Translate

الأربعاء، 20 يوليو 2016

جنا رافع واثناء انتظار قرار لم الشمل: تَعلمتْ اللغة قبل أن تأتي الى السويد

الكومبس – خاص: حين تقدمت إلى اختبار اللغة السويدية بعد ثلاث أسابيع من وصولها إلى السويد، عن طريق لم شملها مع أهلها، تفاجئ مدرسو الشابة جنا رافع بمستواها المتقدم في اللغة الذي جعلها تتخطى مرحلتين دراسيتين في آن واحد، يقضي كثيرون فترة طويلة لتخطيهما.
الكومبس أرادات التعرف عن قرب أكثر على جنا، ومعرفة ما لذي فعلته، حتى تمكنت من تحقيق ذلك، وهي التي لم تسعفها ظروف الحرب في بلدها سوريا، من اتمام دراستها الجامعية التي كانت تطمح اليها في كلية الهندسة المعمارية بعد حصولها على مجموع من العلامات العالية في شهادة الثانوية العامة، لتضطر هي وأسرتها إلى ترك بلدها مع ركب اللاجئين، والذهاب إلى الأردن التي عاشت فيه قرابة لثلاث أعوام.
 تقول جنا: “طوال الفترة الماضية قبل وصولي إلى السويد منذ أقل من شهر من الآن عشت في الأردن، وحيدة وغريبة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، حيث لا أهل ولا أقارب ولا أصدقاء، وبدأت أشعر أن حياتي ومستقبلي توقفتا عند هذا الحد، وكان عليّ أن أنتظر صدور قرار دائرة الهجرة السويدية بالموافقة على لم شملي على والدتي المقيمة في السويد، انتظار طال أمده إلى حد لا يحتمل ليزيد من ألم وقسوة الغربة، التي كنت أعانيها في غرفة قاتمة في القبو الذي كنت أقيم به”.
هناك تعتبر جنا، أن الانترنيت كان نافذتها الوحيدة على هذا العالم، وهو البديل الوحيد للعلاقات مع البشر والتواصل مع الثقافة والعلم تضيف: “كان عليّ أن أتخذ القرار لصنع شيء من لا شيء، وهذا ما حصل معي فعلاً، إذ قررت أن أتعلم اللغة السويدية، ولأجل ذلك بحثت عبر الشبكة العنكبوتية عن كيفية تعلم اللغة دون معلم، لأجد مواقع عديدة متخصصة”.
وتوضح أنها أصبحت تبحث وتقرأ أكثر وأكثر، لتتعمق في اللغة لدرجة أنها تابعت مسلسلات وأغاني وأفلام باللغة السويدية، ثم انضمت بعد ذلك إلى مجموعات شبابية سويدية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت تتناقش معهم في أمور اللغة وتأخذ استشارتهم ونصائحهم في القواعد والصرف، وتصف تعاملهم معها باللطيف جداً ومنهم من أهداها كتباً الكترونية، لتنغمس بشغف في قراءة الكتب والقصص السويدية.
IMG-20140506-WA0009
في المطار تحدثت مع السويديين بلغتهم 
بعد أكثر من عامين ونصف من هذه المرحلة التي مرت على حياة جنا، حصلت الفتاة السورية على حق الاقامة الدائمة في السويد، عن طريق السفارة السويدية في عمان. وتقول في هذا الإطار إنها شعرت بسعادة كبيرة، عندما تمكنت، لحظة أن وطأت أقدامها أرض المطار، مخاطبة الناس بلغتهم.
تقدمت جنا إلى مدرسة تعلم اللغة، وأجرت اختبارات مع مدرسين مختصين، لتتخطى على الفور المرحلة التمهيدية (SFI) ثم المرحلة المتقدمة (SAS) وتنتقل مباشرة إلى المرحلة الأعلى الأمر الذي أثار دهشة وإعجاب المدرسين هناك.
 تقول: لقد كنت أقرأ الدهشة والاعجاب على وجه الجميع في كل مكان أذهب اليه، حيث كنت أتحدث بطلاقة وبدون مترجم أو أي مساعدة، وهو ما جعلني أشعر باهتمام من قبل الموظفين في مكتب العمل، الذين عاملوني بخصوصية” على حد قولها.
 وتتابع أنه من المثير أن تتجاوز بنجاح في امتحان واحد كل المراحل الدراسية التي يقضيها القادم الجديد الى السويد، والتي تستغرق من وقته سنوات عدة وجهد كبير.
في غرفة مظلمة بالأردن
تعتبر جنا أن ما استطاعت تحقيقه، جراء جهدها وتصميمها على الدراسة في غرفة مظلمة في الأردن، سيفتح لها أبواباً كثيرة، وهي الآن تقف على بعد خطوة قصيرة، من باب الدخول إلى الجامعة، ودراسة الهندسة التي حلمت بدراستها.
وتختم حديثها معنا بالتأكيد على أن اللغة هي جسر التواصل مع الاخرين، ومفتاح الحياة في بلد ومجتمع جديدين، وهذا ما سبب لها الشعور بالرضا والطمأنينة، قائلةً: لا أشعر بأن هناك شيئاً غريبا عليّ أو صعب التعامل معه، واليوم أتطلع لاثبات وجودي ونجاحي أكثر فأكثر في هذا المجتمع، وكلي طموح ورغبة بأن أكون شخصاً فاعلاً ومؤثراً، كحال الكثيرين من الشبان الذين حملوا آمالهم معهم الى بلادٍ جديدة ليعكسوا عبرها صورة منيرة عن بلادهم.
هاني نصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة