Translate

الأحد، 27 فبراير 2011

المنظورالأخلاقي لمقاومة الفساد

المنظورالأخلاقي لمقاومة الفساد

بقلم : سامية زواغة



يعد الفساد اليوم من أوحش الآفات التي تشهدها كل

المجتمعات الإنسانية على مدى التاريخ لأنها مرتبطة بنزوع بشري غير

مشروع في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية ليست من حق

الإنسان رغم إصراره عليه. ومع استنطاق الدلالة اللغوية لمفردة الفساد يتضح لنا

معنى البطلان فنتفق منذ البداية أن الفساد عموما هو

إساءة استعمال النفوذ أو الوظيفة العامة للكسب الخاص والمصلحة

الفردية وهو من القضايا التي تنخر اليوم كافة المجتمعات الغنية والفقيرة، المتعلمة والأمية،

القوية والضعيفة., وتصيب أجهزتها بالشلل وتحول بينها وبين النمو بكل

أشكاله, سواء كان اقتصادياً أو سياسياً واجتماعيا أو إدارياً.. مما يؤدي إلى الضرر بمقدرات البلدان

وتطورهاالاقتصادي والاجتماعي،والنيل من القيم الأخلاقية والعدالة الاجتماعية .

ولمعرفة الأسباب التي تقف وراء

تفشي هذه الظواهر أرى انه من الضرورة بمكان العودة في وقفة

تأملية لتاريخ معنى المسؤولية و الأمانة لارتباط هذه المفاهيم

الوثيق بالفعل الإنساني في بناء المجتمعات لنتبين ثقل هذه

المعاني وخطورة غيابها في الفعل

البشري وندرة من يستحقون الاتصاف بها لنعرف عندها السبب الذي جعل السماوات والأرض والجبال

قديما يأبين أن يحملن هذه الأمانة ويشفقن منها، وهن الأكبر والأشد

والأقوى من الإنسان.ولنعرف عندها أيضا أن السبب في ضعف مجتمعاتنا وتخلفها وانهزامها وسقوط أنظمتها

الواحد تلو الأخر هو غياب الأمانة، وأن الأزمة الأكبر التي تعاني منها

أجهزتنا ومؤسساتنا وإداراتنا هي أزمة أمانة أيضا .

لنصل إلى انه في غياب

الأمانة يصل المرتشون والمنافقون إلى مواقع المسؤولية في المجتمع وفي غياب الأمانة يتنكر

المسؤولون لمعنى المسؤولية التي يحملونها، ويصبح إهمال الآباء والأمهات لتربية

أبنائهم على القيم والفضائل ظاهرة واضحة في مجتمعاتنا ويصير الإهمال شائعاً

بين موظفينا وعمالنا والتقصير والجهل غالباً على طلابنا

والخيانة و الغش منتشرا في ديارنا و الجرائم والمخدرات آليات

أبنائنا وبناتنا في التعبير والتعامل .

فلا نعجب حينها من عدم قبول مختلف

الكائنات للأمانة التي كلف بها الله كائناته بعد فهم درجة صعوبة

هذه المهمة فالأمانة والمسؤولية من المفاهيم المترابطة في واقع الممارسة الفعلية حيث يعتبران

عماداً وأساس كل نجاح وتقدم شريطة أن يتقيد كل صاحب

مسؤولية بإتباع مصالح المجموعة وبالأحكام والأنظمة الضابطة له

ونستنج بالتالي أن المسؤولية يسبقها التزام ، أو تكليف ، واعتماد على سلطة أو

صلاحيات ممنوحة وان المسؤولية ثانيا مهمة صعبة وغالية لأنها تسعى بالدرجة الأولى

إلى خدمة الوطن والمواطن وحل مشاكله ورفع الظلم عنه ومشاركة الجميع في تحقيق

النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واحترام المؤهلات العلمية وإفساح

المجال لها لتسهم في بناء الوطن وهذا ما غاب بالأساس عن حكامنا وأنظمتنا حتى

سقطوا في كابوس الطغيان والغطرسة سواء بالمال المكتنز في قصورهم وخزاناتهم وأرصدتهم

أو عن طريق الأمن البوليسي المجرم .

وتعود أسباب تفشي ظاهرة الفساد أساسا إلى

تراجع القيم وتردي الأخلاق وهيمنة الفكر المادي والفلسفات

النفعية الداعية إلى غلبة الفرد والمصلحة الذاتية ومستلزمات

الترف والرفاهية كل ذلك من مشهيات ومحفزات تعاطي الفساد

مع ضعف الوازع الديني والأخلاقي لأفراد المجتمع وللحكام عموما و ضعف الأجهزة الرقابية في القيام بدورها الرقابي على

الوجه المطلوب إضافة إلى القصور الإعلامي في توعية المجتمع بخطورة تفشي ظاهرة

الفساد السياسي والفساد المالي و الإداري بين أفراده، وعدم الشفافية في

نقل المعلومات الصحيحة للمجتمع و المحاباة لمرتكبي الفساد وعدم تطبيق الإجراءات الجزائية الحازمة ضدهم

وضعف العلاقة بين المواطن والجهات الرقابية لتلقي البلاغات المتعلقة بحالات

الفساد .

ومن ناحية أخرى يعد الاهتمام بظاهرة

الفساد المريب المستشري في مختلف المجالات

وعلى جميع المستويات مراجعة لهذه المسؤوليات التي تحدثنا عنها ولسلوكيات

أصحابها ومكافحة للآثار السيئة المترتبة عن هذه الظاهرة، بحيث

أصبحت تشكل معول هدم للقيم الأخلاقية وللنسيج الاجتماعي لكثير

من المجتمعات، ومعوقاً رئيساً للتنمية الاقتصادية والبشرية، ومزعزعاً لثقة الشعوب في أداء

مؤسساتها الحكومية، وفي مشاريعها الإصلاحية، ومؤدياً إلى انتهاك سيادة القانون،

وزيادة ممارسات الرشوة والتزوير والاختلاس والواسطة والمحسوبية، وإهدار المال

العام والتلاعب به .

وهانحن اليوم بفضل هذه الثورة المباركة نخلع الرداء عن كل

هذه المعاملات والسلوكيات الفاسدة لنقدم درسا لحكومتنا في المستقبل و للعالم كله عن

مخاطر سقوط الأنظمة في مثل هذه المسارات ولنؤكد لهم آنفا أن خيانة الأمانات سترصدهم هم

بالبداية قبل غيرهم عملا بالمثل الذي يقول أن من حفر جبا لأخيه اليوم سيقع فيه هو

غدا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة