Translate

الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

عثمانيو الأمس واليوم .. هل ستتكرر مذابح الأرمن ؟

 من يقف وراء مجازر جديدة في ارياف العاصمة السورية دمشق؟
 قمة طهران لدول حركة عدم الإنحياز بين الأزمات والمبادرات
 لماذا سيحاكم سيف الإسلام القذافي في الزنتان وليس في طرابلس؟
 موفق محادين ل "صوت روسيا": دعم "التكفيريين" في سوريا سينعكس بشكل خطير على الأردن
 من يقف وراء الإعتداءات على الأضرحة الدينية في ليبيا؟

عثمانيو الأمس واليوم .. هل ستتكرر مذابح الأرمن ؟

 
27.08.2012, 16:15
طباعةإرسل المادة إلى صديقكضف إلى البلوك
геноцид армяне геноцид истребление армения турция
© EPA

وجه ما يسمى بالمجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية تهديدا صريح اللهجة للأرمن السوريين بسبب ما وصفه بوقوفهم إلى صف النظام السوري. تهديد ودون أي شك حمل توقيع حكومة العثمانيين الجدد لما في ذلك من خلط لأوراق الداخل والخارج التركي وتكريس مفهوم الصراع الطائفي والمذهبي في سورية

بقلم إلياس مارديني

القضية الأرمنية في المعادلة السورية
عام 1915 أقدم العثمانيون على مذابح بحق الأرمن والسريا­­ن والكلدان والآشوريين واليونانيين راح ضحيتها حوالي مليونين ونصف المليون شخص كما تم تهجير الملايين منهم قسرا عن أرضهم وذلك ضمن سياق استراتيجيات كانت تطبق خلال وبعد الحرب العالمية الأولى التي أنهت وجود الإمبراطورية العثمانية فيما بعد، واليوم بعد سبعة وتسعين سنة على تلك الجريمة أعطت الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان وأيديولوجية وزير خارجيته أحمد داؤود أوغلو الضوء الأخضر لتكرار تلك الجرائم في سورية التي تشهد أرضها حربا بالوكالة بين قوى إقليمية وصرعات دولية من شأنها رسم ملامح السياسة الدولية في القرن الواحد والعشرين.
ما يسمى بالمجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية وجه تهديدا واضحا وصريحا لـ "الطائفة الأرمنية" في سورية بسبب ما وصفه وقوفها إلى جانب النظام السوري عسكريا في كل من حلب واللاذقية ونصب الحواجز العسكرية المسلحة في الطرق العامة وإيواء "الشبيحة" في منازلهم إضافة للسماح لـ "العصابات الأسدية" باستخدام منازلهم كمستودعات للأسلحة وغير ذلك. لكن سؤال بديهي يطرح نفسه بنفسه، هل كان من الممكن أن يوجه المعارضون المسلحون للنظام السوري مثل هذا التهديد للمكون الأرمني في البنيان السوري دون إذن من حكومة العدالة والتنمية في تركيا أو إيعاذ مباشر منها ؟ يصعب الإجابة بلا، فتركيا هي الحاضنة للعمل المسلح على الأراضي السورية وهي قاعدة الدعم اللوجستي والإستخباراتي للمسلحين الذي يتحركون على أرض الشام.
ليس بالجديد أن تقدم جماعات متشددة من المعارضة المدعومة من بعض الأطراف الإقليمية والدولية على جر سورية إلى مضمار الاحتقان الطائفي والعرقي والديني، فهذه الورقة تعتبر الرابحة ضمن مشروع تدمير الدولة السورية التي تتكون بالأساس من خليط قومي ومذهبي وطائفي وإثني فريد من نوعه، ولو عدنا قليلا إن الوراء لوجدنا أن جل المذابح والجرائم وعمليات القتل التي ارتكبت خلال الأزمة السورية تحمل بعدا طائفيا وهو ما أثبتته بعض وسائل الإعلام الغربية بالصوت والصورة، كما أن التحريض الطائفي الخليجي إعلاميا وماليا مستمر لا سيما سعوديا وقطريا، وفي هذا السياق أيضا يصب تكفير رئيس الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد مؤخرا للمسيحيين وكذلك فتاوى تحرم بيعهم الخبز في مناطق عدة، وعليه فإن ورقة الأقليات كما يسميها البعض، شخصيا أفضل مصطلح مكونات، باتت محورية في الصراع على سورية، لذا فإن تهديد الأرمن ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة.

البعد الإقليمي والدولي لورقة الأرمن السوريين
إن الصراع الأرمني التركي ليس وليد الأزمة السورية بل هو متجذر في فكر الطرفين لما في ذلك من بعد قومي وديني وحتى جيواستراتيجي في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ليس آخر ملامحه الصراع بين الدولة الأرمينية وجارتها أذربيجان المدعومة من قبل تركيا وإسرائيل على إقليم ناغورني قره باخ المستمر حتى هذه اللحظة.
إن دخول الحكومة التركية على خط الأزمة السورية بشكل مباشر لدرجة أنها باتت طرفا في الصراع، طرح بقوة على طاولة اللعب الإقليمية أوراقا مفصلية كالورقة الكردية والورقة العلوية وهما في يد الدولة السورية على الأقل في المرحلة الراهنة، وعليه أقدم العثمانيون الجدد على لعب الورقة الأرمنية بغية تحقيق أهداف في الداخل السوري لجهة تكريس مفهوم الصراع القومي والمذهبي والطائفي، وكذلك خارج الحدود السورية لجهة تحقيق مكاسب إقليمية ودولية من ضمنها تبييض صفحة الإبادة الجماعية بتهجير الأرمن قسريا من سورية والحبل على الجرار كما حدث سابقا، لا سيما وأنمنظمة "أسالا" أو الجيش السري الأرمني عادت إلى الظهور بعد غياب طويل، ودخلت على خط الأزمة السورية محذرة الحكومة التركية من التدخل في سوريا وتعريض أمن المجتمع الأرمني هناك للخطر، ولما في ذلك من خلط جديد للأوراق في معادلات المنطقة وترتيبات الداخل التركي الذي بدأ مجتمعه يمتعض من سياسات حكومة العدالة والتنمية.
إن للورقة الأرمنية بعد دولي أيضا ليس بصغير، فقضية الإعتراف بمجازر العثمانيين بحق الشعب الأرمني وغيرهم من سكان المنطقة لازالت تشكل عائقا في الكثير من تحركات تركيا على الساحة الدولية، كان آخرها الاحتقان بين أنقرة وباريس الذي وصل مرحلة إستدعاء السفراء، وكذلك التوتر بين الحليفين التركي والأمريكي للسبب ذاته، هؤلاء اجتمعوا على ضرورة إسقاط النظام السوري وربما تدمير الدولة السورية، لكن بروز الورقة الأرمنية في سياق تحرك المتشددين والجهاديين على أرض الشام سيترتب عليها تحركات للجالية الأرمنية ذي النفوذ الذي لا يستهان به في العواصم الغربية، وهو أمر ربما قد يدفع الساسة ذو الرؤوس الحامية إلى إعادة حساباتهم تجاه ما تشهده سورية من تطورات بدأت تعيد إلى الذاكرة تهجير مسيحيي العراق إبان الغزو الأمريكي لهذا البلد وإن كان في هذه السياسات بعض الأهداف التي تتوق لها مراكز صنع القرار الأطلسية.

تهديد الأرمن هو تهديد للسوريين كافة
إن تركيا معنية بشكل مباشر بتقليص عديد الوجود الأرمني في سورية أو القضاء عليه وكذلك ضرب الموزايك الإجتماعي لهذا البلد، كما أنها تحاول جاهدا تبييض صفحتها العثمانية السوداء في إطار طموحها لإحياء إمبراطوريتها إنطلاقا من إستراتيجيات وأيديولوجية أحمد داؤود أوغلو. إن تهديد الأرمن أو أي تهديد آخر لمكون من مكونات المجتمع السوري هو تهديد للسوريين أجمعين، فالدولة السورية هي نموذج للتعايش يسعى البعض جاهدا إلى تدميره، في إطار معادلة صراع الحضارات الذي سيترتب عليه في المقابل تهجير للمسلمين من أوروبا، سياسات بدأت تظهر ملامحها مع بروز الحركات المتطرفة في القارة العجوز مؤخرا وفتح أبواب الهجرة أمام مسيحيي المشرق، وذلك رغم عمليات المكياج التي يحاول المجلس الوطني السوري المعارض القيام بها تحت سقف العثمانيين الجدد طبعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة