتقام اشد، إذا ما تمكن القذافي من الاحتفاظ بالسلطة فأن لديه المليارات المخبأة - رغم التجميد الدولي للأصول الليبية- لتمويل المعركة بشكل كبير. فإن ما يكنزه القذافي من أموال ضخمة، بما يكفيه لأن يدفع لقواته والمرتزقة الذين استأجرهم والبلغ عددهم نحو 4000 افريقي ويدفع للفرد 1000 دولار يوميا لقاء دفاعهم عنه فضلا عن تغذية انصاره السياسيين بشكل مريح.

أما قوى المعارضة التي شكلت المجلس الوطني الانتقالي فتواجه عراقيل كبيرة. ومن بين هذه العراقيل التناقض العلني بين قادة المجلس، فدعوة المعارضة إلى المساعدة الخارجية ساهمت في تعميق الانقسام بشأن التدخل الأجنبي في ليبيا.

وينقسم قادة المعارضة بشأن الإعلان الرسمي عن الحكومة المؤقتة، وهو ما يوضح المخاوف من أن ذلك قد يؤدي إلى شرذمة البلاد.

ويشكل إعادة تزويد الجبهة القتالية ضمن ما تسمى بالمساعدات اللوجستية تحديا آخر للثوار وكذلك لقيادتهم، كما أن معظم هؤلاء الثوار هم من الموظفين ورجال الشرطة والعاطلين عن العمل الذين لا يملكون من الخبرة سوى الحماس.

ويرى محللون سياسيون أن التدخل العسكري عبر فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لا يخدم سوى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. فالحظر الجوي لن يشمل المروحيات العسكرية الأشد فتكا، كما لن يعيق حركة الآليات العسكرية الثقيلة من قبيل المدفعية والدبابات، أضف إلى ذلك أن اقامة منطقة حظر جوي سيتطلب وقتا، وقد لا تصبح جاهزة إلا في منتصف نيسان، أي عندما سيكون الوضع الميداني قد تغير.

إن قوة المعارضة الليبية في قضيتها وفي المفارقة الناجمة عن استخدام القوة المفرط الذي يضعف القذافي. لكن مراقبون قالوا أن السلام لن يحل بليبيا، ما دام القذافي يبسط سلطته على سمائها. ولذا على الغرب أن يفرض منطقة حظر جوي علي ليبيا على وجه السرعة.

ويعتقد خبراء أن الوضع سيبقى غامضا مع حدوث تقدم للقوات الحكومية في راس لانوف وسط قصف جوي وبحري وبري مكثف واسترجاعها بعض المواقع، رغم استمرار مقاومة الثوار، الذين قالوا إن قوات القذافي ارتكبت مجازر فظيعة في الزاوية.

هذا الكر والفر دفع جيمس كلابر رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية إلى القول إن القذافي يراهن على الوقت، فالزاوية القريبة من طرابلس بدت هامة جدا في صراعه للحفاظ على سلطته.

ويرى مراقبون إنه لا جدوى من البحث في تفكير ودوافع شخص مثل القذافي الذي فقد مناطق واسعة من ليبيا، لكن هجومه المضاد يتركز على الحفاظ على مدينتين إستراتيجيتين وهما سرت والعاصمة طرابلس، وخسارة الزاوية تمنع الثوار من تهديد طرابلس سواء بالزحف عليها أو مساعدة سكانها على الثورة على نظام القذافي.

يقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس جون كيري إن الوضع في ليبيا مستوحى مما جرى في تونس ومصر، لكن النموذج يبقى قائما، وهو وجود مدنيين بدون سلاح يواجهون جيشا مدججا بالسلاح والطائرات، ويعتمدون على المجتمع الدولي لحمايتهم.

فقي حين يرى خبراء، يجب اتخاذ خطوات ملموسة لفرض منطقة حظر جوي إذا بدأ القذافي استخدام طائراته لقتل المدنيين بأعداد كبيرة.

حيث هناك اشارات مشجعة في هذا الاتجاه، وتتمثل في دعوة دول مجلس التعاون الخليجي مجلس الأمن لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، كما أن الجامعة العربية قد تسير في هذا الاتجاه في اجتماعها بالقاهرة السبت، ودعا الدول الإسلامية إلى دعم التحرك لوقف العنف المتزايد.

أن المزاج العام في الشارع الليبي بدأ يتغير، فبينما كان يعتقد في الأيام الأولى من الثورة بأن سقوط القذافي سيكون خلال أيام، فإن الشكوك بذلك باتت هي السائدة. وإن الآثار المترتبة على تلك الشكوك تنطوي على ثلاثة أمور:

- تضاؤل فرص المزيد من الانشقاق عن النظام الليبي.

- التقسيم المحتمل لليبيا إلى ثلاث مجموعات، وهي الموالون للقذافي، والثوار والوصوليون الذين يركبون الموجة.

- خفوت حماس الدعوات للحظر الجوي.

وأما القذافي وأعوانه فإنه لم تتح لهم تلك الخيارات، وأن أمامهم خيارين اثنين، إما الاستسلام للعدالة الدولية أو القتال في طرابلس، ويبدو واضحا أنهم غير راغبين بالاستسلام، مما يعني أن ليبيا مقبلة على حرب أهلية تبقى مستمرة حتى ينتصر أحد الطرفين المتنازعين.

والقذافي أيضا لا يمكنه التفكير الآن في التنحي سلميا دون أن يضمن عدم ملاحقه المحكمة الجنائية الدولية، ذلك أن ميثاق المحكمة لا يسمح لمجلس الأمن الدولي سحب الطلب بعد تفعيله، ولكن يجوز للمجلس تأجيل التحقيق والمقاضاة لعام واحد.

وإذا أرادت إدارة أوباما تصويب اعوجاج سياستها بحق الشعب الليبي أمام التاريخ، فعليها أن تقوم فورا بتصحيح أخطائها، وإذا كانت واشنطن عاجزة عن استثناء الثورة الشعبية الليبية من حظر بيع السلاح، فعليها إيجاد أشكال أخرى من المساعدة، مثل تقديمها المساعدات الإنسانية وفرض حظر طيران فوق ليبيا وتقديم الدعم الاستخباري للثوار الليبيين.

وأما إذا أرادت واشنطن من القذافي أن يتنحى عن السلطة سلميا، فعليها البحث عن خيارات في مجلس الأمن يكون من شأنها التمحيص في ثنايا ميثاق المحكمة الجنائية الدولية لإيجاد مخرج مناسب.

يرى مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق بول وولفويتز أن للولايات المتحدة مصالح إستراتيجية وأخلاقية في دعم المعارضة الليبية كي تقاتل العقيد الليبي معمر القذافي وتسقطه بنفسها، وتمنعه وأبناءه من إعادة بسط سلطتهم المرعبة.

حيث هناك عما عمى أخلاقي يكمن وراء عدم التحرك لمنع القذافي من استخدام دباباته ومرتزقته. لكنه استدرك يقول إن هناك قصر نظر وراء التدخل باندفاع غير محسوب مما قد يعرض حياة الأميركيين للخطر، وعليه ينبغي الإجابة على أسئلة هامة قبل اتخاذ أي خطوة.

ويعتقد خبراء أن هناك خطوات أساسية حتى يمكن لأميركا الإسراع في إرغام القذافي على التنحي ووقف قتل المدنيين في ليبيا، وهي:

- الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي حكومة في ليبيا.

- تقديم المساعدة للسلطات الجديدة.

- دعم جهود فرض منطقة حظر جوي. إن أقرب احتمال إذا نجح القذافي في البقاء هو أن ليبيا ستعاني عزلة شاملة طويلة، مع تجميد الأموال وحظر السلاح والملاحقة الجنائية، كما أنها ستكون هزيمة قاسية للولايات المتحدة في عيون العرب والعالم.

ويرى محللون سياسيون وجوب مساعدة من يريدون القتال بأنفسهم قبل إرسال الجنود الأميركيين للقتال من أجلهم. فإذا اعترفت الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الانتقالي، فكيف نقدم له المساعدة؟ ومن يجب أن نساعد وكيف؟ وهل يمكننا التحكم في حجم المساعدات؟

إن الإجابة على السؤال الأول لن تتوفر إلا بعد بناء قنوات اتصال مع السلطات الجديدة، كما أن تقديم المساعدات لن يكون مشكلة، فهو سيتم إما عبر الموانئ الشرقية أو الحدود المصرية.

أن الدبلوماسية مع قادة المعارضة الليبية ربما لا تكون الخيار الأسرع والدراماتيكي، ولكنها تبقى أفضل خيار يفضي إلى نتائج دائمة.

وتبدي الحكومات الغربية قلقا من عواقب أي تدخل جديد في دولة إسلامية، فشلت المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي في تسلم زمام الأمور، وأبقت الدول الصاعدة مثل الصين رأسها في الرمال.

ويرى محللون سياسيون بأن التدخل المتزايد ربما يرجح الكفة لصالح الثوار، ولكنه -إذا ما أسيء استخدامه- قد يعزز العقيد معمر القذافي ويستعدي الرأي العام الإسلامي ويقوض مصداقية الثورة، إذاً ما العمل؟

ان خيار منطقة الحظر الجوي كأحد الخيارات العسكرية المطروحة وإن مثل هذه المنطقة ربما تغطي جميع البلاد أو المدن الساحلية الرئيسية فقط أو الممرات الافتراضية لنقل الإمدادات الإغاثية.

فبينما تدفع بريطانيا وفرنسا والجامعة العربية في هذا الاتجاه، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها بالناتو يبدون أكثر حذرا، لا سيما وأن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قال إن ذلك يتطلب ضربة عسكرية، وهذا سيكون بمثابة إعلان حرب.

ويرى خبراء أن هذا الخيار يبقى صعبا وخطيرا، وقد لا يكون أفضل من الخطط التي تم تطبيقها في البوسنة والعراق.

وتعليقا على الأصوات الأميركية –معظمهم من الجمهوريين- التي تدعو إلى التدخل العسكري في ليبيا، هناك عدة أسئلة، منها:

- إذا كان العالم سيكون في أفضل حال بدون القذافي، فهل هذا يصب في مصلحة أميركا؟ وإذا كان كذلك، منذ متى أصبح ذلك؟ قبل شهر، لم يفكر أحد بذلك.

- وما هو مقدار عنف القذافي الذي يأتي من الجو؟ وإذا ما تم منع الطيران من التحليق، فهل هذا سيحسم المعركة؟

- هل هناك استعداد لمأساة الرهائن إذا ما تمكنت ليبيا بما تملكه من صورايخ روسية الصنع من إسقاط طيارين أميركيين أو غربيين وأخذهم رهائن؟

- وهل من الحكمة أن تشارك القوات الأميركية في ثلاث دول إسلامية في آن واحد؟

ويرى خبراء عسكريون ان الدبلوماسية مع ثوار ليبيا تعتبر الخيار الأسهل والأفضل، وتتضمن الجهود الدولية المنسقة للحوار مع قادة المعارضة، وبناء صلات شخصية وسياسية مع المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي، وتقديم المشورة بشأن التنظيم والتوعية مع اتساع نطاق المناطق التي يسيطر عليها الثوار.

كما يشتمل هذا الخيار على البحث عن خارطة طريق لمرحلة ما بعد القذافي والمستقبل الديمقراطي.

وإن خيار القوة الناعمة ينطوي أيضا على تعجيل عمليات المساعدات الإغاثية وتطوير خطط لتقديم المساعدة التنموية على المدى الطويل

ومن الخطوات التي يمكن للولايات المتحدة وحلفائها القيام بها البحث عن سبل لمشاركة الثوار في المعلومات الاستخبارية، والقيام بالتشويش على اتصالات النظام الليبي دون إطلاق رصاصة واحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/آذار/2011 - 8/ربيع الثاني/1432

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة