Translate

الأربعاء، 20 يوليو 2016


هل تقلب عملية فورتسبورغ سياسة ميركل في اللجوء رأسا على عقب؟

شهدت مدينة فورتسبورغ الألمانية عملية إرهابية تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" ونفذها طالب لجوء أفغاني. فهل تقلب هذه العملية موازين سياسة ميركل في موضوع اللجوء رأسا على عقب؟ وهل يستغلها اليمين المتطرف لتحقيق مكاسب جديدة؟
Flüchtlinge Deutschland Plakat Angela Merkel Bayern München Bahnhof
الإرهاب الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية" وصل إلى ألمانيا أيضا، على الأقل كما يزعم هذا التنظيم. شاب أفغاني لم يتجاوز عمره الـ17 عاما - قدم إلى ألمانيا كلاجئ، حيث احتضنته عائلة ألمانية لأنه قاصر ووحيد - يعتدي خلال ليلة الثلاثاء (19 يوليو/تموز 2016) بفأس وسكين على مسافرين في أحد القطارات كانوا في طريقهم إلى مدينة فورتسبورغ جنوبي ألمانيا، مخلفا خمسة جرحى، إصابة أغلبهم خطيرة.
تنظيم "الدولة الإسلامية" سرعان ما تبنى العملية، حيث إنه بث شريط فيديو عبر وكالة "أعماق" معتبرا أنه لمنفذ العملية، حيث ظهر شاب وهو يتحدث بلغة الباشتون وفي يده سكين ويقدم نفسه على أنه "أحد جنود الخلافة"، معلنا أنه سيقوم "بعملية استشهادية في ألمانيا"، وفق الترجمة العربية للشريط.
ما هي تداعيات عملية فورتسبورغ
وإن لم تبلغ حصيلة هذا الاعتداء الإرهابي ما شهدته من قبل باريس ونيس واسطنبول وأنقرة وبروكسل وتونس وأورلاندو من أعمال إرهابية دموية، إلا أن تداعياتها على ألمانيا ستكون كبيرة، كما يرى المحلل السياسي الألماني يوخن هيبلر، الذي يتوقع أن يساهم في انتشار شعور معاداة اللاجئين والكراهية للإسلام.
ويقول في حديث لـDWعربية: "معاداة اللاجئين وكراهية الإسلام أمران مختلفان: فقد وصل العام الماضي أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا. الأمر الآخر يتعلق بكراهية الإسلام وبالتالي معاداة أشخاص ينتمون إلى هذا الدين ويعيشون في ألمانيا منذ عشرين أو ثلاثين أو حتى أربعين عاما. عملية الاعتداء التي قام بها الشاب الأفغاني ذو 17 عاما وكذلك أحداث التحرش التي عاشتها مدينة كولونيا مطلع العام الجاري من شأنهما أن يساهما في انتشار هاتين الظاهرتين."
Bayern Attacke in Regionalzug bei Würzburg-Heidingsfeld Blutfleck
بعد عملية نفذها طالب لجوء أفغاني :خمسة جرحى، أربعة منهم في حالة خطيرة
في الواقع أصبح العديد من الألمان ينظرون نظرة الريبة إلى اللاجئين، فقد كشف استطلاع حديث للرأي، أجراه مركز بيو الأمريكي للأبحاث ونُشرت نتائجه الأسبوع الماضي (12 من يوليو/تموز 2016)، أن نسبة 61 بالمائة من الألمان الذين شاركوا في الاستطلاع يعتقدون أن"اللاجئين سيزيدون من احتمالية وقوع عمليات إرهابية في بلادهم".
هل يستغل اليمين الشعبوي الحادثة؟
وصل أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا خلال العام الماضي، معظمهم من السوريين الفارين من الحرب والاضطهاد. عدد مهم من الأفغان أيضا كانوا من بين الوافدين الجدد. حتى الآن، لم تستهدف الهجمات الجهادية ألمانيا، باستثناء عملية طعن في شباط/فبراير ضد شرطي نفذتها فتاة من أصل مغربي تبلغ من العمر 15 عاما، في محطة هانوفر للقطارات. وقد أظهر التحقيق وجود دافع جهادي لدى الفتاة، التي سعت قبل فترة وجيزة للسفر إلى سوريا عبر تركيا من أجل الانضمام إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".
بيد أن الخوف من العمليات الإرهابية هو أكثر ما يثير قلق الألمان، وفق ما كشفت دراسة حديثة لشركة "R+V" الألمانية للتأمينات. ووفقا للدراسة ذاتها، فإن 73 بالمائة من الألمان لهم الشعور بأنهم مهددون من الإرهاب.
Deutschland Flüchtlinge in Passau
أكثر من مليون لاجئ قدموا إلى ألمانيا خلال عام واحد. عملية فورتسبورغ قد تلهب النقاشات حول سياسة ميركل "السخية" في اللجوء
هذه المخاوف يمكن أن تساهم في صعود أكبر الأحزاب اليمينية، كما يرى يوخن هيبلر، الذي يُدرّس العلوم السياسية في جامعة دوزبورغ-إيسن الألمانية. ويقول في تصريح لـDWعربية: "لقد عشنا خلال الصيف الماضي حتى مطلع الخريف موجة كبيرة من التضامن والدعم وأنشطة انسانية من قبل العديد من الألمان للاجئين. ومنذ أواخر الخريف الماضي وخاصة منذ رأس السنة الميلادية لاحظنا في استطلاعات الرأي ارتفاعا كبيرا لشعبية حزب البديل من أجل ألمانيا ولحركات شعبوية أخرى. وعلى الرغم من أن حزب البديل من أجل ألمانيا (اليميني الشعبوي) يعاني من أزمة داخلية مستمرة، إلا أن مثل هذه الأحداث قد تساعد على التغطية على مشاكل الحزب أو الخروج منها."
"نحن هربنا من الإرهاب نفسه"
ويشير هيبلر إلى أن العملية الإرهابية التي ارتكبها طالب اللجوء الأفغاني قد تعيد الجدل في ألمانيا حول سياسة الانفتاح للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تجاه اللاجئين. وقد يلعب حزب "البديل من أجل ألمانيا" هذه الورقة لحسابه، خاصة وأن موعد الانتخابات البرلمانية العامة في ألمانيا غير بعيد، حيث من المقرر تنظيمها في سبتمبر/أيلول من العام القادم. ويقول هيبلر "في البداية ارتكزت سياسة هذا الحزب على مناهضة اليورو كعملة أوروبية موحدة وهو لم يثمر ذلك. ثم بدأ شيئا فشيئا يركب على تيار معاداة الأجانب واليمينية الشعوبية. وفي سوق المخاوف والقلق أصبحت معاداة الإسلام وكراهية الأجانب حاليا صيحة من صيحات الموضة"
ويذكر أن حزب البديل من أجل المانيا الشعبوي، المعروف بمواقفه المناهضة للإسلام، كان قد حقق خرقا في انتخابات محلية جرت في مارس/آذار الماضي. فهل يستغل هذا الحزب هذه الورقة لبث القلق في قلوب الألمان ويكسب أصواتهم للدخول إلى البرلمان الألماني؟
على أية حال، العمل الذي قام به طالب اللجوء الأفغاني حتى الآن عمل فردي ولا يمثل اللاجئين، على حد تعبير زرغاز هارو، وهو أيضا طالب لجوء من أفغانستان، ويضيف قائلا لDWعربية: "يتعين على الألمان أن يعرفوا أيضا أن مثل هذا العنف هو الذي أجبرنا على الفرار من بلادنا."

مختارات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة